تفاؤل اقتصادي مصري (1 - 2)

02:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. أيمن علي*

بعد قرار مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية ستاندرد أند بورز في مايو/أيار الماضي رفع تصنيفها الائتماني لمصر، أعلنت مؤسسة موديز بنهاية أغسطس/آب رفع تصنيفها الائتماني لمصر أيضاً، والقاسم المشترك في الحالتين هو تعديل النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من «مستقرة» إلى «إيجابية». مع ذلك يظل التصنيف الائتماني للديون المصرية في مستوى أقل من ذلك الذي يشجع الاستثمار (B3) وإن كان التزام الحكومة حتى الآن ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته قبل عامين يشجع على التفاؤل. وهو البرنامج الذي يتم بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ضمن اتفاق لإقراض مصر 12 مليار دولار على دفعات لدعم خططها لإصلاح اقتصادها.
في تفصيل قرارها بالتعديل الإيجابي للتصنيف الائتماني لمصر، أشار تقرير موديز إلى أنه استند لعاملين: أولهما بالطبع ‏تحسن مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي نتيجة التزام الحكومة بخطة إصلاح اقتصادي وضبط نقدي شديد، وثانيهما تراجع ‏مخاطر عدم الاستقرار السياسي الذي قد يغير من ذلك التوجه الذي أدى إلى التحسن. بالطبع هناك العوامل الخارجية ‏والمرتبطة بالسوق العالمي والتي قد تؤدي إلى زيادة هائلة في خدمة الدين الخارجي وتجعل من الصعب الاقتراض من ‏الأسواق الدولية.‏ هذا «الاستقرار السياسي» هو الذي يدفع للتفاؤل بإمكانية استمرار زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من أكثر من 4 في المئة حاليا إلى نحو 6 في المئة وأكثر.
وخلال زيارة سريعة لمصر مؤخرا، لاحظت أنه لا يوجد أي مؤشر على احتمال تغيير هذا الاستقرار السياسي على الرغم من أن تبعات الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ مطلع 2011 وأدت لتغييرات هائلة في السلطة لم تنته بعد. ومع أن الشكوى من صعوبة ظروف المعيشة، وغلاء الأسعار الهائل (ما زال معدل التضخم قريبا من 30 في المئة رسميا، ناهيك عن الذي يشعر به الناس)، هي المهيمنة على أحاديث الناس إلا أن وصول ذلك إلى درجة احتقان تؤدي إلى اضطرابات سياسية/اجتماعية لا يزال بعيدا. وربما لهذا تبني مؤسسات التصنيف الدولية، وغيرها ممن يتابعون الوضع في مصر عن كثب، توقعاتها لاستمرار التحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي ما يجعلها تعدل نظرتها إيجابا.
توقع تقرير اللجنة التي كلفتها موديز لبحث تصنيف مصر أنه في حال استمرار السياسة الاقتصادية الحالية، سيتراجع عجز الميزانية بدءا من العام القادم بل وربما تحقق ‏الحكومة فائضا للمرة الأولى منذ نحو 20 عاما من العجز المستمر في ميزانيتها. ويعود ذلك بالطبع لإجراءات مؤلمة ‏اجتماعيا وخطرة سياسيا مثل زيادة ضريبة القيمة المضافة من 13 في المئة إلى 14 في المئة منتصف العام الماضي ‏وقانون الخدمة المدنية الذي يضبط فاتورة أجور القطاع العام وتراجع فاتورة دعم الطاقة العام الماضي إلى 4.1 في المئة ‏من الناتج المحلي الإجمالي مع توقع بأن تقل عن 1 في المئة بحلول عام 2020. ويلاحظ هنا أن الحكومة وفرت ما بين 40 ‏إلى 50 في المئة من أسعار الطاقة للمستهلكين التي كانت تتحملها نتيجة سياسة الدعم، ويتوقع بنهاية العام القادم أن تنهي ‏الحكومة دعم الطاقة تماما ليصبح أسعار الوقود والغاز للمستهلك حراً تماماً ومرتبطاً بأسعار السوق ما يجنب الحكومة تحمل ‏أي صدمات نتيجة تقلب أسواق الطاقة العالمية. ‏

*كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"