محمد بن راشد وندوة الثقافة والعلوم في ربع قرن

04:14 صباحا
قراءة 3 دقائق

للشيخ محمد بن راشد مآثر ليس من الإنصاف اختزالها وتركيزها في الزعامة السياسية وحدها، فزعامته ذات أوجه متعددة من النادر أن يجدها المرء متوفرة في شخص قيادي واحد بمفرده، فهو رجل سياسة، ورجل دولة، ورجل بناء وإعمار، ورجل إدارة في قيادة وإنشاء فرقاء عمل لمشاريع إنمائية من الطراز غير العادي، ورجل رياضة وفروسية لا يشق له غبار، إذا امتطى صهوة الجواد يكون كمن وصفهم أبو الطيب، كأنهم ولدوا على صهواتها وكأن الخيل نتجت قياماً تحتهم:

وكأنها نتجت قياماً تحتهم

وكأنهم ولدوا على صهواتها

وفوق هذا وذاك كله، رجل الثقافة والأدب والشعر التي متى ما اتصف بها إنسان فإنه يعتلي منبر المجد من أطرافه، ويقدمه الناس في كل المحافل، ومن يقرأ كتاب رؤيتي بتفطن وبوعي، يدرك أن محمد بن راشد لا يتمتع بثقافة كثيرة التنوع والمناهل فحسب، بل بتجربة حياتية ذات عمق يغرف منها كلما عنّ له أمر . وبالنسبة لأولئك الذين يجالسون محمد بن راشد عن قرب ويعرفونه عن كثب، يجدون بجلاء أن ما دوّنه في كتابه ليس سوى جزء مما يطرحه محمد بن راشد في أحاديثه العادية مع جلسائه وفي مجالسه الخاصة والعامة .

ولا تقتصر الرؤية الثقافية للشيخ محمد بن راشد على المعرفية الذاتية، بل هناك سعي مستمر منه لتعميم المنفعية المعرفية في مجتمعه، وحتى خارج حدود مجتمعه، وما مشروعاه المتميزان الكتاب للجميع ومحاربة الفقر بالعلم، ودعمه للعربية، إلا مثل على ذلك في خدمة المجتمع الإنساني في كل مكان .

وقبل خمسة وعشرين عاماً مضت قام بتوجيهٍ وبرغبةٍ من الشيخ محمد بن راشد صرحٌ من صروح الثقافة والمعرفة في دبي، هو ندوة الثقافة والعلوم، كنادٍ علمي وثقافي لكي يساهم في تنفيذ رؤى الشيخ محمد بن راشد وطموحاته في أن تكون الثقافة مكملة للتنوعية التنموية التي تعيشها دبي، لا سيما في العقود الثلاثة الماضية التي قفزت فيها دبي في عهد الشيخ محمد بن راشد، إلى المستويات العالمية الراقية في التنمية شكلاً ومضموناً .

ومنذ تأسيس هذا المركز المتميز، ندوة الثقافة والعلوم، عام 1986 وانتقالها إلى مقرها على ضفاف خور الممزر شرقي ديرة، في مبنى يكاد يكون علامة فارقة في العمارة العربية الإسلامية، ويعكس على وجه الخصوص صورة العمارة الإماراتية الجميلة التي ظهرت منذ منتصف القرن التاسع عشر في دبي وفي الإمارات الأخرى . ومنذ ذلك التأسيس، أصبحت ندوة الثقافة والعلوم معلماً لأنشطة علمية وثقافية عدة قلما تتجمع ويوجد لها شبيه في الدور الثقافية الأخرى في الإمارات أو في المنطقة الخليجية، ومن أهم هذه الأنشطة البارزة:

- تنظيم الجوائز والمسابقات ومنها جائزة راشد للتفوق العلمي وجائزة شخصية العام الثقافية .

- تنظيم المحاضرات والندوات والمؤتمرات والمهرجانات والأنشطة الفنية من معارض وأمسيات وبرامج موسيقية ومسرحية .

- طباعة وترجمة مطبوعات ثقافية وعلمية وتوثيقية وإعلانية والمشاركة في معارض الكتب داخلياً وخارجياً .

- تحرير مجلة حروف عربية وهي مجلة تعنى بالخط العربي .

- إنشاء نادي الإمارات العلمي الذي يعنى بالجانب العلمي من نشاط الندوة لتبسيط العلوم ونشر الثقافة العلمية والمشاركة في المعارض العلمية .

- تنظيم الندوات الأسبوعية المستمرة .

وتضم الندوة جهازاً إدارياً ذا كفاءة في إدارة النشاط الموكول إليه، ويشرف على الجهاز مجلس إدارة مكون من رئيس وأعضاء متطوعين تنتخبهم الجمعية العمومية كل أربع سنوات، ومن المميزات التي يلاحظها رواد هذا الصرح الكبير أن هناك تفاهماً وتعاوناً تامين بين أعضاء مجلس الإدارة في الدورات المختلفة، ما جعل الأمور تسير من حسن إلى الأحسن ويسود الاستقرار والثبات اللذين هما من أهم العوامل التي ساعدت ندوة الثقافة والعلوم على السير الحثيث إلى الأمام .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"