من ذاكرة «يوم الأرض»

02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

في 30 مارس/آذار من كل سنة، يحيي الفلسطينيون ذكرى «يوم الأرض»، ذكرى اغتصاب أرض عربية فلسطينية من قبل الصهاينة المحتلين عام 1976 بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى ل «مسيرات العودة» التي انطلقت قبل عام لفك الحصار عن قطاع غزة.
الفلسطينيون الذين لم يتخلوا عن شبر واحد من أراضيهم، وهم يتظاهرون على طول الحدود المحتلة يضربون للعالم مثلاً في المقاومة والإصرار على مواصلة النضال بمختلف الوسائل ومنها المسيرات الاحتجاجية كي يعود آخر شبر من أراضيهم رغم المجازر والتهجير التي يمارسها المحتل «الإسرائيلي» ضد الشعب الأعزل صاحب الأرض والحق.
في مسيرة الصراع الممتدة لأكثر من مائة عام، ورغم عدم التكافؤ بين الشعب الفلسطيني والعدو «الإسرائيلي» في معايير القوة، حيث لا يمتلك الشعب الفلسطيني إلا الإرادة والحجارة وما يمتلك من أسلحة شحيحة، فيما يمتلك العدو أحدث الأسلحة وأكثرها تطوراً، إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت من القوة والقدرة والصمود ما يجعله قادراً على التحدي وخوض كل المعارك ببسالة وشرف، وقدم على مذبح الحرية آلاف الشهداء والجرحى.
يدرك الشعب الفلسطيني أنه يخوض معركة غير متكافئة مع عدو عنصري إرهابي لا يتوانى عن ارتكاب المجازر والمذابح، كما يدرك أن عدوه ليس «إسرائيل» وحدها إنما الولايات المتحدة، وخصوصاً الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب، لكنه مع ذلك مصر على مواصلة النضال ولن يتخلى عن حقه التاريخي في وطنه.
إن ما أقدمت عليه الإدارة الأمريكية من اعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل سفارتها إليها وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على الشعب الفلسطيني هو نموذج فج لاستهتار هذه الدولة العظمى بالقانون الدولي والشرعية الدولية. والمؤسف أن المجتمع الدولي اكتفى بالشجب والتنديد، ولم يتخذ أي خطوة جدية لمواجهة هذا الخروج على القانون الدولي من قبل هذه الدولة العظمى، فكل المواقف كانت مزيفة وباطلة. لكن رغم ذلك فالشعب العربي الفلسطيني الذي يحمل راية النضال طوال هذه السنين لن يستسلم أو يرفع الراية البيضاء. صحيح أن العدو يحاصر وينهب الأرض ويرتكب المجازر، لكنه فشل في كسر إرادة هذا الشعب، وهو لا بد سينهزم أمام الشعب الفلسطيني إن ليس الآن فغداً، ومهما أقام من مستوطنات فسيأتي يوم سيتم اقتلاعها، وتعود الأرض لأصحابها.
ومهما بلغ غرور دويلة «إسرائيل» ومهما امتلكت من أسلحة وتجهيزات عسكرية واعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن قوة وصلابة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية أقوى بكثير من كل ذلك.
الشعب الفلسطيني اليوم يتمتع بقوة الصبر والعزيمة لإكمال مسيرته التي بدأها منذ الاحتلال والتهجير، وكلما أتى جيل جديد من الشعب الفلسطيني أصبح أكثر غضباً وحقداً على العدو «الإسرائيلي». ففي ميادين الاحتجاجات والمظاهرات والمواجهات نرى أن الأغلبية هم الشباب من الجيل الجديد الذي يرعب قوات الاحتلال بقوة إصراره وعزيمته وحتى وهو بدون سلاح وعتاد لأنه هو صاحب الأرض والحق.
على المجتمع الدولي التحرك لوضع حد لهذا العدوان «الإسرائيلي» المتمادي ضد الشعب العربي الفلسطيني، ووضع حد لانتهاك القانون الدولي وصلف دويلة الاحتلال التي تعتبر نفسها فوق القانون. إذ يجب التعامل معها بحزم وجدية. والسلام الذي يتحدثون عنه لن يتحقق إلا بانسحاب كامل من كل الأراضي الفلسطينية، وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس.
رحم الله الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في ذكرى «يوم الأرض»، وفي كل ساحات النزال ضد العدو الصهيوني..ومهما قتلوا وجرحوا واغتصبوا وحاصروا إلا أن الدولة الفلسطينية قادمة بإذن الله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"