في أسعار الصرف

02:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبدالعظيم محمود حنفي

«التلاعب بسعر العملة» هو تعبير لوصف الدول التي تتحكم في أسعار عملاتها مقارنة مع العملات الأجنبية الأخرى، ولا تترك الأمر لقوانين العرض والطلب السائدة في السوق، بحيث تقوم بإضعاف عملاتها بشكل مفتعل حتى تجعل منتجاتها أرخص، وبالتالي أكثر قدرة تنافسية. وتتهم واشنطن بعض الدول مثل الصين واليابان وألمانيا وماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية، بهذا التلاعب، وترى أن الدولار هو هدف أساسي لتلك الدول التي تدير أسعار صرف عملاتها؛ وفكرة واشنطن أن الدولار عملة الاحتياط الأساسية في التجارة الدولية، وبالتالي يتداول بحرية ويقبله المستثمر بثقة. وبحسب واشنطن فالأمريكيون شعب استهلاكي، ويقدر الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 70% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع 55% في أوروبا و35% فقط في الصين. ويعني ذلك أن الأمريكيين عملاء ثابتون للاقتصادات المصدرة. لا جدال في ذلك، حتى تبدأ تلك الدول المصدرة بشراء الدولار من أجل رفع قيمته مقارنة مع عملاتها، ومن ثم تدعم صادراتها وتفرض ضريبة على وارداتها. النتيجة عجز تجاري مستمر أدى إلى تقليص النمو الأمريكي، وتراجع معدلات التوظيف على مدار عقود. وسنت الولايات المتحدة قانون التجارة الشامل عام 1988 من أجل تحديد الدول التي تتلاعب بأسعار صرف عملاتها، ثم وضعت قانون تشجيع التبادلات التجارية عام 2015 من أجل توضيح المعايير ذات الصلة. وبحسب القانون، تصدر وزارة المالية الأمريكية تقريراً حول مسألة التلاعب بأسعار الصرف في إبريل وأكتوبر من كل عام. ويتم تحديد الدول اعتماداً على ثلاثة معايير، هي: الفائض التجاري، وفائض الحساب الجاري، والتدخل في أسواق الصرف. ويتم التفتيش على تجاوز الفائض التجاري مع الولايات المتحدة ب20 مليار دولار، وتجاوز الفائض في الحساب الجاري 3% من إجمالي الناتج المحلي، فيما تجاوز التدخل في أسواق الصرف نسبة 2% من إجمالي قيمة البيع والشراء الصافي مقابل إجمالي الناتج المحلي. وإذا لبت دولة هذه المعايير الثلاثة، تصنف ضمن قائمة الدول الخاضعة للتحليل العميق، أو الدول التي تتلاعب بأسعار الصرف. وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في إبريل/نيسان الماضي أول تقرير لها في ظل إدارة ترامب حول سياسات العملة وشملت القائمة كبار شركاء الولايات المتحدة التجاريين الآخرين، بمن فيهم ألمانيا واليابان وسويسرا وتايوان. ولوحظ أنه في مخالفة لوعده الانتخابي، لم يصنف الرئيس الأمريكي الصين في قائمة الدول التي تتلاعب بالعملة، لكنه أبقاها في قائمة المراقبة. ويقول المحللون إن ترامب تجاوز عن هذا الوعد الانتخابي مقابل الحصول على مساعدة بكين في كوريا الشمالية. ويرى محللون أمريكيون أنه إذا كان التلاعب بقيمة العملة الصينية مضراً للغاية بالصناعة الأمريكية في التسعينات، والعقد الأول من القرن الحالي، فإن «اليوان» يُنظر إليه حالياً على أنه مقيَّم بشكل نزيه. وأن المشكلة الحقيقية هي أن الاتفاقيات التجارية الأمريكية، ليست لديها قواعد وقوانين قابلة للتنفيذ بخصوص حالات التلاعب بقيمة العملة، ثم إنه حتى لو كانت لديها مثل هذه القواعد، فإن الولايات المتحدة لا تربطها بالصين مثل هذه الاتفاقية التجارية. وفي أكتوبر/تشرين الأول جاء التقرير نصف السنوي ليبقي الصين واليابان وألمانيا وسويسرا وكوريا ضمن قائمة المراقبة. وعند المقارنة بتقرير العام الماضي نجد أنه تم استثناء تايوان فقط من قائمة المراقبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"