هل اقتربت ساعة الحوار الخليجي ــ الإيراني؟

02:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمود الريماوي
الزيارة التي أداها وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الصباح إلى طهران على جانب من الأهمية، فهي من الزيارات القليلة إن لم تكن النادرة بين الجانبين الخليجي والإيراني؛ وذلك في ظل خلافات سياسية واسعة غير خافية. علماً أن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد زار في عام 2014 العاصمة الإيرانية عقب فوز الرئيس حسن روحاني بالانتخابات الرئاسية في بلاده. ومن جهة ثانية فإن الزيارة التي تمت الأربعاء الماضي 26 يناير، جاءت باسم الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، وليست مجرد زيارة في نطاق العلاقات الثنائية؛ حيث حمل الوزير الصباح رسالة من مجلس التعاون وقام بتسليمها إلى الرئيس روحاني ما يمنح هذا التحرك أهمية خاصة. وكانت القمة الخليجية التي عقدت في البحرين في ديسمبر الماضي، قد أقرّت توجهاً يتضمن الشروع في حوار وصف بأنه استراتيجي بين الجانبين، في وقت دعت فيه تلك القمة الجارة إيران إلى تغيير سياستها.
ورغم أن زيارة المسؤول الكويتي استغرقت يوماً واحداً، إلا أن رئيس الدبلوماسية الكويتية اجتمع خلال ذلك اليوم مرتين بنظيره الإيراني علاوة على اللقاء بالرئيس روحاني، ولم يرشح شيء عن فحوى المباحثات، وعن طبيعة الرد الإيراني على العرض الخليجي، غير أن مصادر متعددة تحدثت عن وساطة كويتية لتهدئة الخلاف السعودي - الإيراني، علماً أن إيران على خلاف مع خمس دول خليجية على الأقل وليس مع السعودية وحدها.. وفي هذا الإطار نقلت وكالة الأنباء الكويتية عن وزير الخارجية قوله إن العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي الست «يجب أن تكون مبنية على ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي الخاص في العلاقة بين الدول». ويأمل المرء بسماع أمور مشابهة من الجانب الإيراني تتضمن علاوة على ما ورد في تصريح الوزير، الالتزام باحترام سيادة الدول والتقيّد بحسن الجوار، وعدم التدخل في شؤون الغير، وهي أمور ترقى إلى مصاف البديهيات في العلاقات الدولية، كما أنها من صُلب أحكام القانون الدولي.
وفي واقع الأمر أن طهران أبدت مراراً رغبتها في إجراء مباحثات مع أطراف خليجية لمعالجة الخلافات، وكان آخرها الدعوة التي أطلقها الوزير جواد ظريف في منتدى دافوس الاقتصادي والتي دعا فيها السعودية «إلى العمل مع إيران لحل مشاكل المنطقة» كما قال. لكن طهران تتجنّب التعامل مع دول الخليج في إطار جماعي، وترغب في استمرار بالحديث مع هذه الدول فرادى، علماً أن دول مجلس التعاون تشكو بصورة مشتركة من تدخلات إيرانية متعددة الأشكال في شؤونها، وبما يمُس أمن هذه الدول واستقرار مجتمعاتها. إضافة إلى التدخلات في دول عربية وإسلامية أخرى. وحسناً فعل المسؤولون الإيرانيون هذه المرة باستلام رسالة مجلس التعاون بترحاب.. وهي رسالة تمُد اليد نحو الجار الإقليمي الكبير، ويتطلع مرسلوها إلى إقامة علاقات تعاون مثمرة ومزدهرة على جميع الصعد، في إطار الاحترام الفعلي المتبادل.
والآن وفي ظل وضع دولي يكتنفه الغموض ويسوده الترقب، مع صعود قيادة أمريكية جديدة، ومع بقاء الحرائق مشتعلة في غير بلد في الإقليم، ومع ما يعتري سوق النفط من اضطراب، بما ينعكس على إيران وعلى دول الخليج العربية، فإن الآمال تتجه إلى احتواء الخلافات العميقة بين الجانبين، وذلك وفق مقاربة جديدة تعتمد إرساء سياسات موضوعية بناءة، تثير الطمأنينة المتبادلة، وتعزز أجواء الثقة، وتفتح أبواب التعاون، وفي انتظار ذلك فإن الحوار الاستراتيجي المفتوح حول سائر القضايا مثار الاهتمام، يمثل أضعف الإيمان ونقطة انطلاق سعياً نحو التفاهم وبعيداً عن الحوار عبر وسائل الإعلام.
تقارير إعلامية منها لوكالة «رويترز» أفادت بأن الحوار الخليجي الإيراني سيبدأ بالفعل قريباً، مما يدل على أن اتصالات تمهيدية قد جرت منذ انفضاض قمة البحرين في الثامن من ديسمبر الفائت، وتوجّت هذه الاتصالات مؤخراً برسالة مجلس التعاون التي تبين أسس الحوار ومرجعيته، والمتمثل في ميثاق الأمم المتحدة، وأحكام القانون الدولي وسائر المبادئ التي تنظم العلاقات بين الدول، علاوة على ما يربط الجانبين من وشائج جغرافية ودينية وثقافية، والمنافع الهائلة التي يجنيها الطرفان لدى استعادة الصفاء في العلاقات، وبعد إزالة الخلافات وأسبابها.
من حق الخليجيين والإيرانيين سماع أنباء سارة عن الشروع في الحوار بين الجانبين بروح إيجابية تتوخى إعادة اكتشاف المشتركات وتوسيعها، وحصر نقاط الخلاف والسعي لوضع الحلول الجادة أمام القادة، على أن تكون فرصة بدء الحوار والشروع به مناسبة سانحة لإبداء حُسن النوايا، وإشاعة الاطمئنان في العلاقات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب ومعلق سياسي، قاص وروائي أردني-فلسطيني، يقيم في عمّان وقد أمضى شطرا من حياته في بيروت والكويت، مزاولاً مهنة الصحافة. ترجمت مختارات من قصصه إلى البلغارية والإيطالية والإنجليزية والفرنسية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"