صفقة «بريكست» المتعثرة

04:14 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

وضع تعثر اتفاق الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وحزبها في وضع لا يحسدان عليه، بسبب الضغوط متعددة الخلفيات المسلطة على صناع القرار في لندن، وأصبح نجاح ماي في تجاوز هذه الأزمة رهن تحقيقها توافقات تبدو مستحيلة، فهي تواجه صراعاً داخلياً مع جناح واسع من «المحافظين»، وتخضع لضغوط كبيرة من حزب «العمال» المعارض، فضلاً عن المعركة المفتوحة مع المفاوض الأوروبي.
من آخر الضغوط الممارسة على ماي، التقارير التي تقول إن 70% من البرلمانيين من حزب المحافظين يريدون منها أن تستقيل من منصبها بحلول يونيو المقبل، أو مواجهة محاولة أخرى من المشرِّعين لإطاحتها، بعد فشلها المتكرر في الحصول على موافقة البرلمان لتمرير خطة يتم بمقتضاها تنفيذ «بريكست» آمن، فقد أخفقت في الوفاء بتعهدها بالخروج يوم 29 مارس الماضي، ثم في 12 أبريل الجاري، والآن هناك موعد جديد في 31 أكتوبر المقبل.
وتؤكد المؤشرات أن آليات العمل التي تتبعها ماي لن تمكنها من الوصول إلى تحقيق الهدف. والمشكلة الرئيسية تتعلق بانعدام التوافق داخل البرلمان على نهج واضح، وهو ما قد يستدعي اللجوء إلى الانتخابات المبكرة. وبالنسبة إلى أنصار الخروج، تعتبر الانتخابات مغامرة بكل شيء، بعدما أظهر آخر الاستطلاعات أن حزب «العمال» بقيادة جيرمي كوربين مرشح للفوز، وفي حال تسلمه رئاسة الحكومة فسيعيد النظر في نتيجة استفتاء 2017 عن طريق إجراء استفتاء عكسي، في ضوء الأصوات المتعالية والداعية إلى مقاومة كل سياسات الخروج والبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.
على الضفة الأخرى، لا تُبدي بروكسل مرونة كبيرة في التعامل مع لندن في مأزقها. كما تبدو بعض المواقف والتصريحات تماثل «الحرب النفسية»، لا سيما مع اقتراب انتخابات البرلمان الأوروبي. وعلى الرغم من أن الوضع الراهن يسمح للبريطانيين بالمشاركة في هذه الانتخابات، فإنه من غير المفهوم مشاركة الناخبين البريطانيين في الاقتراع، بينما بلادهم ترغب في مغادرة الاتحاد.
وقد أحدثت هذه المشكلة انقساماً لدى البريطانيين والأوروبيين على السواء. ويلاحظ أن أنصار البقاء يتزايدون مقابل اضطراب موقف الداعين إلى «بريكست»، وهو ما عبر عنه مؤخراً، رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك حين أعلن أن «حلم» عدول بريطانيا عن الخروج من التكتل لم يمت. ولكن الأمر يتعلق بالبريطانيين أنفسهم، وعليهم أن يقرروا مصيرهم في هذه القضية.
وبما أن هذه المرحلة من السياسة الدولية يطغى عليها «منطق الصفقات»، فإن مساعي الحكومة البريطانية الحالية تتوالى أمام العقبات لإبرام صفقة مع الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن معادلة الربح والخسارة والتنازلات والمكاسب هي السائدة في كل هذا الجدل المتعدد المحاور، ومن غير المستبعد أن تتغير الظروف في الأشهر المقبلة، وقد يصبح الحديث مختلفاً ولا يتعلق ب«بريكست»، وإنما بنقيضه، وذلك عندما تتغير الحسابات ويكون للصفقة معنى آخر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"