عهد التميمي تعانق الحرية

03:21 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

بعد ثمانية شهور قضتها في زنازين الاحتلال، عادت المناضلة الفلسطينية عهد التميمي، وأمها ناريمان التميمي، إلى الحرية من جديد؛ بعدما تحولت عهد إلى رمز وأيقونة حقيقية للنضال الشعبي الفلسطيني.
عادت عهد ابنة السبعة عشر ربيعاً؛ لتعانق الحرية من جديد، وتتنفس هواء وطنها،الذي عشقته، كما هي الحال بالنسبة للملايين من أبناء الشعب الفلسطيني المُكافح؛ من أجل استعادة حقوقه الوطنية المغتصبة.
لكنها عادت بنفس الروح النضالية، التي دخلت فيها سجن الاحتلال، مخيبة أمل «الإسرائيليين» بأن يوقفها الاعتقال عن مواصلة كفاحها، داعية أبناء الشعب الفلسطيني إلى مواصلة الحملات التضامنية، التي كانت تنظم لمساندتها، حتى تحرير كافة الأسيرات والأسرى من سجون الاحتلال «الإسرائيلي». مؤكدة أن «القدس كانت وما زالت وستبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية»، وأن «قانون القومية عنصري»، وتمنت أن «يكون السلام الخيار في كل زمان وكل وقت، وأن تسود قيم المساواة والعدل العالم، وتبتعد كافة الدول عن الحروب».
كان عمر عهد التميمي 12 عاماً فقط، عندما لم تحتمل مشهد محاولة أحد جنود الاحتلال اعتقال شقيقها الأصغر؛ لتهاجمه ببراءة وذكاء صارخة في وجهه: «كبرنا في فلسطين وربينا.. ونحن ما بنخافكم.. ليش فيك تعتقل الأطفال الصغار!»، صرخة قالتها تلك الطفلة الفلسطينية، قبل أعوام، اتبعتها بعض الجندي «الإسرائيلي» من يده في محاولة للدفاع عن أخيها، بما تملكه من قوة طفولية.
وبعد سنوات قليلة، عادت عهد إلى عهد قطعته على نفسها، بألّا تخاف الاحتلال؛ حيث صفعت في ديسمبر/‏كانون الأول الماضي، أحد جنوده على وجهه، فأحرجت تلك المؤسسة العسكرية «الإسرائيلية»، التي اعتمدت منذ إقامة «إسرائيل» على القمع ومحاولات تخويف الشعب الفلسطيني؛ لتأمين المشروع «الإسرائيلي» العنصري الاستيطاني في فلسطين.
لم تصفع عهد التميمي، ذلك الجندي «الإسرائيلي»، الذي يمثل الاحتلال والجرائم «الإسرائيلية» المتواصلة بحق وطنها وشعبها الصامد وحسب، وإنما وجهت صفعة للاحتلال كله، وللسياسة الاستعمارية العنصرية، التي تمارسها الطغمة العسكرية في «إسرائيل»
وبكفها الصغير وجهت عهد التميمي في الوقت ذاته صفعة لكل المراهنين على السلام مع الاحتلال، والقبول بإملاءاته بحجة البحث عن السلام، ولكل المترددين في مواجهة المشروع «الإسرائيلي»، الذي أثبتت الأيام أنه مشروع استعماري توسعي، لا يمكن التعايش معه أبداً.
ولذلك كانت عهد رسالة مقاومة بكل ما في الكلمة من معنى، وتحولت جميلة فلسطين، إلى أيقونة حقيقية للنضال الوطني الفلسطيني العادل.
وسجلت موقفاً بطولياً ليس بجديد على الشعب الفلسطيني، الذي يدرك المحتل «الإسرائيلي» استحالة خضوعه وتطويعه مهما كانت قوة الاحتلال.
ولأنها باتت الوجه الأكثر وضوحاً في المقاومة الشعبية العادلة؛ تسابق الكثير من الفنانين لرسم صورة عهد في شوارع الأرض المحتلة، وهو ما آثار حفيظة الاحتلال، الذي ظن أن سجن عهد سيقضي على روحها النضالية، فاستقبلت جميلة فلسطين ووالدتها، كما يليق باستقبال الأبطال؛ حيث اجتمع الآلاف لاستقبالها، فيما رسمت لوحة جدارية عملاقة لعهد التميمي على جدار الفصل العنصري في بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة؛ لتواكب الإفراج عنها.
لوحة رأى فيها الاحتلال تعبيراً جديداً عن المقاومة؛ فأقدم على اعتقال الرسام الإيطالي جوريت اغوتش الذي رسمها مع زميل له؛ ليثبت من جديد أنه ليس سوى قوة استعمارية، يجب مقاومتها بكل السبل والوسائل، وفي مقدمتها النضال الشعبي، الذي مثلت عهد التميمي صورته بشكل كبير، مثلما مثلت والدة عهد التميمي صورة الأم الفلسطينية؛ وهي تدعو الأهل؛ لتشجيع أبنائهم على النضال ومواجهة الاحتلال، قائلة: «لا تخشوا على أبنائكم من الاعتقال، أولادنا ملح هذه الأرض، قوتنا بوجودنا، ونحن مؤمنون بنضالنا وبفكر أبنائنا».
إنها صورة نضال جديدة يقدمها الشعب الفلسطيني المناضل المكافح بصبر وعناد؛ من أجل تحرير وطنه واستعادة حقه السليب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"