صفة القيادة الرشيدة

05:44 صباحا
قراءة دقيقتين

الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، عبر في لقاء له مع طلبة كلية الإعلام في جامعة زايد، وبكلمات مختصرة ومفيدة، أن نجاح القائد لا يتحقق من دون التواصل مع الناس، وأن النجاح لا يتحقق للقائد وهو جالس في مكتبه من دون جهد متواصل .

هذا الكلام الجميل يعبر تعبيراً واقعياً عمّا ينبغي أن تكون عليه القيادة في أي مجتمع متطور، وبغير هذه الواقعية، وإذا لم تكن هذه الواقعية ملموسة وحقيقية، فإن التراكمات السلبية تتكاثر في حياة الناس، وتتولد الفجوات، وتؤدي إلى أن يسود شعور بأن هناك حجاباً بين أفراد المجتمع وقيادتهم، والبعيد عن العين، يكون بعيداً عن القلب، كما يقول المثل في الأثر .

وفي الإمارات كانت القيادة ومازالت تتمتع بالرشاد في التواصل مع الناس، وكان أي فرد يستطيع أن يذهب إلى الحاكم في بيته، ويخرج من عنده مرتاحاً، لأنه على الأقل أفرغ ما في جعبته من المشكلات، ووجد من يستمع إليه ويعطيه اهتماماً . . لم يكن هناك أي حجاب وحُجاب بين الحاكم وأفراد الرعية، وكان المبدأ الذي سنه الإسلام للحاكم الرشيد قائماً . . كلكم راع، وكلّكم مسؤول عن رعيته، وكانت هذه الرعاية متبادلة بين الناس وقيادتهم . . فعندما تصبح القيادة مراعية للناس، ويشعر الفرد بأنه يلقى الرعاية من قيادته، يزداد ولاءً لهذه القيادة، وتزداد في نفسه المشاعر الأسرية التي تربطه بالقيادة، ويؤدي ذلك إلى الاستقرار النفسي والإيجابية، فيبتعد الفرد عن الخضوع لأي آراء شاذة أو ضارة بمجتمعه .

ولعلنا لا نذهب بعيداً في القول، إن المجتمعات المضطربة اليوم من حولنا، ترجع أسباب اضطرابها بالدرجة الأساسية إلى الفجوة التي وجدت بين القيادة وبين الناس، ففي أكثر هذه المجتمعات المضطربة أصبح من النادر أن يتواصل فرد عادي مع مسؤول إداري . وجلس هؤلاء المسؤولون الإداريون في أبراج عاجية يفصلهم عن الناس البوّاب والحاجب والعسكر، وهؤلاء الحُجّاب أضفوا على هذا المسؤول ألقاباً من الفخامة لا يجد المرء لها موضعاً في قاموس العربية، لأن القيادة عند العرب الأولين كانت بسيطة، وجاءت الفخامة اللقبية والوجاهية من عند العجم، كالفرس والترك وغيرهم . .

ما قاله الشيخ محمد بن راشد في مستهل هذا الحديث، عن أن نجاح القائد لا يتحقق إلا بالتواصل مع الناس، يجسد حقيقة واقعة، هي أن الإمارات ستظل واحة للاستقرار والأمان والمودة المتبادلة بين الناس والقيادة، ويعطي كلام الشيخ محمد، حفظه الله، كل مسؤول في الدولة تنبيهاً، أن عليه ألا يغلق أبواب مكتبه وهو بداخله، في وجوه الناس، وألا يتسبّب في ضعضعة الثقة الموجودة بين الناس والقيادة . . وأي مسؤول إداري لا يستطيع أن يجابه الناس والمراجعين، عليه أن يترك منصبه لغيره أو لمن هو أكفأ منه . . ومن يقرأ كتاب الشيخ محمد رؤيتي، يجد أنه وجّه مثل هذا التنبيه في أكثر من موضع في كتابه .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"