نتنياهو لعب كل أوراقه

03:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

لعب رئيس الوزراء «الإسرائيلي»، بنيامين نتنياهو، آخر أوراقه الانتخابية بالإعلان عن اعتزامه ضم غور الأردن وشمال البحر الميت إلى الكيان الاحتلالي، إضافة إلى المستوطنات في حالة تشكيله الحكومة المقبلة، لكنه هرب من منصة خطابية عندما سقط صاروخان في مدينة أسدود، حيث كان يخطب. وجاء إعلان نتنياهو بعد أن استنفد كل أوراقه الانتخابية على أمل أن يحشد اليمين وراء الليكود، لأن عدم نجاح الليكود في حصد مقاعد كأكبر كتلة برلمانية يعني أن نتنياهو لن يكلف بتشكيل الحكومة، ما يفتح المجال أمام خصومه داخل الليكود لإطاحته بعد الانتحابات، فيجد نفسه أمام ملاحقة قضائية بتهم الفساد والرشوة، تنهي حياته السياسية في السجن.
إعلان نتنياهو بخصوص الضم، سبق أن أعلنه في الانتخابات الماضية، وقال في حينه «إن لنا صديقاً لن يتكرر في البيت الأبيض، وسيؤيد فرض السيادة»الاسرائيلية«على المستوطنات، وغور الأردن». فهو يعتمد على القرارات الأمريكية غير القانونية في إعلانه، ويعتبرها أهم من الشرعية الدولية، لكن هذه الوعود أخفقت في دعمه لتشكيل حكومة يمينية خالصة، بسبب معارضة اليميني العلماني افيجدور ليبرمان الذي رفض الانضمام الى الحكومة، بسبب وجود المتدينين فيها. ويعارض ليبرمان الأحزاب الدينية لأنها تريد الاستمرار في إعفاء الشبان المتدينين من أنصارها من الخدمة العسكرية الإجبارية، والحصول على ميزانيات خاصة لتمويل معاهدها الدينية والمدارس الملحقة بها.
نتنياهو قام بحملة علاقات دولية لتأكيد جدارته أمام الناخب «الإسرائيلي» بالبقاء رئيساً للوزراء، ونشر على مقر الليكود صورتين للرئيسين الروسي والأمريكي، في إشارة إلى تأييدهما له.
واستخدم نتنياهو كل ما في جعبته من أسلحة، فرفع غطاء السرية عن العمليات العسكرية في العراق، وسوريا، ولبنان، التي كانت تخضع للرقابة العسكرية سابقاً، واستخدم صوره مع الجنود في حملته الانتخابية، وعاد للتخويف من الصوت العربي والتزوير، ثم تحدث عن إيران النووية من دون أدلة.
وفي الانتخابات السابقة استنفر نتنياهو الناخبين اليهود بقوله إن العرب يزحفون إلى صناديق الاقتراع لإدخال الرعب في قلوب اليهود، وحثهم على التصويت له، وسيطر أعضاء من الليكود على مراكز الاقتراع في البلدات العربية مع 1200 كاميرا للتصوير من دون إذن من لجنة الانتخابات لإرهاب الناخبين العرب، وحاول مجدداً إدخال كاميرات إلى كل مراكز الاقتراع لإرهاب الكل، مدعياً أن الانتخابات تتم سرقتها، ويجب مراقبة الاقتراع بالصورة، ورغم اقتراحه قانوناً بهذا الصدد، إلا أن لجنة الانتخابات والمحكمة العليا والمستشار القانوني الرسمي رفضوا ذلك، كما سقط الاقتراح في اللجنة المختصة في الكنيست. وقالت ناطقة باسم النيابة التي حققت في شكاوى التزوير إن التحقيق في صندوقين تبين أن التزوير تم لمصلحة الليكود، وحزب شاس الديني، وليس لمصلحة العرب، والمعارضة، كما ادعى نتنياهو. وقد استشاط نتنياهو غضباً بعد فشله في إقرار القانون، ورد ليبرمان بالقول إنه يدعم تماماً الإشراف في مواقع الاقتراع بما يشمل استخدام الكاميرات، ولكن على يد منظمات رسمية فقط تشرف على الانتخابات. وقال إنه لن يقبل بإشراف من قبل ميليشيات نتنياهو، التي هدفها الوحيد هو تشويش وسرقة الانتخابات، وليس الإشراف عليها.
وأعلن رئيس حزب «أزرق ابيض»، بيني جانتس، في بيان، أن الديمقراطية انتصرت. وحذر جانتس «في الأيام القادمة، سوف يتابع نتنياهو التضليل، وسوف يحاول تشويش يوم الانتخابات، لزرع الشكوك في نتائج الانتخابات».
الورقة الأخرى التي لاقت نقداً شديداً، هي كشفه عن مواقع سرية إيرانية قال إنه تمت تغطيتها ونقلها بعد أن علمت بها «إسرائيل»، لكن ما نشره من صور لم يقنع أحداً حتى أكثر المؤيّدين له، حيث عبّروا عن امتعاضهم، ورفضهم القاطعين لقيام نتنياهو باستغلال معلومات قام بجمعها جهاز الموساد حول البرنامج النوويّ الإيراني. وشدد المحللون على أن نتنياهو استغلّ المعلومات من أجل جمع أصواتٍ جديدة لحزبه في الانتخابات التي ستجري يوم الثلاثاء القادم، لافتين إلى أنه لم يستخدم اللغة الإنجليزية في المؤتمر الصحفي، أي انه توجه عملياً إلى الرأي العّام في كيان الاحتلال، تحديداً، مستخدماً اللغة العبريّة فقط.
وقال المحلل إيهود يعاري، في القناة ال12 بالتلفزيون العبريّ، في تعقيبه على المؤتمر الصحفي «إنّ العديد من الخيوط والمعلومات التي تهم الباحثين في الشؤون النوويّة بقيت بعد كلام نتنياهو ناقصة، وبالتالي فإنّ هذه الحقيقة تُقلِّل كثيراً من مصداقيته».
لقد لعب نتنياهو كل أوراقه، ناور وضلل وهدد وتوعد وكذب، ونشر وثائق سرية، وسافر هنا وهناك، واسترضى اليمين والوسط والمترددين لكي يفلت من القضبان. فهل يمنحه ترامب، وبوتين قبلة الحياة في آخر لحظة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"