خيارات جونسون المحدودة

04:01 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

عودة البرلمان البريطاني إلى استئناف جلساته عملاً بقرار المحكمة العليا إبطال تعليقه، يضع رئيس الوزراء، بوريس جونسون، في قلب معركة دقيقة، بعد أن تلقى هزيمة سياسية من القضاء، لتنعكس عليه هجمات شديدة، ودعوات إلى استقالته، وسط مؤشرات على أن المملكة المتحدة ستدخل في أزمة سياسية عميقة مفتوحة على كل الاحتمالات.
جونسون الذي قطع مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن أجرى لقاءات مع زعماء عالميين، من بينهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الغارق بدوره في أزمة، سيواجه وضعاً سياسياً مختلفاً عما كان عليه قبل رحلته إلى نيويورك. فقد أصبحت مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي معضلة مرهقة للجميع، وبينما لا يستبعد جونسون تنفيذ «بريكست» فوضوي مع نهاية أكتوبر/‏ تشرين الأول المقبل، تصر أغلب الأطراف السياسية على ضرورة التوصل إلى اتفاق تجنباً لأي أضرار اقتصادية، أو اجتماعية، في الوقت الذي يقول فيه الأوروبيون إن وضع نظرائهم في بريطانيا ضبابي، وغير واضح، ويستبعدون تقديم أي تنازلات في هذا الشأن. وتقول مصادر في لندن إن جونسون لم يعد لديه مجال واسع للمناورة في ظل تدخل المحكمة العليا التي ربما تلجأ إلى إصدار حكم لتنظيم خروج هادئ من الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، سيحاول رئيس الوزراء الدفاع عن خطته من أجل تنفيذ «بريكست» في موعده، مراهناً في ذلك على نجاح محتمل يمكن أن يجعل منه رمزاً للمناوئين للاتحاد الأوروبي. وفي محاولة لتحقيق هذا النجاح، ما زال جونسون يطالب بإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً أن نتيجتها ستكون المحدد الحقيقي لطموحه، أو الانسحاب مثقلاً بالفشل.
المشكلة الأكبر التي تواجه رئيس الوزراء البريطاني تتمثل في تصدع حزب المحافظين بشأن «بريكست»، بينما تسعى المعارضة، ممثلة في حزب العمال، للاستفادة من هذا الوضع، إذ أكد زعيمه، جيرمي كوربن، أن الأولوية الآن لمنع الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وتعزز هذا الموقف بتأكيد المدعي العام البريطاني، جيفري كوكس، على أن الحكومة ستلتزم بقانون أقره البرلمان يقضي بتأجيل «بريكست» إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بحلول 19 أكتوبر.
تكشف هذه الخريطة السياسية أن جونسون ربما يجد نفسه وحيداً في مواجهة مؤسسات الدولة العريقة، بعدما وضع نفسه أمام خيارات محدودة جداَ، تبدو فرص نجاح أي منها ضعيفة. وبعد التطورات الأخيرة، لن يستطيع جونسون عدم الامتثال لقرارات القضاء بما يهدد تقويض الديمقراطية، وإذا استحال عليه هذا الأمر، لن يبقى أمامه سوى الاستقالة، أو ينطلق في مغامرة خطرة بطلب تعليق البرلمان مرة أخرى، وهو سيناريو سيزيد في تعقيد مهمته، وتشديد الحملة ضده.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"