ابتكارات الذكاء الاصطناعي والتصنيع

22:23 مساء
قراءة 3 دقائق

كريم عازار*
يشهد قطاع الصناعة تحولاً جذرياً بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يُعدّ ركيزة أساسية في عصر الثورتين الصناعيتين، الرابعة والخامسة. حيث يسهم الذكاء الاصطناعي في إحداث نقلة نوعية في كيفية تصميم، وتصنيع، وتحسين المنتجات، بفضل البيانات التي تعتبر بمثابة الوقود الذي يغذي قدراته الذكاء الاصطناعي على استشراف المستقبل، وإجراء تحسينات على عمليات التشغيل، ووضع الرؤى الاستراتيجية.

ومع ذلك، تمثل إدارة البيانات بشكل فعّال تحدياً رئيسياً أمام تحقيق الاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي على الرغم من الوعود التي يقدمها بتحسين عمليات الإنتاج، وإجراء الصيانة الاستباقية، وتخصيص المنتجات، ومعالجة العديد من حالات الاستخدام الأخرى في المصانع الذكية.

تُشكل البيانات عصب ابتكارات الذكاء الاصطناعي في الصناعة، فهي التي تُتيح إجراء الصيانة الاستباقية وتحسين العمليات، وتوقع حجم الطلب. ومن خلال الاستفادة من البيانات التي يتم الحصول عليها من المستشعرات وسجلات صيانة المعدات والمعلومات السياقية الأخرى، يمكن للمصنعين توقع أعطال المعدات مسبقاً، وضبط جداول الصيانة، وتوقع طلبات السوق بدقة متناهية. ولكن، تظل الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، بعيدة المنال من دون وجود استراتيجية فعالة لإدارة البيانات.

ويواجه العديد من المديرين التنفيذيين في مجال الصناعة صعوبة في الاستفادة الفعالة من ابتكارات، مثل الذكاء الاصطناعي، على الرغم من الاستثمارات المتزايدة في التقنيات الرقمية. إذ لا تتجاوز نسبة نجاح مبادرات التحول الرقمي في المؤسسات الصناعية 8%، ما يُشير إلى فجوة كبيرة بين الطموح والتطبيق.

ولتجاوز تحدّيات البيانات وتعزيز دور الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد على البيانات في قطاع الصناعة، يتعين على الشركات تطوير استراتيجية بيانات راسخة، تدعم منصة بيانات مرنة. ويُعد التعاون بين أقسام عمليات التصنيع وتكنولوجيا المعلومات ضرورياً لتعزيز ثقافة تركز على البيانات، وتعطي الأولوية لإدارة دورة حياة البيانات بشكل شامل.

كما يمكن للمؤسسات أن تمهّد الطريق لنجاح تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال التركيز على الموثوقية والأمان. وغالباً ما تشكل البنية التحتية القديمة ومصادر البيانات المتفرقة عائقاً أمام دمج الذكاء الاصطناعي، ما يؤكد على الحاجة إلى منصة بيانات شاملة مدعومة بهندسة بيانات عصرية. حيث يُسهم تمركز البيانات في مستودع بيانات نموذجي في القضاء على مخازن البيانات المنعزلة، ويمنح الذكاء الاصطناعي مصدر الحقيقة الموحد الذي يحتاجه للعمل بكفاءة.

ويُقدم الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة لإحداث ثورة في قطاع الصناعة، لكن نجاحه مرهون بجودة البيانات التي تُغذي تطبيقاته. إن التركيز على جودة البيانات باعتبارها ركيزة أساسية يسبق التركيز على الذكاء الاصطناعي نفسه. فعندما تُبنى تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أرضية من البيانات الموثوقة وتُدعم ببنية تحتية حديثة للبيانات، يُمكن للمصنعين حينها الاستفادة الكاملة من قدراته.

وتُصبح الشركات التي تُتقن توظيف إمكانات الذكاء الاصطناعي في قطاع التصنيع التنافسي، حيث تُترجم التحسينات الصغيرة إلى مزايا تنافسية كبيرة، هي الأكثر قدرة على تحقيق النجاح المستدام على المدى الطويل. وبينما يدخل التصنيع عصر الذكاء الاصطناعي، تبرز البيانات كعامل حاسم يُحفز الابتكار ويعزز القدرة على الصمود والتكيف مع المتغيرات. ومن خلال منح الأولوية للبيانات وتعزيز البنية التحتية بأنظمة حديثة للبيانات يمكن للمصنعين الاستفادة بشكل فعال من قدرات الذكاء الاصطناعي. وفي ظل التطورات التي يشهدها قطاع التصنيع، سيصبح من يمتلكون بيانات موثوقة وأدوات ذكاء اصطناعي متطورة رواد الصناعة الذين يحددون معنى النجاح في العصر الرقمي.

*نائب الرئيس الإقليمي للشرق الأوسط وتركيا بشركة «كلاوديرا»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2tupsdpw

عن الكاتب

نائب الرئيس الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في «كلاوديرا»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"