لا دولة في «التسوية الأمريكية»

03:44 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

كما كان متوقعاً، فإن «التسوية الأمريكية» للصراع العربي «الإسرائيلي» التي يتحدثون عنها، ليست إلا محاولة أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، وفق المصالح والأجندات «الإسرائيلية»، التي تتنكر لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني، ومن ضمنها، إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف، استناداً إلى مفاوضات السلام، والاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال «الإسرائيلي»، رغم أن هذه الدولة التي تضمنتها هذه الاتفاقات لا تتجاوز خمس مساحة الوطن الفلسطيني السليب.
ففي تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، كشفت الصحيفة: أن خطة السلام الأمريكية المرتقبة، تتضمن ما أسمته مقترحات لتحسين حياة الفلسطينيين، لكنها تتجنب الحديث عن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب «إسرائيل».
ووفقاً للصحيفة، فإن خطة السلام هذه لا تستند إلى حل الدولتين، على عكس ما خلصت إليه جولات المفاوضات التي حدثت على مدار العشرين عاماً الماضية، والتي شكلت مسألة إقامة الدولة الفلسطينية محورها الرئيسي.
ومع أن «الواشنطن بوست» أكدت أن تفاصيل الخطة الأمريكية لا تزال سرية حتى الآن، وأنه من المتوقع أن يتم الإعلان عنها بعد فترة وجيزة من فوز رئيس الوزراء «الاسرائيلي» بنيامين نتنياهو في الانتخابات «الاسرائيلية»، فإن ذلك يعني أنها ستكون هدية أمريكية جديدة للاحتلال «الإسرائيلي».
وطبقاً لتقرير الصحيفة الأمريكية المذكورة، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترك بصمته على الصراع مع التركيز على القضايا الأمنية «الإسرائيلية»، وأنه أخبر أصدقاءه أنه يريد أن ينحرف عما أسماها الافتراضات التقليدية حول حل النزاع العربي -«الإسرائيلي»، وهذا يعني سلب الفلسطينيين حقوقهم السياسية، التي كرسوها بالدم والشهداء على مدى عشرات السنين.
ورغم أن الكثير من المحللين السياسيين، والخبراء بالصراع العربي - «الإسرائيلي»، يؤكدون أن فرص نجاح خطة السلام الأمريكية منخفضة، لأسباب كثيرة أهمها الرفض الفلسطيني الشديد لها، إلا أن ما سربته «الواشنطن بوست» حول الصفقة، يقدم دليلاً دامغاً على أن الخطة الأمريكية، التي تحاول إدارة ترامب تسويقها، لا تعدو كونها محاولة لشرعنة استمرار الاحتلال «الإسرائيلي»، والعمل لصالح «إسرائيل» وبما يخالف الشرعية الدولية، كما أنها مجرد استمرار للمواقف الأمريكية المعادية لحق الشعب الفلسطيني وحقوقه، واستكمالاً لسلسلة القرارات الظالمة وغير القانونية، التي اتخذتها الإدارة اليمينية الأمريكية، ومنها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والتضييق على الفلسطينيين من خلال قطع جميع المساعدات المالية التي كانت أمريكا تعطيها للمؤسسات الفلسطينية، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ومحاولة شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومحاربة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين،«الأونروا»، ناهيك عن تشجيع الجرائم «الإسرائيلية» اليومية في حق الشعب الفلسطيني.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي عكف منذ توليه منصبه بداية العام 2017، على تقديم الوعود الوردية ل«إسرائيل»، التي تستغل حالة الانقسام الداخلي الحادة التي يعيشها الشارع الفلسطيني، والأزمات التي تعيشها بلدان المنطقة، من أجل فرض تسوية أحادية على الفلسطينيين بالقوة، تتضمن ضم أجزاء من الضفة الغربية للأردن وقطاع غزة لمصر، وأن يتم الاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» ومحاولة إنهاء الصراع لصالح المشروع «الإسرائيلي» الاستعماري التوسعي الاستيطاني في المنطقة.
وعلى الرغم من أن هذه السياسة العدوانية تجاه القضية الفلسطينية العادلة، ليست جديدة على صانع القرار السياسي الأمريكي، ولا سيما في ظل حكم ترامب اليميني المتطرف، إلا أنها تستوجب من الفلسطينيين ومن الشعوب العربية، مواجهة المخطط الأمريكي الخبيث، كما تستدعي إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وترتيب البيت الفلسطيني، والعمل من خلال استراتيجية متفق عليها، بين جميع فصائل النضال الفلسطينية للتصدي للمؤامرة الأمريكية الجديدة، بما تعنيه من تصفية لكل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"