قراءة في قانون يهودية «إسرائيل»

05:34 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

لماذا لا تُقر الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» قانون يهودية دولة الاحتلال؟ وما الذي يمنعها من المُضي قدماً في مخططاتها؟ وهي ترى حولها واقعاً عربياً متردياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، في ظل حالة التشرذم والضعف، والصراعات على اختلاف أنواعها في الدول العربية.
«إسرائيل» دولة احتلال، ووجودها قائم على مبدأ القوة، لا على مبدأ المنطق، وبالتالي فإن أي قرار تراه في مصلحة استمرار احتلالها للأراضي العربية؛ ستقوم باتخاذه، ما لم يتوافر الرادع الحقيقي لها؛ وهذا الرادع لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصدر عن العرب؛ في ظل واقعهم المُتشرذم، والغارق في الصراعات.
ولكن قبل الحديث عن مخاطر القانون «الإسرائيلي الأخير، الذي أقره الكنيست الإسرائيلي الذي يصف «إسرائيل»؛ بأنها دولة يهودية بشكل رئيسي، لابد لنا أولاً من قراءة أخطر بنود هذا القانون المُثير للجدل.
فالقانون الجديد؛ أي قانون «الدولة القومية»، يتألف من خمسة عشر بنداً، ويشير البند الأول فيه إلى أن «إسرائيل» هي الوطن التاريخي ل«الأمة اليهودية»، وأن لليهود فقط الحق في تقرير المصير فيها؛ وهنا تكمن خطورة كبيرة على مستقبل العرب الفلسطينيين، الذين يعيشون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلةعام1948، كما أنه يحاول إلغاء الشخصية والثقافة الفلسطينية؛ بفرض اللغة العبرية كلغة رسمية ل«الدولة».
وإذا تجاوزنا البنود الثاني والثالث والرابع والخامس المتعلقة بعلم «إسرائيل» أو النشيد الوطني، واللغة، وغيرها نلاحظ أن البند الخامس في هذا القانون، يمنح أي يهودي الحق في الهجرة ل«إسرائيل» والحصول على الجنسية «الإسرائيلية» في إطار القانون.
فيما تزداد خطورة القانون في بنده السادس، الذي يدعو صراحة إلى تعزيز سياسة الاستيطان، وتكثيف المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة؛ حيث جاء في نص القانون «تعمل الدولة على تجميع شتات اليهود في الخارج، وتعزيز المستوطنات الإسرائيلية في أراضيها، وتوفير الموارد لذلك».
وتفوح رائحة العنصرية الكريهة؛ واضحة في البند التاسع تحت عنوان: «الحفاظ على الثقافة والتراث والهوية»، والذي جاء فيه؛ «أن الدولة قد تسمح لطائفة بما فيها أعضاء دين واحد أو قومية واحدة بإقامة مستوطنات لهم»؛ وهو ما يناقض مزاعم «الإسرائيليين» حول الديمقراطية والعلمانية، التي يتشدقون بها ليل نهار.
كما يؤكد القانون في بنده الحادي عشر، ما يُسمى «المحرقة»، التي تستخدمها «إسرائيل» شماعة؛ لابتزاز العالم.
وتجاوزاً للبنود الأخرى، نتوقف باهتمام أيضاً أمام البند الرابع عشر، الذي يتعلق بالحفاظ على الأماكن المقدسة؛ حيث جاء في النص «تتم حماية الأماكن المقدسة من التدنيس، وكل أشكال التدمير، وضد أي تدخل يحول دون وصول الجماعات الدينية إلى أماكنها المقدسة».
أي أنه يسمح لليهود بالوصول إلى الأماكن الإسلامية المقدسة، ولا سيما في مدينة القدس في إطار القانون، كما يؤكد وضع القدس في القانون «الإسرائيلي»، الذي يعرّف المدينة بأنها «كاملة وموحدة..عاصمة «لإسرائيل»».
وكان من الطبيعي أن يلقى هذا القانون معارضة كبيرة من العرب الفلسطينيين، وهم الأكثر تضرراً منه؛ حيث رد النواب العرب في الكنيست بغضب، ووصف بعضهم القانون بأنه «عنصري ويؤسس للفصل العنصري»، فيما لوح أحدهم بعلم أسود، ومزق آخرون مسودة القانون.
لكن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، أشاد بخطوة إقرار القانون؛ باعتبارها «لحظة حاسمة». قائلاً: إنه «بعد 222 عاماً من إعلان ثيودور هيرتزل (مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة) لرؤيته، «حددنا بهذا القانون مبدأ وجودنا الأساسي» على حد قول نتنياهو، الذي يدرك أن هذا القانون العنصري ينذر بالتسبب بالمزيد من الاغتراب للفلسطينيين في أراضي ال48، الذين ظلوا يشكون طويلاً من التهميش والتمييز ضدهم.
ولكن لماذا أصرت الطغمة الحاكمة في «إسرائيل» على هذا القانون ؟
بالتأكيد إن هناك أسباباً كثيرة للموقف «الإسرائيلي»، بيد أن أهمها؛ هي المخاوف من معدل الولادات العالي بين العرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، فضلاً عن «حل الدولتين» البديل للصراع «الإسرائيلي»- الفلسطيني، قد تهدد الغالبية اليهودية في «إسرائيل»؛ وهو ما شجع الدعوات لتشريع يهودية الدولة في قانون.
أخيراً يمكن القول، إن «إسرائيل»بإقرارها هذا القانون المُشين إنما تمارس عنصرية بينة تماماً، كما نظام الفصل العنصري «الأبارتايد»، الذي كان قائماً في جنوب إفريقيا، وأنها تخالف بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية، وتدمر أي إمكانية مهما كانت ضئيلة للسلام في المنطقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"