عالم متجدد ... الدعاء الجماعي

02:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
الدعاء الجماعي له أشكال مختلفة ومناسبات مختلفة ايضاً، ففي بعض البلاد يدعون الدعاء الجماعي في أعقاب الصلوات المفروضة وفي مناسبات أخرى مثل الانتهاء من الأكل أو الاجتماع في بيت جديد أو في مجلس.- وبعضهم يدعون الدعاء الجماعي في مناسبات دينية فقط كالقنوت والاستسقاء وربما عقب الصلاة المفروضة ايضاً.- وصورة الدعاء الجماعي ان يدعو الإمام أو الشيخ أو الضيف، ويؤمن الجماعة أو حضور المجلس خلفه مباشرة.- الدعاء لا شك أنه مشروع ومتفق على مشروعيته لأنه أفضل الاذكار ولا سيما إذا كان بالمأثور في الكتاب والسنة، وقال عليه الصلاة والسلام: الدعاء مخ العبادة أو الدعاء هو العبادة وقد قال الله تعالى: ادعوني أستجب لكم.- لكن الخلاف في كونه مشروعاً فردياً أو مشروعاً جماعياً بحيث ان أحدهم يدعو وسائرهم ساكتون خلفه ولا يقولون إلا آمين.- فالذين قالوا بأن الدعاء مشروع فردياً استدلوا بفعل الرسول صلى عليه وسلم في اعقاب الصلوات، حيث أن أصحابه كانوا يجهرون بالتهليل والتسبيح والتكبير وسائر الأدعية والأذكار عقب الصلوات، لكن كل واحد منهم يدعو لنفسه بنفسه.وقد ذكر ابن تيمية في باب الأدعية أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر معاذاً أن يقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.- وقد فهم ابن تيمية وغيره من مثل هذا الحديث بأن الدعاء الفردي، ودبر الصلوات قد يعني بعد الانتهاء وقد يعني قبل الانتهاء.لذلك فإن ابن تيمية قال: أما دعاء المأمومين مع الامام جميعاً فلا ريب أن النبي لم يفعله في أعقاب المكتوبات، لكن ذكر بعد ذلك بأن العلماء لهم ثلاثة اقوال في ذلك:1- يرى بعض أصحاب مالك وأحمد وابي حنيفة بأنه مستحب عقيب الفجر والعصر. 2- يرى بعض أصحاب الشافعي بأنه مستحب في أدبار الصلوات كلها سراً، ولا يجهر به إلا إذا أريد التعليم.3- بعضهم قال بأن الدعاء مشروع فردياً وجماعياً، واستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يؤم رجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم (رواه الترمذي).واستدلوا ايضاً بما رواه الحافظ بن حجر في فتح الباري عند شرحه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا أمن القارئ فأمنوا، فإن الملائكة تؤمن.وورد في الحديث ايضا أن الرسول قال: لا يجتمع ملأ فيدعو القارئ ويؤمن البعض إلا اجابهم الله (رواه الحاكم والطبراني بسند صحيح).- فالحديث الأول: لا يؤم رجل قوماً...، قال ابن الأثير: يفهم منه أن الدعاء مقصود به الدعاء الذي في الصلوات كالقنوت والاستسقاء.- لكن الحديث الآخر الذي قال: لا يجتمع ملأ الى آخر الحديث، قال عنه ابن حجر بأن القارئ قد يراد الإمام، وقد يراد به العموم.- أقول: ما ينبغي أن نضيق على الناس ما كان واسعاً، إذ لا أعتقد بأن الله يدخل النار اقواماً لأنهم كانوا يدعون ويستغفرون ويهللون ويكبرون.وإننا نعلم اليوم بأن معظم المجالس يشتمل على اللهو ولغو القول، فهل ننكر على بعض الناس إذا ختم مائدته بالدعاء أو اختتم مجلسه بالدعاء، بدلاً من أن يختتمه بالأغاني مثلا؟لا أعتقد أن ذلك يعد بدعة، فالبدعة ما احدث فساداً في الدين لا إصلاحاً، واننا عدنا اليوم نجهل الأدعية، فما احوجنا الى قارئ يجهر بالدعاء ليعلمنا كيف ندعو، وما احوجنا الى مجلس يجمعنا، والقوم لا يلهيهم إلا ذكر الله.انصح كل من في قلبه مثقال ذرة من الخير ألا يضمر شراً لأحد، فخير الناس انفعهم للناس.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"