هل تحول ترامب إلى كابوس لنتنياهو؟

03:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

بات واضحاً أن لا أحد يريد تصعيداً يصل إلى مرحلة الحرب بين إيران وأذرعها العسكرية في العراق وسوريا ولبنان من جهة و«إسرائيل» والولايات المتحدة من جهة أخرى.
فالمناوشات عبر الوكلاء التي جرت في مياه الخليج والعراق وسوريا ولبنان، ليست إلا استعراض عضلات من قبل إيران ونقاط انتخابية يحاول نتنياهو تجييرها لصالحه، فالخطر الوجودي الذي تواجهه «إسرائيل» من القوة النووية الإيرانية المتنامية ويزعم نتنياهو، أنه يكافح ضدها هو في الحقيقة خطر وجودي على حياته السياسية، التي يبدو أفقها مغلقاً؛ لأن استطلاعات الرأي ترجح أنه لن يستطيع تشكيل حكومة يمينية تتيح له إسقاط القضايا التي تلاحقه والاتهامات بالفساد؛ حيث رفضت المحكمة العليا طلباً منه بعدم نشر ملفات التحقيقات قبل الانتخابات.
بنيامين نتنياهو، أراد تسجيل نقاط انتخابية برفع غطاء السرية عن العمليات التي تجري في سوريا والعراق ولبنان لأسباب شخصية واضحة؛ لدحض الاتهامات له من قبل غريمه أفجيدور ليبرمان، بأنه ضعيف أمام إيران و«حماس» و«حزب الله» وأمام اتهامات جنرالات الحزب المنافس «لافون كحول أو أزرق أبيض».
فكانت عملية الطائرات المسيّرة فوق بيروت وقصف مواقع ل«حزب الله» وإيران في سوريا وفاخر نتنياهو بالطائرات المسيّرة لمنع «حزب الله» من الوصول إلى مرحلة تحسين الصواريخ ودقة الإصابة.
وكان نتنياهو، صدم عندما علم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعا محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، إلى بياريتس أثناء انعقاد قمة الدول السبع، وظن أن اللقاء قريب بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس دونالد ترامب، فاتصل مراراً بالرئيس ترامب ليبدي اعتراضه، لكن ترامب كان يعتذر بمشاغله في القمة ولا يرد عليه واكتفى نتنياهو بالاتصال بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي أكد ثبات الموقف الأمريكي المؤيد ل«إسرائيل» في تصريح علني. وكان نتنياهو قبل أسابيع اتصل بالرئيس ترامب بعد أن تأكد من أن واشنطن، تستعد لتوجيه ضربة لمنشآت إيرانية وطلب نتنياهو من ترامب، عدم الإقدام على خطوة كهذه؛ لأنها قد تشعل المنطقة فما الذي يريده نتنياهو؟
هناك من يقول إن نتنياهو غير معني بالحرب حالياً كما هو حال «حزب الله» والسجال الذي جرى بين «إسرائيل» والحزب، انتهى بقصف آلية «إسرائيلية» وأن نتنياهو، خرج بلا خسائر من المواجهة الأخيرة وطوى ملف التوتر على الحدود بين لبنان و«إسرائيل».
فرئيس حكومة الاحتلال لا يريد تنغيص مستقبله الانتخابي بحرب مع إيران وأذرعها مع علمه أن واشنطن ترفضها؛ لأنها قد لا تنتهي في أيام، بل قد تمتد لأسابيع، و«حزب الله»، يدرك ذلك أيضاً وهو يرى نتنياهو، يتودد لحركة «حماس» بالمال والوقود القطري؛ لكي تلجم إطلاق الصواريخ وتطارد مطلقيها، الذين ارتدوا عليها وصاروا يفجرون أنفسهم بشرطتها، وهو لا يدخل حرباً في غزة مع أنها أقل كلفة من حرب مع غيرها.
كما أن نتنياهو، يرى أن الرئيس ترامب بات أكثر اهتماماً بمستقبله السياسي مع بدء العد التنازلي للانتخابات الأمريكية، ولن يجرؤ على خوض أية حروب في هذه الفترة، وأبدى امتعاضه من العمليات التي تقوم بها «إسرائيل» في العراق؛ حيث إن القيادة الوسطى للجيش الأمريكي انزعجت من الضربات «الإسرائيلية» التي يبدو أنها من فعل جهاز الموساد من جهة وطائرات «إف 35» الحديثة من جهة أخرى، بل ربما يرى ترامب أن هذه الضربات «الإسرائيلية»، تسرع من احتمالات المواجهة مع إيران في ظل وجود قوات أمريكية في العراق وتنامي قوة تنظيم «داعش» وتعكر صفو العلاقات الأمريكية العراقية، وهو ما لا يريده ترامب في خضم حملته الانتخابية الرئاسية.
وحتى اللحظة لا يفهم نتنياهو، الخطوة التالية لترامب؛ لأن هذا الأخير الذي كان يؤيده في كل خطواته يبدو في طور التغيير، بل لم يعلن الشق السياسي من صفقة القرن كما وعد، والتي كانت ستكون في صالح نتنياهو، لذا سارع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» إلى الإعلان عن فرض السيادة «الإسرائيلية» على المستوطنات في الضفة كنوع من استرضاء اليمين وجذب الأصوات.
ما يقلق نتنياهو، هو هل سينسى ترامب الملف النووي الإيراني، كما فعل مع الملف الكوري الشمالي أم لا؟ وهذا ما يدخل الرعب في نفسه؛ لأنه كمن يشعر بأن حليفه الأكبر ترامب قد خذله، ولهذا عمل على تحريك سفيره في واشنطن ليقوم بتأليب المنظومة الإنجيلية الانتخابية في الولايات المؤيدة للكنيسة الإنجيلية الصهيونية؛ لإبراز قوته في الداخل الأمريكي، فإذا تراجع ترامب في الموضوع النووي الإيراني، فإن سياسة نتنياهو، ستنهار لذا يقوم بتشغيل سفيره رون دريمر؛ ليلوح بورقة الناخب الإنجيلي في وجه ترامب إذا اقتضت الضرورة.
فقد تحول الحليف الأكبر إلى كابوس، وهو الآن يركز على البدء في حث ترامب على إصدار بيان يتعهد فيه ترامب بحماية «إسرائيل» من أي خطر وجودي يتهددها، أي ما يرقى إلى معاهدة دفاع مشترك، فهل ينجح؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"