الموقع الجديد لبنك دبي الوطني في لندن (1)

كشاكيل ملونة
14:24 مساء
قراءة 3 دقائق

بنك دبي الوطني في لندن، مازال يحمل لوحة نحاسية على مدخله بهذا الاسم: بنك دبي الوطني، وكأنه يوحي لمن يزوره أنه ليس في الرمق الأخير، وأنه يقاوم اللطمات المتوالية على عارضيه للقبول بتغيير اسمه كما تم تغيير جسمه، وتغيير موقعه من مبناه القديم على شارع اسلون الى شارع مجاور، شارع بازل، في نايت بردج، وجاء هذا التغيير كلطمة أخرى، خدشت البقية من معالم وجهه، وحفرت فيه الأنواء رغم الرتوش والمكياج والبودر التي أضيفت الى الديكور المعمول في المقر الجديد، والذي كلف مساهمي البنك الشيء الفلاني من الأموال.

بنك دبي الوطني جزء من تراث دبي في معالمه الاقتصادية، وجزء من منجزات دبي الحضارية في الاقتصاد والتجارة، وجزء من مقاومة أهالي الإمارات لنفوذ الانجليز وسيطرتهم الرامية للإبقاء على التجارة في الامارات تحت مراقبة مؤسساتهم المالية كالبنك البريطاني للشرق الأوسط الذي لم يكن مديروه ممثلين تجاريين عاديين بل ممثلين للدولة البريطانية وجبروتها، وكان مدير البنك البريطاني يستطيع عن طريق الإشارة بالواير لس الاتصال اللاسلكي، في تلك الأيام، ان يحرك الجيش الانجليزي من معسكره في مطار R.A.F القوة الجوية الملكية بالشارقة، الى أي مكان في الإمارات لو اقتضت المصلحة ذلك (1) واعتقال أي شخص أو أشخاص رأى الصاحب مدير البنك، أن اعتقاله أو اعتقالهم فيه للانجليز غاية. شأن هذا المدير شأن الوكيل السياسي البريطاني في ساحل عمان وفي قوة نفوذه نفسها.

ولقد كان تأسيس بنك دبي الوطني هو البارجيل الذي تنفس التجار في دبي وفي الإمارات من خلال فتحاته الصعداء، والهواء العليل، وانشرحت بتأسيسه الصدور التي ضاقت بعنجهية البنك البريطاني، ولذلك فإن أي محاولة لازالة معالم اسم بنك دبي الوطني ومحوها هي ازالة لمعالم دبي الحضارية وقهر لتاريخ هذه المدينة العريقة التي تميزت بنشاطها التجاري لأكثر من مائة وعشر سنوات من الازدهار التجاري الذي بناه رجل البناء والعمران الشيخ مكتوم بن حشر بن مكتوم وابنه الشيخ سعيد بن مكتوم وحفيده الشيخ راشد بن سعيد بن مكتوم، ونشاهد اليوم تجديد هذا البناء وتسليط الأضواء على معالمه القوية على يد الشيخ محمد بن راشد بن سعيد بن مكتوم بن حشر بن مكتوم، ولسان حاله يردد.

نبني كما كانت أوائلنا

تبني ونفعل مثل ما فعلوا

وكان البنك البريطاني لإيران والشرق الأوسط قد فتح ثالث فرع له في دبي بعد الكويت والبحرين عام ،1946 في ديرة، رأس العبرة، باتفاق مع حكومة دبي التي التزمت بإعطاء امتياز خاص لهذا البنك الدي تأسس في ايران، واعتبر يومها بنكاً شرق أوسطياً يقيمه الانجليز في بلدان الشرق الأوسط التي تقع تحت نفوذهم بشكل أو بآخر، وهذا الامتياز هو ألا تعطي حكومة دبي مجالاً لأي بنك اجنبي ان يفتح له فرعاً في دبي، والغريب أن بنوكاً بريطانية أخرى أتت في الخمسينات من القرن الماضي وأرادت أن تفتح فروعها في دبي ولكن البنك البريطاني وقف معترضاً، واضطر البنك الشرقي وهكذا كان اسمه الى أن يذهب الى الشارقة ويفتح له فرعاً، وكنا نجد موظفين لهذا البنك يحملون حقائب يدوية يجوبون اسواق دبي طوال النهار ويتصلون بالزبائن من التجار مستقطبين ومروجين.

وللحديث صلة غداً ان شاء الله

(1) راجع ما كتبه الكاتب كرد على كتاب

(2) السيد عيسى القرق - ينابيع الذكريات في

(3) العدد 7122 من الخليج بتاريخ 18/11/1998

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"