هل نسيتم غزة يا عرب؟

03:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

هل كان العرب يحتاجون إلى زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق للمنطقة في الشهر السادس من هذا العام لقطاع غزة، وتفجعه الإنساني والسياسي على أطلال العدوان الذي تعرض له في الشهر الأول من هذا العام، والشهر الأخير من العام المنصرم، حتى يتذكرون هذه المنطقة المفجوعة من الوطن العربي، التي تركها العرب تتعرض لعدوان إسرائيلي وحشي لا نظير له تحت أبصارهم، ثم تركوها بعد ذلك، وحتى هذه اللحظة، تستكمل الحصار الاسرائيلي العربي لها، فتحرم من أبسط وسائل العيش الإنساني الكريم، ووسائل رفع آثار العدوان عنها؟

لقد قام الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أولا بزيارة ميدانية لاستكشاف معالم العدوان الإسرائيلي وآثاره بأم العين، وهو ما لم يفعله أي مسؤول عربي حتى الآن، لا من الدرجة الاولى، ولا من أي درجة متدنية أخرى.

ثم إن الرئيس الأمريكي الأسبق أدلى ميدانياً بمجموعة من العبارات التي كانت الشعوب العربية تتمنى سماع عبارة واحدة منها على لسان مسؤول عربي رفيع:

لقد عبر الرئيس الأمريكي الأسبق عن مشاعره الإنسانية بصراحة كاملة، فأكد أنه أمام العديد من مشاهد الدمار وفظائع العدوان الإسرائيلي التي شاهدها، كان يبذل جهداً فائقاً لحبس دموعه.

لقد أطلق عبارة بالغة الصراحة والعمق، في وصف الظروف التي عاشها أهلنا في غزة تحت العدوان، ثم تحت آثار العدوان والحصار التي تمنعهم من معاودة النهوض ثانية، عندما قال بالحرف الواحد: إن سكان قطاع غزة يعاملون معاملة الحيوانات، لا معاملة البشر.

لقد أدان الرئيس الأمريكي الأسبق بعبارات إنسانية وسياسية صريحة الحصار الذي تمارسه إسرائيل على قطاع غزة، وطالب برفعه، حتى يمارس سكان قطاع غزة حياتهم الإنسانية الطبيعية.

وأخيراً، فلقد أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق، إحساسه بأنه يتحمل جزءاً من مسؤولية ما حدث لغزة في العدوان، وما يحدث لها بعد العدوان، لأننا نسمح لكل ذلك أن يحدث ويستمر.

لقد استكمل الرئيس الأمريكي الأسبق، كل عناصر الإدانة السياسية والإنسانية لما حدث وما زال يحدث في غزة، فيما عدا عنصراً واحداً كنت أتمنى الاستماع إليه على لسانه، وهو التعبير عن إحساسه بالمسؤولية، باعتباره راعي اتفاقيات كامب دافيد بين مصر واسرائيل، لأنه ترك هذه الاتفاقيات تمر من دون ربطها ربطاً كاملاً بحل جذري وتاريخي للمعاناة المستمرة لشعب فلسطين، منذ تشريده عن أرض وطنه على دفعات ابتداء من العام ،1948 بالاحتلال والتطهير العرقي والتمييز العنصري.

لكننا بذلك نحمل رئيساً امريكياً أسبق أكثر مما يحتمل ربما، وأكثر مما يجب أن يحمل كافة المسؤولين العرب، السابقين واللاحقين من تفاعلات هذه المأساة السياسية والإنسانية، التي لا تبدو لها في الأفق أي نهاية عادلة شاملة.

ألم تحرك زيارة جيمي كارتر لغزة وأقواله فيها وعنها، لدى أمين عام الجامعة العربية، فكرة أن يبادر إلى تشكيل وفد عربي شامل، من أدنى مستويات التمثيل الرسمي في جامعة الدول العربية، يقوم بزيارة ميدانية إلى قطاع غزة على غرار ومثال زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق لها، تجري خلالها عملية مسح شامل ودقيق، بالصورة والأرقام، لمجمل آثار العدوان الإسرائيلي عليها، ثم تجري عملية مسح مماثلة في دقتها وشمولها للظروف المعيشية التي يعانيها مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني من سكان القطاع، في أسر حصار يغلق عليهم البوابات من كل الجهات الإسرائيلية والمصرية.

ثم إننا نتساءل فيما لو أن المسؤولين العرب لم يتخذوا خطوة كهذه، أو أي تحرك آخر رديف أو مشابه، فهل يعني ذلك أننا نوافق (حكاماً وشعوباً)، على أن يظل مليون ونصف المليون عربي في قطاع غزة يعيشون عيشة الحيوانات، لا البشر، على حد تعبير الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"