جانتس بوجه نتنياهو

03:41 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

في كل مرة، وبعد أي انتخابات ل«الكنيست» تتناحر الأحزاب «الإسرائيلية» حول من يتولى رئاسة حكومة الاحتلال، ومن يدير مشروعها الاستعماري، بينما يبقى الفلسطينيون في واقع لا يتغير أبداً، بسبب مواجهتهم عدواً واضحاً، وإن اختلفت وجوه قياداته. ويتكرر هذا الأمر بعد الانتخابات الأخيرة، إذ تدور معركة حالياً بين من سيتولى الحكومة المقبلة، أهو المتطرف بنيامين نتنياهو زعيم حزب «الليكود»، أم جنرال المجازر بيني جانتس قائد حزب «أبيض أزرق».
بالنسبة إلى الفلسطينيين لا اختلاف بين نتنياهو وجانتس، فكلاهما مهووس بمشروع «إسرائيل الكبرى»، وكلاهما ولغ في الدم الفلسطيني والعربي، ومازال يستزيد. ولمن يظن أن التخلص من الأول لمصلحة الثاني أمر جديد، فسيقع في وهم كبير، ويفيق على فواجع أكبر. وبينما يشعر نتنياهو بأن ساعة مغادرته الساحة السياسية قد أزفت، يشعر جانتس بأنه لم يبدأ بعد، وسيكون لديه ما يفعل، مدعوماً بسجل عريض من الأعمال الفظيعة عندما كان رئيساً لهيئة أركان جيش الاحتلال، فهو من قال يوما إنه أعاد غزة إلى العصر الحجري عندما قاد العدوان عليها عامي 2012 و2014. وحين دخل «العمل السياسي» تعهد بأن يحافظ على كل ما اغتصبته «إسرائيل»، وابتلاع الضفة الغربية بالكامل، وتوسيع المستوطنات، والتمسك بالقدس المحتلة عاصمة أبدية، وتشديد القبضة العسكرية على المدن، والقرى الفلسطينية، فضلاً عن الرفض القاطع لمناقشة حق عودة اللاجئين. بمعنى آخر أن الحالمين ب«السلام» لن يجدوا ضالتهم في هذا الجنرال الذي تلاحقه جرائم حرب وإبادة في قطاع غزة، على الخصوص، ويعود تاريخه الدموي إلى حصار بيروت عام 1982 مروراً بالانتفاضتين الأولى، والثانية.
لا يختلف جانتس عن نتنياهو، إن لم يكن أسوأ، بدليل ما ذكرته عنه صحيفة «هآرتس» في فبراير/ شباط الماضي، ضمن التحضير لانتخابات إبريل/ نيسان، حين عنونت على لسانه «صوتوا لي: أنا أكثر شراً من نتنياهو، لكنني نظيف»، وحين أعرب عن طموحه إلى رئاسة الحكومة قائلاً «أشكر بنيامين نتنياهو على خدماته لمدة عشر سنوات. سنتولى البقية من الآن فصاعداً»، والبقية تعني المسار نفسه الذي تسير فيه كل حكومات الاحتلال منذ أكثر من 70 عاماً. وتشير كل المعطيات إلى أنْ لا شيء يتغير إذا ذهب نتنياهو وجاء جانتس، وحتى إذا تم اللجوء إلى انتخابات ثالثة فلن تفرز جديداً، وستبقى «إسرائيل» هي «إسرائيل».
وإذا تسلم جانتس الحكومة فلن يستبشر الفلسطينيون بخير، وفي أحسن الأحوال سيسير على درب نتنياهو، أما المتوقع فسيكون أكثر تطرفاً. وأمام اغتصاب فلسطين، وتصفية شعبها، وقضيته، لا يوجد يمين، أو يسار في حكومة الاحتلال، إذ كلهم متطرفون، ومتعطشون للتوسع، وخدمة دولتهم اللقيطة. ففي وقت من الأوقات تم تصوير إسحق رابين بأنه «رجل سلام»، وعندما اغتيل اعتبروه ضحية، وهو الذي أمر في الانتفاضة الأولى بكسر عظام أطفال الحجارة، وما زالت الشواهد قائمة. وبتلك السياسة ضحكت «إسرائيل» على العالم، قبل أن تميل ميلة واحدة، وتتنكر لكل شيء، وصولاً إلى جانتس.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"