فلسطين في الضمير الأوروبي

05:19 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يؤكد تحرك لوكسمبورج لدفع الاتحاد الأوروبي لاعتراف جماعي بدولة فلسطين حالة الوعي الدولية ضد سياسات الاحتلال «الإسرائيلي» وضرورة التصدي لانتهاكاته وتجاوزاته للقانون الدولي وبالانتصار لمبادئ الحق والعدل، على الرغم من التحالفات الشريرة والمؤامرات القذرة التي تعرضت لها القضية الفلسطينية على مر عقود سبعة، ومازالت بعض القوى المعادية للشرعية الإنسانية تتوهم أن بإمكانها تنفيذ مخططاتها وتزوير التاريخ والوقائع.
رسالة وزير خارجية لوكسمبورج جان أسلبورن إلى الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بشأن نقاش الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تعني أن قضية هذا الشعب موجودة في الضمير الأوروبي، وطرحها في هذا التوقيت جاء بمثابة اللطمة على وجه «إسرائيل» وأثارت الذعر والضغينة في نفوس قادتها، ما دفعها إلى توجيه سفرائها في أوروبا إلى العمل على إحباط هذا التحرك بشن حملة إعلامية، لا تخلو من تحريض، ولكنها فشلت في منع إدراجها على البروتوكول الخاص بمجلس الاتحاد الأوروبي المقرر عقده الشهر المقبل، بما يعني أنها ستصبح وثيقة رسمية مطروحة للنقاش، وإن لم يتم البت فيها قريباً، فستكون أمراً شبه محسوم على المدى المتوسط، وتضاف إلى سلسلة من القرارات الأوروبية التي توالت في السنوات الأخيرة انتصاراً سياسياً للشعب الفلسطيني، رداً على استخفاف بالشرعية الدولية ترتكبه «إسرائيل» على مدار الساعة.
في أكثر من قضية، وجدت أوروبا نفسها في مأزق أخلاقي بين الاستجابة لقيمها المنصوص عليها في المواثيق والتعهدات، وبين عجزها عن الفعل المؤثر في ملفات عديدة. ومع ذلك لا يمكن إنكار قدرتها على التأثير والتغيير إذا استنفرت إرادتها السياسية وصدقت نواياها، لاسيما في ظل ضبابية السياسة الخارجية الأمريكية وتضارب مواقفها منذ مجيء الرئيس دونالد ترامب الذي جوبه انحيازه المفضوح إلى «إسرائيل» بانتقادات أوروبية شديدة اللهجة. فقد رفض الأوروبيون صراحة تهويد القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، وضم الجولان السوري وقطع التمويل عن «أونروا»، وصولاً إلى إدانة إعلان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قبل أسبوعين، أن المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة المحتلة «لا تنتهك القانون الدولي». وجاء تصويت مجلس النواب الأمريكي على قرار، غير ملزم، يدعم حل الدولتين، موجهاً بذلك ضربة لسياسة ترامب، ويقدم مكسباً للأطراف الدولية المتمسكة بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المشروعة.
تحرك لوكسمبورج في هذا التوقيت، خطوة تستحق الثناء والتنويه، ولا يتوقف نجاحها حصراً على حشد الدول الأوروبية، بل يتطلب الاحتشاد الفلسطيني والعربي والإسلامي، دبلوماسياً وإعلامياً، لدفع المبادرة إلى النجاح بالتواصل مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي لإقناع المترددين ولتبديد هواجس الرافضين، لأن التعاطف مع القضية الفلسطينية ليس منة أو شفقة، وإنما دفاع عن القانون الدولي الإنساني وانتصار لمصائر الشعوب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"