تجربة الانتخابات الرئاسية في مصر

05:12 صباحا
قراءة دقيقتين
لا شك في أن الشهرين المقبلين اللذين سينتهيان بحسم معركة الانتخابات الرئاسية في مصر، بجولة أولى وربما أخرى ثانية، يمثلان محطة بالغة الأهمية على طريق تنفيذ خطة الطريق التي أفرزتها أحداث ثورة 30 يونيو . بمعنى أن كل علامات النجاح التي ستبرز في هذه التجربة، ستكون في الوقت نفسه علامات على نجاح بقية خطوات خطة الطريق، بل ونجاح العهد الرئاسي المقبل، والعكس صحيح أيضاً .
فالمطلوب في تجربة الانتخابات الرئاسية المقبلة، ألا تستوعب سلبيات عهد حسني مبارك الذي أطاحته ثورة 25 يناير فقط، إضافة إلى سلبيات عهد محمد مرسي الذي أطاحته ثورة 30 يونيو . ولعل أول وأهم علامات النجاح التي نتوقعها من تجربة الانتخابات الرئاسية المقبلة، قدرة هذه الانتخابات على أن تكون ترجمة أمينة وكاملة لكل القيم التي حملها التحرك الجماهيري (بعشرات الملايين) في يناير/كانون الثاني كما في يونيو، وأبرز هذه القيم وأهمها هي تجسيد الإرادة الشعبية لعرب مصر، كصاحبة الكلمة العليا في تقرير مصير مصر، من أعلى المراتب إلى أدناها .
ويمكن القول إن ضمان إنجاز هذه المهمة يتعلق بالتأكيد بعدد من الخطوات، يمكن اختصارها بما يلي:
1- التأكيد الواضح الذي لا لبس فيه، أن مصر مقبلة على تنافس حقيقي في انتخابات رئاسية حقيقية، وليس على استفتاء على شعبية أحد المرشحين فقط، الذي يقال إنه يتمتع بأعلى درجة من الشعبية حالياً .
ولعل أول دلائل هذا الاتجاه تكمن أولاً في وجود قائمة من المتنافسين تضم ما بين خمسة إلى عشرة مرشحين جادين للرئاسة . وليس عدد المرشحين وحده كافياً، بل يجب ضمان حياد أجهزة الدولة، خاصة أجهزة إعلامها وداخليتها، إزاء كل المرشحين بدرجة واحدة، فلا تدخل مصر الانتخابات بنتيجة مضمونة ومعروفة سلفاً، أي بدرجة من النزاهة والشفافية والحيادية مطابقة لما يحدث في الدول الديمقراطية العريقة .
2- ضمان أرفع مستوى ممكن في بيانات التنافس بين المرشحين، ذلك أننا بدأنا نلاحظ منذ الآن هجوماً على مرشح معين بطريقة غير صحية، لا تشرّف المنافسة الانتخابية، ولا تشرّف الحياة السياسية في أكبر بلد عربي، في أعقاب ثورتين مجيدتين .
وكلما كان مستوى التنافس أرفع في أخلاقياته كان ذلك ضماناً لبدء انضباط الحياة السياسية في مصر، في توازن ديمقراطي ثابت . أما لجوء بيانات المتنافسين ودعاياتهم الانتخابية إلى السباب والشتائم، فإنه ينزع عن عملية التنافس أي طابع ديمقراطي حقيقي، وأي أمل بسيادة الروح الديمقراطية الحقيقية للحياة السياسية في مصر .
صحيح أن خريطة الطريق، ما زالت بانتظار الخطوة التالية الأخيرة، وهي إجراء الانتخابات النيابية . لكن من المؤكد أن السلاسة والشفافية والرقي التي ستتمتع بها الانتخابات الرئاسية القريبة، ستكون دليلاً مؤكداً على مجريات ومسيرة التنافس في معركة الانتخابات النيابية المقبلة .
إن من يراهن على قرب ارتفاع مصر للعودة إلى ممارسة دورها العربي المركزي، عليه أن يراهن على نظافة التنافس في المعركتين الرئاسية والنيابية، فكلما ارتقى التنافس في المعركتين والتجربتين، ازدادت الثقة، بدخول مصر في استعادة دورها الذي سلبتها إيّاه سياسات العهود الثلاثة الماضية: عهد السادات وعهد مبارك وعهد مرسي .

الياس سحّاب

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"