تحالف مأزوم!

03:11 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بريطانيا قد تكون لحظة فارقة في العلاقة بين الحليفين التاريخيين، إذ إنها المرة الأولى تقريباً التي تزدحم فيها شوارع لندن بتظاهرات ضد رئيس أمريكي، وتوجه له نخب سياسية بريطانية من اليمين واليسار انتقادات حادة بسبب تحريضه على «بريكست» فوضوي من الاتحاد الأوروبي، وهجومه غير المألوف على عمدة لندن صادق خان.
بعض المراقبين رأوا أن زيارة ترامب غير موفقة في هذا التوقيت الذي تعيش فيه بريطانيا أزمة سياسية سببها الخلافات المستفحلة حول «بريكست»، وهو الأمر الذي دفع رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى الاستقالة بعد فشلها المتكرر في انتزاع توافق في البرلمان. وها هو حزب المحافظين يشهد معركة لخلافتها، وسط توقعات بأن الزعيم المقبل، هو على الأغلب وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، الذي رفض عقد لقاء ثنائي مع ترامب، خشية تأثير ذلك في أسهمه في الفوز بما يطمح إليه. وربما هذه المرة الأولى أيضاً التي يتحاشى فيها مسؤول بريطاني رفيع لقاء رئيس أمريكي، إذ كانت العلاقات بين البلدين متينة إلى درجة التماهي منذ أيام رئيس الوزراء الشهير وينستون تشرشل والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بداية الحرب العالمية الثانية.
وعلى مدار نحو 80 عاماً كانت بريطانيا والولايات المتحدة في اتجاه واحد، وباستثناء خلافهما أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ظلت العلاقة ثابتة وموحدة . أما اليوم، فيبدو أن هذه القاعدة تتزعزع، وتحدث فيها تغيرات بسبب الرجة السياسية التي اجتاحت الغرب بعد فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة. ومن دون الدخول في الفرضيات المجانية، فإن أزمة العلاقة البريطانية الأمريكية ربما تسفر عن تقارب أكبر إذا نجحت خطة «بريكست»، وربما تتقهقر إلى مجرد علاقة عادية وليست خاصة، إذا تعثر الخروج ولم يتم. وما يؤكد هذا التوجه أن إدارة البيت الأبيض الحالية تتمنى خروج بريطانيا وتفكك الاتحاد الأوروبي، لتتمكن واشنطن من الاستفراد بحلفائها الواحدة بعد الأخرى، وفق ما يخدم مصالحها. لقد وعد ترامب تيريزا ماي باتفاق تجاري «مهم للغاية» بعد «بريكست»، على الرغم من أن الأمر لم يعد بيدها وهي المستقيلة. كما أن هذا التصريح قد يعود بمفعول عكسي من جانب الاتحاد الأوروبي .
خلال مشاركته مع قادة أوروبيين الاحتفال بالذكرى ال 75 ل «يوم الإنزال» في بورتسموث بجنوب إنجلترا، قال ترامب: إن الولايات المتحدة وبريطانيا بنتا «أكبر تحالف عرفه العالم على الإطلاق». وهذا الأمر صحيح، ولكن إن استمرت السياسات الحالية، فمن الممكن ألا يظل التحالف ثابتاً لا يتغير، فالمياه بين ضفتي الأطلسي متحركة جداً وتياراتها عاتية، وكذلك العلاقات الدولية التي تعرف تقلبات شديدة وإعادة رسم للسياسات والخرائط.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"