توقعات إيجابية للاقتصاد المصري

05:23 صباحا
قراءة 4 دقائق


أيمن علي

كثرت التحليلات الاقتصادية والتقارير والتقديرات من مؤسسات وشركات عالمية حول "جرأة" الحكومة المصرية الحالية في اتخاذ إجراءات لم تقدر عليها أي من سابقاتها، ولا حتى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك . واتسمت التحليلات بالإيجابية، معتبرة أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي خفض دعم المحروقات وضغطه على الحكومة لخفض عجز الموازنة هي خطوات نادرة "ترضي" المؤسسات الدولية وتمهد لعودة الثقة بالاقتصاد المصري . والمقصود هنا بالطبع هو أن تلك الخطوات لطالما طالب بها صندوق النقد الدولي ولم تتمكن الحكومات المصرية المتعاقبة من اتخاذها لتبعاتها الاجتماعية والسياسية .
لكن بغض النظر عن تلك التعميمات، هناك مؤشرات متواترة حول تحسن في أداء الاقتصاد المصري في الأشهر الأخيرة من دون أن يقلل ذلك من حجم التحديات التي تواجه جهود إنعاش الاقتصاد . فتوقعات التحسن في الاقتصاد المصري تعززها بيانات قطاعات مختلفة، فحسب أحدث بيانات البنك المركزي زاد إنتاج الأسمنت بنسبة 4 .6 في المئة وزاد استهلاكه بنسبة 8 .8 في المئة في إبريل/نيسان بزيادة مطردة للشهر الرابع على التوالي . ويعد ذلك مقياساً على توسع النشاط في قطاع البناء والإنشاءات .
مؤشر مهم آخر هو تراجع معدلات البطالة في الربع الثاني من العام مقارنة مع الربع الأول لتصل إلى 3 .13 في المئة مقابل 4 .13 في المئة للربع الأول من العام الجاري . وتوقع تقرير لمؤسسة "آي إتش إس" للبحوث تراجع معدلات البطالة في الاقتصاد المصري على مدى السنوات الخمس المقبلة، ليصل إلى 6 .10 في المئة عام ،2019 مع نمو الاقتصاد بشكل مطرد خلال هذه الفترة . وتراجعت البطالة في المناطق الحضرية إلى 15 في المئة من 5 .16 في المئة للربع الأول، بينما زادت البطالة في المناطق الريفية من 11 في المئة إلى 9 .11 في المئة . وقدّر التقرير انخفاض معدلات البطالة في مصر إلى 2 .12 في المئة العام المقبل ،2015 لتصل في نهاية السنوات الخمس إلى 6 .10 في المئة . وأرجع التقرير التحسن في معدلات التشغيل في الاقتصاد المصري إلى حزمة التنشيط المالي، الممولة في الأغلب من الدعم الخليجي لمصر، وعودة الاستقرار السياسي إلى البلاد . وإن خلص التقرير إلى أن سوق العمل ما زال ضعيفاً، خاصة في قطاع السياحة بسبب المخاطر الأمنية .
هذا التحسن الطفيف في فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد المصري لا يقلل من جسامة التحديات . وما زالت معدلات البطالة مرتفعة، ومع أخذ معدلات النمو السكاني في الاعتبار تحتاج مصر إلى أكثر من مضاعفة الجهود للحد من زيادة معدلات البطالة قبل الحديث عن التغلب عليها . كان معدل البطالة عام 2010 عند 9 في المئة، بينما حقق الاقتصاد نمواً بنسبة 1 .5 في المئة . وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر فهناك الآن 7 .3 مليون عاطل عن العمل في البلاد من بين قوة العمل البالغة 6 .27 مليون مصري . ونحو 70 في المئة تقريباً من العاطلين عن العمل هم من الفئة العمرية 15 29 سنة ويحملون شهادات متوسطة أو جامعية .
حسب أحدث تقديرات البنك الدولي، في تقرير له صدر في أغسطس/آب، تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى نمو اقتصادي بنسبة 5 .6 في المئة سنوياً لتتمكن من توفير 30 مليون وظيفة في السبع السنوات المقبلة من 2014 إلى ،2020 وذلك لخفض معدلات البطالة العالية في دول المنطقة . وفي حال نمو الاقتصاد بنسبة 5 في المئة في السنوات السبع يمكن لاقتصادات المنطقة توفير 24 مليون فرصة عمل، ما يعني عدم زيادة معدلات البطالة على الأقل في ظل نمو السكان الطبيعي . ولطالما كانت "المشكلة السكانية" متكأ لكافة الحكومات المصرية منذ نهاية السبعينات لتبرير عجزها عن حل مشكلة البطالة . وإذا نظرنا إلى تقديرات البنك الدولي، فإن الاقتصاد المصري أمامه شوط طويل قبل أن يشرع في التغلب على معدلات البطالة بشكل كبير . فمن نسب نمو ما بين 5 و6 في المئة في السنوات التي سبقت ،2011 يؤمل الآن في تجاوز حاجز الثلاثة في المئة لنمو الناتج المحلي الإجمالي . وهناك مؤشرات تحسن في الأشهر الأخيرة، فمقابل نمو الاقتصاد بنسبة 9 .1 في المئة في العام المالي 2012-2013 يتوقع نمو الاقتصاد بنسبة 3 .2 في المئة في العام المالي 2013-2014 ترتفع إلى 1 .3 في المئة في 2014/2015 (العام المالي في مصر من يوليو/تموز إلى يونيو/حزيران) .
من التحديات الرئيسية أيضاً أن قدراً كبيراً من التحسن الحالي، إضافة إلى عوامل عودة الاستقرار السياسي والأمني نسبياً، يعود إلى الدعم المالي المباشر لمصر من دول الخليج وفي مقدمتها الإمارات . ولا يمكن التعويل على استمرار هذا الدعم، بل تحتاج القيادة الجديدة في مصر إلى إجراءات حاسمة وربما مؤلمة اجتماعياً وخطرة سياسياً للاستفادة من توفر الأموال الآن لإصلاح أكبر قدر من الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المصري للتأسيس لانطلاقة مبشرة في غضون أربع سنوات مثلاً .
حقق الاقتصاد المصري نموا بنسبة 5 .2 في المئة في الربع الثالث من العام المالي 2013-2014 بسبب الزيادة في معدلات الاستثمار التي حققت نمواً بنسبة 1 .1 في المئة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب نتيجة خطط التحفيز الحكومية . وحسب بيانات وزارة التخطيط المصرية شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري استثمارات مطبقة بلغت 5 .64 مليار جنيه مصري، بزيادة بنسبة 1 .12 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي . وكانت الحكومة طرحت حزمتين للتحفيز الاقتصادي في أغسطس/آب 2013 بقيمة 30 مليار جنيه وفبراير/شباط 2014 بقيمة 34 مليار جنيه . ربما لا يستمر هذا التيسير المالي وخطط التحفيز، لكن طرح المشروعات الكبرى أيضا بحاجة إلى إعادة نظر في البيروقراطية الحكومية التي تكلست عجزاً وفساداً في العقود الأخيرة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"