انتقاد أوروبي خجول لـ «إسرائيل»

03:52 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

يبدو أن عنصرية «إسرائيل» وما يتخذه قادتها من قرارات في هذا الاتجاه، بدأت تثير حتى الأوروبيين، الذين تصنف معظم دولهم بأنها صديقة ل«إسرائيل»، وتربطها بها علاقات اقتصادية قوية.
فقد شقت أزمة دبلوماسية جديدة طريقها إلى سطح العلاقات بين الاتحاد الأوروبي و«إسرائيل»؛ وذلك بسبب تقرير بثته «شبكة حداشوت» قالت فيه، إن سفير الاتحاد الأوروبي لدى «إسرائيل» إيمانويل غيوفريت، قال لنواب في حزب «الليكود الإسرائيلي»: «إن رائحة عنصرية تفوح» من مشروع قانون مثير للجدل، يحظى بدعم الحكومة، ما قد يمس بمكانة «الدولة» في العالم؛ وذلك في إشارة إلى قانون يهودية الدولة، الذي تسعى حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة إلى إقراره.
وقال غيوفريت: إن مشروع القانون المذكور تمييزي، «يبعد «إسرائيل» عن المعايير المقبولة للدول الديموقراطية»، على حد قول المسؤول الأوروبي.
ورداً على التقرير، أمر رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، باستدعاء السفير غيوفريت؛ لتوبيخه، إضافة إلى اتخاذ «إجراءات إضافية» لم يتم تحديدها.
والحقيقة أن هناك بعض التناقضات، التي تطرح نفسها هنا؛ إذ إنه على الرغم من أهمية الانتقاد الأوروبي لمشروع القانون العنصري «الإسرائيلي»؛ لكن ما يدفع للدهشة؛ هو محاولة الأوروبيين تصوير «إسرائيل» على أنها واحة الديمقراطية، التي يخشون على سمعتها «النظيفة» في العالم؛ ولذا فإن انتقاداتهم عادة ما تأتي خجولة، وأشبه بابتسامات العتب في كثير من الأحيان.
فالمسؤول الأوروبي لا يريد أن يلطخ مشروع قانون يهودية الدولة، سمعة «إسرائيل» النظيفة، وكأن ما ترتكبه الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» من جرائم لم يشوه سمعة«إسرائيل»بعد !
علماً بأن مشروع القانون العنصري هذا، واجه ويواجه حتى انتقادات، وإن كانت خفيفة داخل «إسرائيل» نفسها؛ بسبب ما يثيره من جدل؛ باعتباره تشريعاً تمييزياً عنصرياً ضد العرب.
وفي معرض رده على تصريحات المسؤول الأوروبي، استغل رئيس الوزراء «الإسرائيلي» هذه التصريحات؛ ليهاجم الاتحاد الأوروبي؛ إذ جاء في بيان مكتب رئيس الوزراء، إن «الاتحاد الأوروبي لا يقوم بتمويل مؤسسات غير ربحية تحارب «دولة إسرائيل»، ويمول بناء غير قانوني (فلسطيني) فحسب؛ بل يقوم الآن بالتدخل بالتشريع الإسرائيلي»، في إشارة إلى المشاريع، التي يمولها الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي تتعارض مع لوائح البناء«الإسرائيلية».
وكما هو معلوم، فإن أحد أكثر الأقسام، التي تعرضت للانتقاد في التشريع، الذي قدمه حزب«الليكود»، والذي تأمل الحكومة في أن تتم المصادقة عليه، سيسمح للدولة ب«السماح لمجتمع يضم أشخاصاً من نفس الديانة والقومية، الحفاظ على الطابع الحصري لهذا المجتمع».
ويرى منتقدو مشروع القانون، أن هذا الجزء من النص، وهو«البند 7ب»، يسمح لبلدات، باستبعاد المواطنين العرب أو حتى مجموعات أخرى في المجتمع.
وفي محاولة منه لتبرير هذا المشروع العنصري، زعم نتنياهو، أن معظم «الإسرائيليين» يرغبون في الحفاظ على الهوية اليهودية للبلاد، مضيفاً أن «الغالبية تحكم»، على حد تعبيره.
وكانت مصادر في حزب «البيت اليهودي» القومي المتدين، قد أعلنت، أن الحزب توصل إلى اتفاق مع «الليكود» حول صيغة «لمشروع القانون تنص على أن للشعب اليهودي حقه الديني؛ لتقرير المصير في «أرض إسرائيل»، وإن«إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، الذي يحقق فيها حقه الطبيعي والثقافي والتاريخي والديني في تحقيق المصير».
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا تم تمرير هذا القانون؛ سيصبح واحداً مما تُسمى ب«قوانين الأساس»، والتي مثل الدستور يرتكز عليها النظام القانوني «الإسرائيلي»، ويكون إلغاؤها أكثر صعوبة من القوانين العادية، على أية حال سواء أقرت«إسرائيل» مشروع القانون المذكور أم لا؛ فإنها تمارس يومياً وأمام مرأى وسمع العالم أجمع، الترجمة الحرفية للعنصرية، في كل ما يتعلق بالعرب، وترتكب الكثير من الجرائم بحقهم؛ عبر سياسة الحصار والتنكيل وهدم المنازل والاعتقالات ومحاولات التهجير وتغيير الواقع الديموغرافي في فلسطين؛ وهي كلها جرائم ضد القوانين والأعراف الدولية، لا تقل خطورة عن قانون يهودية الدولة، الذي تسعى الحكومة اليمينية المتطرفة في «إسرائيل» إلى إقراره بشكل رسمي.
ولذا فإن الانتقادات الغربية الخجولة له لن تقدم أو تؤخر ما لم تأتِ في إطار رفض جدي لكل سياسات وممارسات الاحتلال «الإسرائيلي»، وجرائمه العنصرية بالكامل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"