تأزم بين واشنطن وبيونج يانج

04:00 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

بين تأكيد كوريا الشمالية أن محادثاتها مع الولايات المتحدة في السويد قد انهارت، وإعلان واشنطن أنها «جيدة»، يقف المتابعون حائرين بين موقفين متناقضين تماماً، بينما لا يحتاج منطوق القول في الحالين أي تأويل، فعبارات الموفد الكوري الشمالي كيم ميونج جيل والمتحدّثة باسم الخارجيّة الأمريكيّة مورجان أورتيجاس كانت واضحة تماماً وكشفت عن انطباعين مختلفين عما جرى في جولة مفاوضات استغرقت أكثر من ثماني ساعات.
لا يمكن أن يعزى هذا التقييم المتضارب إلى خطأ في الترجمة أو عطل في التواصل، وإنما يؤكد خللاً كبيراً وتبايناً شديداً بين الطرفين، فبعد محاولة واشنطن التقليل من حجم الخلاف وربما الالتفاف على موقف كوريا الشمالية، أصرت بيونج يانج على تأكيد المؤكد، وأعلنت أنها «ليست مهتمة» بالتفاوض إذا واصلت الولايات المتحدة سياستها. ودعت واشنطن إلى تصحيح مسارها وإبقاء المفاوضات على قيد الحياة، أو غلق باب الحوار إلى الأبد. وجاء هذا الموقف، بعدما تداولت وسائل إعلام أن الجانب الأمريكي عرض «أفكاراً خلّاقة»، وهي أفكار تكرر ما عرضته إدارة الرئيس دونالد ترامب سابقاً، وتتعلق بضرورة نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية وإنهاء التهديدات الصادرة عنها في جنوب شرقي آسيا. وما يسميه الأمريكيون «أفكاراً» يعتبره الكوريون الشماليون «شروطاً» غير قابلة للتنفيذ، بما يشير إلى بقاء الوضع في نفس الدوامة، مع الأخذ في الاعتبار أن العلاقة بين البلدين ليست على ما يرام، رغم تفاؤل ترامب ومدحه المستمر، بمناسبة أو بدونها، للزعيم الكوري الشمالي كيم جون أون.
بالمنطق الدبلوماسي، يمكن القول إن الوفد الكوري الشمالي قد كسب نقطة في جولة السويد، بينما لم يجد الجانب الأمريكي ما يعلل به الإخفاق، بل إن كبير المفاوضين في وزارة الخارجية ستيفن بيجون كشف أن واشنطن قدمت ما يمكن وصفها ب «التنازلات»، وأوضح أن العرض الأمريكي استبدل نهج استراتيجية «الكل أو اللاشيء»، الذي طالما استخدمه ترامب، بنهج «الخطوة خطوة» من أجل نزع السلاح النووي. ويبدو أن هذا التغيير، الذي جاء بعد إقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، لم يأت بنتيجة فورية، بل إنه أوقع إدارة ترامب في مأزق جديد من شأنه أن يضاعف متاعبها في هذا التوقيت.
محادثات السويد، هي مغامرة أخرى تلجأ إليها الإدارة الأمريكية، ومرة أخرى تكون الحسابات غير دقيقة، والتداعيات ربما تكون أشد. وفي الطريق إلى الفوز بعهدة رئاسية ثانية، يحاول ترامب تحقيق إنجاز خارجي يدعم به حظوظه، ولكن إلى الآن لم ينجز شيئاً ذا معنى باستثناء الحروب الكلامية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"