قراءة في خطاب محمد بن راشد إلى الرئيس أوباما

03:46 صباحا
قراءة 4 دقائق

"إن الاستثمار في التعليم يعني الاستثمار في سلام دائم وفي الأمن الذي يستحقه أبناؤنا من دون شك" .

الشيخ محمد بن راشد

كلمة الشيخ محمد بن راشد المعنونة قبل خطاب أوباما في مصر، والتي نشرت في الخليج في صفحتها الرئيسية بالتزامن مع وول استريت جورنال، كلمة مهمة، وتاريخية، وتحتل المراتب الأولى في السجل التاريخي للإمارات، وخطاب شفاف مفتوح موجه إلى أكبر رئيس لأكبر دولة هي الولايات المتحدة الأمريكية . والشيخ محمد في توجيهه مثل هذه الكلمة إلى الرئيس أوباما، يمثل نبض الملايين من الناس في هذه العالم الذي يموج بالمشاكل، وخاصة في منطقة تكاد تكون أم المشاكل، لا تنتقل من مشكلة إلا لكي تواجهها مشكلة أخرى، هي منطقة الشرق الأوسط، التي يكون العرب الجزء الأكبر منها ديمغرافياً وجغرافياً، وتعد الولايات المتحدة التي برز الرئيس أوباما منذ حين قائداً لإدارتها، وارثة لمعضلاتها الكثيرة التي أقحمت فيها، كالحرب على العراق التي أصبحت تدفع ثمنها الباهظ أكثر مما دفعته في حروبها الإقليمية في كوريا وفيتنام وأفغانستان وغيرها .

ونستشف أن الشيخ محمد بن راشد يحمل كغيره من الزعماء الوطنيين في هذه المنطقة، هموم المشاكل والصعاب التي تواجه الأمة، ويتطلع إلى الخلاص من هذه الهموم أو الإقلال منها، لأنه رجل بناء ويسعى إلى التشييد، وهو يؤمن بأن البناء والتشييد لا يقام لهما صلب إلا في بيئة خالية من خطر النزاعات والصدامات، ومن يقرأ كتابه رؤيتي، ويستمع إلى أحاديثه الخاصة والعامة يدرك أن الشيخ محمد بن راشد نابذ للعنف وداعٍ الى السلام، السلام المبني على رعاية الحقوق والاعتراف بها، لأن عدم الاعتراف بحق الآخر وأن للآخر حق مثلما عليه، يؤدي إلى البغضاء والكراهية ويبقى جمر الأحقاد متقداً تحت الرماد .

ويقدر الشيخ محمد بن راشد زيارة أوباما لمصر ويعتبرها زيارة تكاد تكون لكل المسلمين، باعتبار مصر كانت وما زالت تمثل القلب للعالم الإسلامي، أو قل لأكثر المسلمين الذين يمثلون اليوم ثقلاً يصبح من السذاجة تجاهله .

ويتمنى الشيخ محمد أن تتمخض هذه الزيارة عن نتائج إيجابية للمشاكل التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط في التعليم وقلة فرص العمل للشباب، ومشاكل أخرى عديدة، ويحذر أن يبلغ الضجر بنسبة كبيرة من سكان المنطقة مداه، إذا لم تحل مشاكله، والضجر سبيل يمهد إلى التطرف وإلى اعتناق العنف وبالتالي الإضرار بالمكتسبات .

ولما كان التعليم أحد أكثر المسائل المهمة التي تشغل بال الشيخ محمد بن راشد، فقد أشار في كلمته إلى التعليم في العالم العربي، وكيف أنه لا يواكب متطلبات العصر الذي نعيشه، وعدم مواكبته هذه يشكل ضرراً بالغ الخطورة على مستقبل المنطقة، ويقول بأن الأمية اليوم تصل إلى ما يزيد على 65 مليون نسمة من الناس في العالم العربي . وإذا نظرنا إلى مشاكل التعليم، فإننا جميعاً علينا أن نشيد بمبادرة الشيخ محمد بن راشد ومشروعه دبي العطاء لنشر التعليم في المجتمعات الفقيرة في إفريقيا، التي تعتبر من أكثر الأماكن في العالم التي تعاني من الجهل وتبعاته، ومنها الفقر والمرض وآفات اجتماعية أخرى، وكقائد من البناة ومن الداعين الكبار إلى عالم يسوده الرخاء والعيش الهنيء بدلاً من الحروب والإنفاق على السلاح، يقول الشيح محمد بن راشد:

إن استراتيجيات التنمية الاقتصادية والرعاية الصحية والتعليم والحوكمة الجيدة غالباً ما يتم تأجيلها على أجندة الأولويات في المنطقة لتفسح المجال رحباً أمام الإنفاق العسكري . وغني عن القول إن هذا الإهمال كلف العرب غالياً، وخسرنا عقوداً من التنمية، فبحسب الأرقام وصل إجمالي الإنفاق على النزاعات في الشرق الأوسط خلال العقود الستة الماضية إلى ما يزيد على 3 تريليونات دولار، وتصل حصة الشرق الأوسط الى حوالي 5% من إجمالي الإنفاق العالمي السنوي على السلاح، ويصل الى 2،1 تريليون دولار . بل وفي واقع الأمر تعد منطقة الشرق الأوسط المنطقة الأعلى تسلحاً على مستوى العالم . وفي المقابل كم ننفق على التعليم؟ إن متوسط الإنفاق على تعليم الفرد في دول المنطقة ال 22 تراجع خلال الخمسة عشر عاماً الماضية من 20% الى 10% فقط من إجمالي إنفاق أغنى 30 دولة في العالم .

وما من شك أن الناس تشارك الشيخ محمد بن راشد في أحاسيسه بأن الرئيس أوباما يحمل في جعبته حلولاً يريد أن يطرحها في الشرق الأوسط، وأن هناك أملاً في أن يختلف أوباما عن غيره من زعماء أمريكا وبالذات عن سلفه بوش، الذي كان ذا ميول عدوانية وداعماً مفرطاً لإسرائيل، وقد ينجح الرئيس أوباما في أن يكبح جماح التعنت الإسرائيلي، ويجعلها تعترف بحق الفلسطينيين أن يقيموا لهم وطناً آمناً، وبالتالي ينجح الرئيس في أن يكبح جماح التطرف في الشرق الأوسط ويحيل هذه المنطقة إلى منطقة آمنة مطمئنة لا مكان فيها للعدوان، وتسخر طاقاتها للبناء ورعاية حقوق الإنسان، لا للسلاح والحروب والهدم .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"