أطفال خلف قضبان الزواج

12:44 مساء
قراءة 19 دقيقة

في الوقت الذي تشكو فيه المجتمعات العربية من تفشي العنوسة توجد على النقيض ظاهرة أخرى تتنامى بشكل مخيف هي الزواج المبكر للشباب والفتيات والذي ينتشر في بعض المناطق الريفية التي تسيطر عليها تقاليد ترى في زواج الفتيات صغيرات السن ستراً لشرف العائلة.

وإذا كانت الإمارات قطعت شوطاً طويلاً في حصار الزواج المبكر عبر تشريعات وقوانين تلزم الطرفين بضرورة التقيد بشرط السن القانونية للزواج، فهناك دول أخرى مثل مصر والسعودية واليمن والأردن لا تزال تعمل جاهدة على مواجهتها بشتى الوسائل بعدما أظهرت الدراسات خطورتها على المجتمع والمتمثلة في ارتفاع حالات الطلاق ووفاة الرضع من أمهات مراهقات وجدن أنفسهن فجأة أسيرات قفص الزوجية.

بعد أن نالت نجود الطلاق وهي في الثامنة

صغيرات اليمن في قفص التقاليد

عندما أصدرت محكمة يمنية حكما بإلغاء زواج يمني في الثلاثين من عمره من طفلة في الثامنة من عمرها، وهي الصغيرة نجود التي تناولها الإعلام المحلي والخارجي بالكثير من التفصيل، بعدما لجأت إلى المحكمة شاكية معاملته القاسية لها لم يكن ذلك إغلاقا لملف ظاهرة تعصف بالمجتمع اليمني بصمت، بل ملمح لمعاناة تكابدها الفتاة اليمنية التي تخضع في أحيان كثيرة لزيجات غير متكافئة في كثير من مناطق الأرياف حيث تجبر التقاليد الآباء على تزويج بناتهم صغيرات.

صنعاء - أبوبكر عبدالله:

القليل فقط من هذه القضايا تصل إلى المحاكم؛ فالعادات والتقاليد في اليمن تجعل زواج البنات في سن مبكرة أمرا عاديا يحصل كل يوم، غير أن الظاهرة بدأت تحظى باهتمام مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني النسوية التي تتبنى برامج لمناهضة ظاهرة الزواج المبكر.

يؤكد أكاديميون يمنيون أن ظاهرة الزواج المبكر في اليمن تنتشر لدى 52% من السكان، ويشيرون إلى أن حوالي 70% ممن يقدمون على الزواج المبكر تتراوح أعمارهم بين العاشرة والسابعة عشرة، كما أن 70% من الزيجات المبكرة تتم في الريف اليمني كانعكاس لتقاليد اجتماعية متوارثة. وثمة اعتقاد واسع في أوساط الشباب أن زواج الفتاة في سن صغيرة يؤدي إلى احتفاظها بنضارتها طول حياتها. كما يتيح للزوج تشكيلها كعجينة طيعة فضلا عن أن مطالبها تكون أقل بكثير من الفتاة الكبيرة في السن أو الفتاة الجامعية.

وبالمقابل فإن الكثير من الفتيات يعتقدن أن الزواج المبكر يمثل وسيلة مثالية للهرب من وطأة التقاليد التي تفرضها الأسرة ووسيلة أفضل لتجنب الوقوع في مشكلة العنوسة فضلا عما يتيحه الزواج المبكر من التمتع بحياة زوجية أفضل.

وتكشف دراسة ميدانية أعدها مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي للتنمية بجامعة صنعاء نفذت في عشرين محافظة عن تأييد واسع من قبل رجال الدين وأولياء الأمور والقيادات التقليدية في المجتمع الذين رأوا أن زواج الفتيات في سن مبكرة حماية للفتاة وتعزيز للترابط بين الأسر والقوة القبلية من خلال ما يوفر من فرص لإنجاب أكبر عدد من الذكور، كما أن الدين الإسلامي يحث على ذلك ليوسع فرص إنجاب أطفال أصحاء إلى كونه استجابة للسنة النبوية والتي تحمي المجتمع من التفسخ الأخلاقي.

تتراوح أعمار الفتيات اللاتي يخضعن لزواج مبكر في مناطق الريف اليمني بين 12و18 سنة في حين أن القانون اليمني يحظر تزويج الفتيات الأقل من 18 سنة.

وتؤكد دراسات حديثة أن عمر الزواج عند الفتيات اليمنيات كان سابقا يراوح بين 10 و24 سنة غير أنه وعلى مدى ثلاثة أجيال ارتفع إلى 14 و60 سنة.

وطبقا لدراسات عدة فإن ظاهرة الزواج المبكر لا تقتصر على محافظة بعينها؛ فمعظم اليمنيين وفقا لمسوحات ميدانية يرون أن سن الزواج الأنسب هو 14 و16 سنة وللفتيان بعد أن يحصلوا على عمل، غير أن الظاهرة تأخذ شكلا آخر في محافظتي حضرموت الشرقية والحديدة الغربية، إذ يعمد أولياء الأمور في مديرية سيؤون بحضرموت مثلا إلى تزويج بناتهم في عمر الثامنة فيما يبدأ زواج الفتيات في مديرية المكلا من 10 سنوات.

ويشير الباحث الاجتماعي مروان طه إلى العادات والتقاليد وسيطرة كبار السن على الاختيار في قرارات زواج الفتيات متجاوزين بذلك كل الحقوق الإنسانية للفتيات، كما يشير إلى أن اتخاذ القرار المتعلق بالزواج عادة ما يتخذه الآباء وكبار العائلة ولا يتحدد وفقا لإرضاء العلاقة المباشرة بين الزوجين الشابين والعواطف التي لا اعتبار لها عند الكثيرين.

الباحثة أمل الباشا رئيسة منتدى الشقائق لحقوق الإنسان كانت واحدة من ضحايا الزواج المبكر تزوجت في عمر سبع سنوات، وتقول: عندما قرر أبي تزويجي أتاني وكنت في الحي العب مع إخوتي وأبناء عمي؛ فقال لي والدي أصبحت متزوجة من عبدالجليل زوجك، وتم العقد، لكن الزواج أو الدخلة لم تتم في هذه السن، وإنما كان هناك اتفاق بين أبي ووالد العريس بأن تجري بعد عدة سنوات من اتمام العقد.

وتضيف: كنت عندما اسمع انه جاء إلى منزلنا أو يمشي في الشارع أهرب واختبئ تحت السرير وتصيبني حالة رعب، وفي الأخير حدث خلاف شخصي بين عائلة زوجي وعائلتنا، وكان والدي توفي فتدخلت جدتي في هذه الحالة وانتهزت الفرصة لفسخ عقد الزواج وتم الطلاق قبل أن تحدث ليلة الدخلة لكن التجربة النفسية والوجدانية خلقت لدي آثارا نفسية كبيرة.

وتلفت الباشا إلى أن الزواج والطلاق لم يكن يتم بإرادة الفتاة حيث كان الاعتقاد السائد قديما أن مصير الفتاة ليس في التعليم ولا الوظيفة بل من بيت والدها إلى بيت زوجها.

تلفت الباشا إلى تأثيرات زواجها في سن صغيرة بقولها: جعلني ذلك أتصرف وكأنني إنسانه مختلفة.. كنت عندما ألعب في الشارع مع صديقاتي أو قريباتي يقولون لي أنت متزوجة المفروض ما تلعبين معنا.

يقول الباحث احمد شمسان: هناك علاقة تبادلية بين الأمية والزواج المبكر؛ ففي حين يشكل الزواج المبكر أحد روافد الأمية التي توفر بيئة ملائمة لتنامي الظاهرة.

وترى الباحثة حسنية قادري رئيسة مركز دراسات النوع الاجتماعي والتنمية أن الدراسات العلمية أثبتت أن المشكلة الأساسية تكمن في ثقافة الخوف على البنت وحمايتها وتوفير الأمان لها لأنها تتحمل مسؤولية شرف الأسرة.

تأثيرات سلبية

يرى خبراء وأكاديميون مهتمون بقضايا الطفولة والزواج المبكر في اليمن أن للظاهرة آثاراً خطيرة على النمو الجسدي للفتاة وعلى الصحة الإنجابية. ويلفت هؤلاء إلى تأثيرات تتعلق بالنمو العاطفي والشعور بالأمان واستمرار الزواج إلى تأثيرات تطاول تطور المفاهيم الدينية والاجتماعية والسلوك الأخلاقي للزوجين، وهو الأمر الذي يرتبط بترك التعليم والنزول للعمل للبحث عن المال للمعيشة وفي خضم هذه المسؤولية قد تتغير تصورات الزوجين وخاصة في جانب المعايير الدينية والأخلاقية.

ويوضح الدكتور عادل الشرجبي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء، أن اليمن تعاني من أعلى المعدلات في الزواج المبكر على مستوى المنطقة العربية وهي تستحوذ على أعلى المعدلات في نسبة وفيات الأمهات أثناء الولادة، وهذه إشكالية لأن كثيرا من الأمهات لا يستطعن أن يلدن في سن 11 أو سن 12 أو ،13 الأمر الذي يؤدي إلى نقلها إلى المستشفى ونسبة كبيرة من هؤلاء يتعرضن لمضاعفات خطيرة تصل إلى الوفاة.

جهود المكافحة

يتفق ناشطون في اللجنة الوطنية للمرأة أن مكافحة الظاهرة تحتاج أولا إلى عمل ثورة في قضية تعليم الفتيات والعمل من أجل زيادة مشاركتهن وبناء قدراتهن حيث يصبحن أكثر قدرة على التعبير عن احتياجاتهن والدفاع عن حقوقهن.

وتؤكد دراسات أن هناك حاجة إلى استراتيجيات للتنمية المراعية لاحتياجات النوع الاجتماعي من خلال تعزيز إنصاف النوع الاجتماعي في مجال التعليم، والصحة، وابتكار رؤى وآليات لتغيير التوجهات الثقافية نحو المرأة بما يحقق المساواة بينها وبين الرجل في كافة المجالات فضلا عن الحاجة إلى رؤية للتغييرات القانونية الكفيلة بتحسين أوضاع المرأة والحد من السلوك الاجتماعي الإنجابي الذي يؤثر على أوضاع المرأة بما في ذلك الزواج المبكر.

48% من ربات البيوت ارتبطن قبل الخامسة عشرة

أزواج وزوجات تحت السن في السعودية

الزواج المبكر من الظواهر الاجتماعية المنتشرة في المجتمع السعودي.. ويعد أحد الأسباب الرئيسية للمشكلات الاجتماعية والصحية والاقتصادية، والبعض يعتبره ستراً للفتاة وطوق نجاة من شبح العنوسه، وصونا للفتى، والبعض الآخر يعتبره عاملاً رئيسياً في اتساع مشكلتي الفقر والأمية.. أما الأسر الفقيرة فتلجأ إلى زواج بناتها في سن مبكرة تحت ضغط الحاجة والتخفيف من ثقل الأعباء الحياتية والمعيشية واللهاث أحياناً وراء المهر وعطايا فارس الأحلام.

الرياض - عايدة صالح:

تظهر المعلومات أن الزواج المبكر في المملكة العربية السعودية ينتشر بين الفئة العمرية أقل من 15سنة، إذ تصل نسبة النساء المتزوجات من هذه الفئة إلى 48% من إجمالي الفئات العمرية للنساء تزوجت 13% منهن أكثر من مرة وتبلغ نسبة المتزوجين 46% من إجمالي عدد السكان في سن 10سنوات فأكثر لكلا الجنسين. ووفقاً لنتائج آخر مسح ميداني متوفر لتنظيم الأسرة فإن 24،6% من النساء تزوجن في سن (10-14) سنة و56% في سن (15- 19) سنة، فيما هناك 30% من الرجال يتزوجون في عمر (15-19) و39% تزوجوا لأول مرة وأعمارهم بين (20-24) سنة، في حين تزوج منهم 6% فقط في عمر أقل من 15سنة. وبينت النتائج ذاتها أن الزواج المبكر في الريف أعلى منه في الحضر، فقد بلغت نسبة من تزوجوا في الفئة العمرية (15-19) سنة 31% في الريف مقابل 27% في الحضر.. وأظهرت أن الرجال يفضلون الزواج بنساء أصغر منهم عمراً، فقد بلغ متوسط الفارق بين الزوج وزوجته الأولى حوالي 6سنوات وبين زوجتيه الثانية والثالثة وأكثر لمن في عصمته أكثر من امرأة حوالي 14سنة.

وأكد الشيخ سعود المعجب رئيس المحكمة الجزئية لضمان الأنكحة بالرياض بأنه لا يوجد نظام يحدد سناً معينة للزواج، فالشريعة الإسلامية لم تحدد ذلك بل حثت الشباب عليه حيث قال رسول الله: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) رواه البخاري. فمتى أستطاع الشاب الكفء القادر على تحمل مسؤولية الحياة الزوجية فيجب ان يقدم عليه إن رغب في ذلك فالزواج له دور إيجابي على الفرد وبالتالي على المجتمع إذا نجح، فالبعض من الآباء يقدمون على تزويج الابن وهو ليست له رغبه في الزواج أو غير قادر على تحمل مسؤولية الزوجة والأبناء أو يزوجه ممن لا يرغب فيها أو يزوجه فقط لأنه يرى أنه حان وقت ذلك دون مراعاة للابن أي الزوج وغالباً ينتهي ذلك الزواج بالفشل مما رفع نسبه الطلاق في المملكة إلى مستويات مخيفه في السنوات الأخيرة، في حين أنه يوجد من يؤخر الزواج، ومن الخطأ الذي تقع فيه بعض الفتيات والأهالي أنهم يريدون من الزوج أن يكافح ويحصل على الشهادة ويمتلك المنزل والسيارة والدخل ثم يأتي لخطبة البنت، لكن أن تشاركه البنت كفاح الحياة فلا يقبلون بذلك، حتى إن بعض الفتيات من بلغ عمرهن 30 وأكثر ولم تفكر في الزواج وترفض من يتقدم لخطبتها أو تؤجل الزواج لعل يتقدم لها من هو أفضل حتى تمضي عمرها دون زواج.

الدكتورة نجاة الصائم أستاذة الاجتماع بجامعة الملك سعود قالت: الزواج المبكر في المجتمع السعودي ليس ثقافة جديدة، فمعظم الأسر السعودية تحرص على تزويج أبنائها بمجرد بلوغهم سن الزواج وقدرتهم على تحمل تبعات الزواج ومسؤولياته منذ زمن بعيد، لكن الجديد فيها، تلك الانعكاسات السلبية التي أفرزها ويفرزها هذا الزواج على حياة الأفراد بوجه خاصة والمجتمع وتنميته بوجه عام.

وكشفت دراسة اعدتها المحاكم الشرعية في المملكة أن حالات الزواج المبكر في المملكة تشكل ما نسبته 14% ووفقا لآخر الإحصائيات لعقود الانكحة المسجله وصلت إلى 7598 حالة زواج مبكر من أصل 56570 حالة من هذه العقود تم في العام الماضي.

وتؤكد الدكتورة نغم أبو شقرا من مشروع القطاع الخاص لصحة المرأة الذي ينفذ بالتعاون مع وزارة الصحة، أن الزواج المبكر في مجتمعاتنا العربية يحمل خصوصية معينة، وينتشر بشكل واسع سواء في الريف أو الحضر، وله علاقة وثيقة بالقيم السائدة في مجتمعاتنا العربية، الذي ينظر إلى الزواج المبكر باعتباره صيانة من الانحراف، واستكمالاً لنصف الدين.

وتشير دراسات الصحة في المملكة الى أن المشكلة لا تكمن خطورتها في الزواج المبكر في حد ذاته، ولكن في الحمل والإنجاب المبكرين لأن الزواج والحمل المبكر يعرضان الفتيات الصغيرات لمخاطر صحية كثيرة وأيضاً يؤثران في أوضاعهن الاجتماعية والتعليمية.

(م.خ) باحت بتجربتها قائلة: كنت في الخامسة عشرة من عمري عندما تزوجت وزوجي كان في ال20 من عمره، وكان والده ينفق علينا فهو لا يملك حتى الوظيفة، وزواجنا استمر 9 أشهر فقط ثم انفصلت عنه لعدم تحمله المسؤولية وكثرة المشاكل. وبعد انقضاء عدتي تزوجت من رجل يكبرني ب25عاما، لم أكد أفق من صدمة انفصالي حتى تلقيت الصدمة الثانية بعد أقل من ثماني أشهر من زواجي حيث كان فارق السن كبيراً ولم أستطع التعايش معه، وأنا الآن مطلقه مرتين ولم يبلغ عمري الثامنة عشرة.

أما منال التي تعاني حاليا من مشاكل صحية جراء إجهاضها فقالت: تزوجت وعمري 14 سنة وزوجي يكبرني بسبع سنوات وذهبت معه إلى منطقة أخرى لظروف عمله إلا أنني استطعت أن اتأقلم مع الحياة الجديدة والبعد عن أحضان أهلي في وقت واحد وكان من الصعب علي ذلك ولكن الحمد لله أعيش حياة سعيدة مع زوجي، ولم يمر العام الأول من زواجنا الا ومعنا مولودتي الأولى وعمرها الآن 8 أشهر وأسقطت حملي الثاني، وكنت أحلم أن أكون زوجة وأماً والحمد لله تحقق حلمي.

بيت العائلة تبرير ريفي للتمسك بالظاهرة

أمهات مصريات في سن المراهقة

يظل الزواج المبكر للفتيات إحدى أبرز الظواهر الاجتماعية في الريف المصري، حيث لا تزال معظم الأسر في قرى مصر تصر على تزويج أبنائها في سن مبكرة، لا فرق في ذلك بين قرى الجنوب والشمال، باعتبار مثل هذا الزواج سترة وعفافا للبنت وعزوة وسلطانا للرجل.

القاهرة - الخليج:

ويرجع كثير من الباحثين وخبراء علم الاجتماع الارتفاع الكبير في نسبة الزواج المبكر في ريف مصر إلى جملة من الأسباب الاجتماعية والثقافية، من أهمها رغبة الريفيين أنفسهم في الإكثار من الأولاد نظرا لطبيعة عملهم في الزراعة التي تتطلب أيادي عاملة كثيرة، فضلا عن الثقافة السائدة في تلك المجتمعات، والتي تفضل دائما تقليل الفاصل الزمني بين أعمار الآباء والأبناء، فضلا عن نظرتهم لزواج البنات السريع باعتباره صيانة للشرف والعرض وحماية لهن من العنوسة، بغض النظر عما يمكن أن يسببه ذلك الزواج المبكر للفتيات من مشاكل صحية ونفسية عديدة.

ولا توجد إحصاءات رسمية دقيقة حول حجم تلك الظاهرة، وإن كانت العديد من الدراسات الاجتماعية التي صدرت مؤخراً، تشير إلى أن نحو 36% من إجمالي عدد الزوجات الحاليات في الغالبية العظمى من الأسر الريفية، تزوجن في سن أقل من 16 عاما، في حين لا تزيد تلك النسبة في الحضر على 9.1%.

في قرية العزيزية التابعة لمحافظة الشرقية، يخرج محمود حسن البالغ من العمر عشرين عاما إلى حقله كل صباح يمتطي حماره، فيما تسير على بعد خطوات منه زوجته عزة التي لا يزيد عمرها على ثمانية عشر عاما، وهي تسحب ذكرا من الجاموس وبقرتين بيد فيما اليد الأخرى تحتضن صغيرهما أحمد الذي لم يكمل عامه الثاني بعد.

بعد دقائق قليلة سيكون لزاما على عزة أن تعود أدراجها إلى البيت، لتجهز طعام الغذاء لزوجها، في الوقت الذي تقوم فيه بمهام نظافة البيت وإرضاع الصغير، ومتابعة أخبار أمها المريضة في البيت المقابل لها.

قبل عامين تقريبا كانت عزة لا تزال تلهو مع قريناتها من بنات شارعها الضيق في تلك القرية البعيدة، قبل أن تتلقفها عيون والدة محمود، وتطلبها للزواج من ابنها، فقد كبرت البنت وصار لزاما عليها أن تتزوج. ويقول زوجها محمود ضاحكا: طلبتها أمي للزواج من أمها، واتفق الرجال على التفاصيل، بينما كنت أنا سعيدا، فعزة جميلة كما أنها ماهرة في شؤون البيت، وتم زواجنا خلال شهرين قمت خلالهما بتجهيز غرفة في بيت العائلة.

عندما تم الزواج بين عزة ومحمود لم تكن البنت أكملت عامها السادس عشر بعد، لكن ذلك لا يمثل عائقا أمام العديد من الأسر في ريف مصر البعيد، فزيارة واحدة إلى طبيب الوحدة الصحية تنهي المشكلة خاصة بالنسبة للعديد من الفتيات اللاتي لا تقوم أسرهن بتسجيل مولدهن، حيث يقوم الطبيب بتسنين الفتاة ومنحها دائما سنا أكبر من عمرها ليتم عقد القران، حيث تنص المادة 33 من لائحة المأذونين في مصر حاليا على أنه لا يجوز مباشرة عقد الزواج ولا المصادقة على زواج مستند إلى ما قبل العمل بهذا القانون، ما لم يكن سن الزوجة ست عشرة سنة، وسن الزوج ثماني عشرة سنة وقت العقد، لكن المادة 34 من نفس اللائحة، تفتح الباب واسعا أمام التحايل على شرط السن، الذي يمكن إثباته بشهادة الميلاد أو مستند آخر مثل الشهادة الطبية.

ودفعت حالات التحايل على شرط السن من قبل العديد من الأسر الريفية لتزويج بناتهن، الحكومة المصرية مؤخرا إلى وضع سلسلة من الضوابط للحد من ذلك، حيث اشترطت وزارة الصحة ضرورة وجود بطاقة الرقم القومي التي تحدد عمر الفتاة لإبرام وثيقة الزواج، باعتبار ذلك الحل الوحيد للتصدي لمشكلة التسنين التي لا تخلو دائما من تلاعب فاضح في عمر الفتيات، بمنحهن أعمارا أكبر من أعمارهن الحقيقية.

وإذا كانت تلك الإجراءات حدت بشكل كبير من ظاهرة زواج البنات دون سن السادسة عشرة في الريف المصري، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار الظاهرة، فهناك دراسة ميدانية حديثة أجريت في إحدى قرى محافظة الجيزة تشير إلى أن نسبة الإناث اللاتي تزوجن مؤخرا في سن ما دون العشرين بقليل بلغ نحو 9.87% من جملة المتزوجات في تلك القرية، حيث يتم الزواج دائما بحجة الحفاظ على شرف البنت والخوف عليها من العنوسة.

الحاج إسماعيل الشافعي مأذون منطقة كوبري 7 التابعة لمحافظة كفر الشيخ يتفق مع الرؤية السابقة ويقول: بالفعل ينظر كثير من أبناء الريف إلى زواج البنات في سن مبكرة باعتباره سترة للبنت وعزوة للولد، فالزواج المبكر بنظرهم يساعد الأبناء على إنجاب كثير من العيال الذين يساعدونهم في النهاية في أعمال الزراعة، فضلا عما تكسبه كثرة العيال للعائلات من مهابة وقوة.

إيمان.ع البالغة من العمر 25 عاما، واحدة من فتيات قرية العمار الكبرى التابعة لمحافظة القليوبية، تزوجت قبل ما يزيد على سبع سنوات من جار لها في قريتها، وأنجبت منه ثلاثة من الأطفال قبل أن تصاب بورم خبيث في الرحم قبل عامين يتهدد حياتها بالخطر، وتقول: لم يكن عمري تجاوز السابعة عشرة عندما زوجتني أسرتي، كنت سعيدة مثل كل البنات بهذه الزيجة حتى أنجبت ابني الثاني، فبدأت أفقد قوتي، حتى حملت في الطفل الثالث وبدأت المشاكل تتفاقم.

لم تكن إيمان ابنة الثانية والعشرين حينذاك تعرف أن تلك الأعراض التي تداهمها ليست سوى مقدمات لمرض خطير سوف يضرب بقوة، ويكشر عن أنيابه بعد أن وضعت طفلتها الأخيرة، لتبدأ رحلة علاج قاسية لا تعرف متى ستنتهي.

رحلة العذاب التي تعانيها إيمان ليست سوى واحدة من سلسلة من المخاطر الصحية التي يحذر الأطباء منها بقوة بسبب الزواج المبكر، فالفتاة تكون معرضة للعديد من الأمراض التي قد تصاحب الحمل في تلك السن المبكرة وفي مقدمتها، كما يقول الدكتور خالد منتصر أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية بمستشفى هيئة قناة السويس، تسمم الحمل وفقر الدم بل وصعوبة الولادة وما قد يصاحبها من حدوث الإجهاض.

الإمارات تتجاوز الظاهرة بالقوانين

الشارقة - مصطفى عبدالرحيم

تعمل الامارات جاهدة على الحد من ظاهرة الزواج المبكر بوصفها من الظواهر السلبية التي تؤثر على المجتمع وتضر بمصلحة الأسرة، لذا حرصت على وضع التشريعات والقوانين اللازمة في هذا الشأن.

يقول المستشار عبد الرحمن سلطان رئيس محكمة الشارقة الابتدائية الشرعية إن الدولة وضعت القوانين والتشريعات المنظمة للزواج، فالقانون رقم 28 لسنة 2005 بشأن قانون الأحوال الشخصية يشترط أن لا يقل سن الزواج عن 18 سنة حيث رأى المشرع في هذه السن البلوغ الكامل للزوجين وتحملهما مسؤولية الزواج وأعبائه علاوة على أن قرارهما يكون لهما أنفسهما وليسا مجبورين عليه خصوصا الفتيات اللاتي ربما يتعرضن للقهر من الأهل أحياناً مشيراً إلى أن القانون منع أن لا يضاعف الزوج سن الزوجة ومراعاة السن المناسبة للزوج بالنسبة للزوجة.

ويضيف أن القانون ربط في هذه القواعد المنظمة للزواج المنح المقدمة من صندوق الزواج والتي تمنح للزوجين حديثي الزواج بالسن القانونية للزواج، لافتا الى أنه في حالة تجاوز القوانين المنظمة للزواج لا توافق المحكمة على هذا الزواج أصلا بالإضافة إلى أنهم لا يحصلون على تلك المنح.

ويؤكد أن هناك بعض الحالات النادرة التي يمكن أن تستثنى من هذه القوانين والتي لابد فيها من موافقة المحكمة واقتناعها الكامل عن طريق الفحوص الطبية التي تؤكد جاهزية الزوجين للزواج بدنياً وصحياً والتأكد من عدم وقوع أضرار عليهم في حال إتمام الزواج بالإضافة الى إحضار الزوجين أمام رئيس المحكمة للتأكد من عدم إجبار الزوجين على الزواج وتأكيد رغبتهما في ذلك، علاوة على الشروط التي يمكن أن توضع ضمن عقد الزواج من قبل الزوجة مثل السكن المناسب وحقها في التعليم لان المحكمة تتابع مثل هذه الأمور المتفق عليها بين الزوجين في العقد بعد الزواج لحفظ حقوق الطرفين.

وينوه الى أنه في حالة أن يتم عقد زواج بين زوجان من خارج الدولة سواء أجانب أو عرب فيتم التعامل معهم على أساس القوانين المنظمة للزواج داخل الدولة دون الرجوع لقانون البلد الام فما دام الزوجين أرادا الزواج في الامارات فلا بد من أن يسري عليهما قانون الدولة، ويرى أن الوقت الذي كان فيه فكر الزواج المبكر قد تغير حيث زاد الوعي الاجتماعي والصحي علاوة على ارتفاع نسبة التعليم فالشاب أو الفتاة في حال إتمامهم للتعليم الجامعي وهم كثر ومن ثم الحصول على وظيفة يكونون قد وصلوا الى السن المناسبة للزواج وتحمل المسؤوليات الكبيرة التي تلي الزواج من بيت وأطفال وخلافه.

نسبته 14% وأصغر أب عمره 15 عاما

زواج القاصرات خطر على المجتمع الأردني

عمان - ماهر عريف:

فتح تقرير دائرة المحاكم الشرعية في الأردن والذي رصد تسجيل 7598 عقد قران موثقاً لمن دون سن الثامنة عشرة بنسبة 14% خلال العام الماضي فقط، ملف الزواج المبكر وتبعاته مجددا حيث رآه متخصصون بات متخما بأضرار اجتماعية وصحية ونفسية وسكانية تتزايد تدريجيا منذ سبع سنوات تحديدا بعد اعتماد تطبيق تصريح رسمي يجيز للقضاة إتمام عقود القران للقاصرين بداعي توافر مصلحة الطرفين وفق التعديل الملحق بالمادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية.

وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونسيف فإن متوسط عمر الزواج لأول مرة في الأردن وصل الى نحو 22 عاماً قبل خمس سنوات، غير أن احصاءات صادرة عن جهات محلية مسؤولة تؤكد زيادته حاليا بمراحل في العاصمة عمان وبعض المحافظات وبعض المحافظات ونقصانه في سواها، سيما التجمعات الشعبية والبدوية ارتباطا بالظروف المعيشية والعادات والتقاليد.

وبينما سجلت نسبة المتزوجين متأخرا في البلقاء مثلا 49% تلقت المحكمة الشرعية في اربد وحدها 1566 اذن زواج طلبها أولياء يافعين ويافعات، وفي غضون 12 شهرا شهدت 400 حالة طلاق أصحابها دون العشرين عاما بنسبة 24،8% من معدل الانفصال العام عدا معاناة بعضهم مشكلات سيكولوجية وعضوية دعت مهتمين هناك للتحرك بصورة توعوية مكثفة الى جانب تجهيز مقار لاستقبال العواقب السلبية احداها دار الضيافة في جمعية الأسرة والطفولة المطلعة وفق مديرها كاظم الكفيري على حالات وصفها بالمؤلمة لنتائج الزواج المبكر، في مقابلها ثمة من يؤكد نجاح تجارب غيرها ميدانيا.

حالات وانطباعات

محمد خضر الفيومي يعد أصغر أب في الأردن بعدما أنجب وهو في الخامسة عشرة من عمره مع زوجته حسيبة شيشية التي تكبره بعام في السنة الماضية طفلهما بحار، ورغم تعبيرها عن فرحتهما الغامرة آنذاك الا ان معطيات مرادفة ولاحقة تشير الى جنيهما نتائج مغايرة سيما أن الزوج لا يعمل والأم تركت مقاعد الدراسة في الصف العاشر لتتولى رعاية هي في حاجة إليها.

ويقول فيومي: نحن من عائلة تفضل الزواج المبكر ووالدتي تمنت أن تصبح جدة بسرعة لأنها تعشق الأطفال ونذرت منذ ولادتي أن تزوجني مبكراً لتحقق حلمها وفعلا راحت تبحث وسط معارفنا حتى وجدت عروساً ورغم تعثر اجراءات عقد القران بداية إلا أن القاضي الشرعي وافق على ابرامه تالياً تقديراً لرغبة الأسرة وموافقتنا على الارتباط.

ويشدد فيومي على سعيه لإعالة زوجته وطفله وتربية الأخير بصورة صالحة لكنه يستدرك بإقراره اضطراره العيش في كنف والدته ضمن منزل صغير وحالة اقتصادية متواضعة وسط اشقائه وشقيقاته التسعة وتأجيله لتعليمه من دون العثور على وظيفة.

ولا تقف الآثار عند الجانب المعيشي بالنسبة للشابة نائلة 17 عاما وزوجها ياسر الذي يكبرها بسنتين إذ انسحبت على اتزانهما النفسي والجسدي بعد اجهاض الأم طفلا لم يتحمل جسمها حمله ارتباطا مع عدم فهمها أولويات الانجاب وحاجاته وكيفية ادارة مسؤوليتها الجديدة..

ويقول محمد مروان أحد أقارب ياسر الذي طلق زوجته وغادر بحجة اكمال تعليمه: منذ حفل الزفاف لاحقتهما عيون مندهشة لصغر سنهما وحصدا استعجال اسرتيهما في ارتباطهما فور انتقالهما الى شقتهما الجديدة حيث الزوج لايعرف طريقة التصرف في الأمور الزوجية ويعود في كل صغيرة وكبيرة الى والدته ووالده عدا عدم تخلصه من هواجس مرحلته العمرية، سواء في اهتمامه بمقتنيات الهواتف المتحركة ومقاطع البلوتوث وامضائه جل المساء في صالات البلياردو والبلاي ستيشن أو التمتع برحلات طويلة مع رفاقه اما زوجته فلا تجيد اعداد الطعام وتهتم بتعليمها المنزلي ولقاءات زميلات دراستها وتقترب من ممارسات الطفولة.

ويضيف: علمنا أن الشابة اصيبت باضطرابات نفسية لاحقا لعدم قدرتها التعاطي مع ضرورات وواجبات مرحلتها الجديدة وزادت الامور سوءاً حين علمت بحملها ولم تعرف متطلبات ذلك سيما أنها كانت تفرض ريجيماً حاداً لتبدو مثل بنات جيلها وتعرضت لمضاعفات صحية حادة وسلوكية بدءا من الانعزال والاكتئاب وأصيبت بحالة تسمم الحمل كادت تقضي عليها وفق تقرير الطبيب ازاء عدم اكتمال نمو جسمها وأهليته اساساً للانجاب الطبيعي فأجهضت طفلها غير مكتمل الأعضاء واصيبت بفقر الدم وسط جهل تعامل زوجها مع المستجدات المتلاحقة لينفصلا.

ويقر الستيني برهان عطية بتزويجه بناته قبل اتمامهن العشرين من أعمارهن احداهن لم تتم 17 عاماً مبرراً ذلك بالقول: تلك عادة قديمة في الريف عندنا وتطبيقها سترة للفتاة واسهام في مزيد من الانجاب والتزام بتقاليدنا ودرء لاحتمال العنوسة وتحويل لعبء البنات وهمهن على أزواجهن واقتناعا من آخرين بأن الفتاة مصيرها لمنزل زوجها بدلا من تعليمها وعملها.

ويعترف عطية بأن شباب اليوم ما عادوا قادرين على تحمل مسؤولية الزواج المبكر لكنه في المقابل يصر على عدم وجوب النهج على الارتباط بالأساليب القديمة رافضا الحديث عن سلبياتها واكتفى بالتعليق قائلا: هناك نتائج صحية أحيانا لكنها قضاء وقدر لا أكثر.

المشاهدات الميدانية لكاظم الكفيري رئيس جمعية الأسرة والطفولة في اربد تبرهن على عكس ما ذهب اليه سابقه حيث يقول الكفيري: اطلعنا من خلال دار الضيافة التابعة للجمعية على حالات طلاق وتملص من تربية الابناء وانهيارات نفسية جميعها سببها الزواج المبكر الذي أرى اطرافه ضحايا للمجتمع نستقبلهم ونحاول معالجتهم لنكتشف أن أغلبيتهم لاتتعدى تطلعاتهم أبعد من مرحلة الطفولة والمراهقة.

وتستغرب نسرين أبو صالحة عبر برنامجها التلفزيوني يوم جديد مما تصفه الجنوح في كلا الجانبين موضحة: القاصرون لايستطيعون التعامل مع متطلبات الزواج والاستقلال الاسري لأن مداركهم محدودة وفي المقابل التأخير في الزواج ازاء الظروف المعيشية الصعبة يولد ظواهر سيئة على الأشخاص ومحيطهم.

ويصف أيمن العادي 21 عاما إقدامه على الزواج مبكرا بأنه غلطة عمره سيما بعد تكبده عناء انجاب ثلاثة أطفال حتى الآن معتبرا انصياعه لنصائح معارفه بالارتباط وهو طالب جامعي اختصر تمتعه بمرحلته الشبابية وتأزم في حياته مع عدم استيعابه تطبيق أصول العلاقة الشرعية وتبعاتها، ويعلق ابن عمه عصام العادي: راجعت نفسي كثيرا قبل الاقدام على تجربة مماثلة وقررت تأجيلها حتى أصبح أكثر نضوجا من جميع النواحي.

معدلات ودلالات

أفادت بيانات المجلس الأعلى للسكان في الأردن أن مليون طفلة دون 15 عاماً مستعدات لدخول سن الزواج يتوقع زيادة عددهن الى الضعف في مرحلة الزواج والحمل والانجاب عام 2020 مما ينذر بزيادة مذهلة في الانجاب تصل الى 255 ألف مولود وهو الأمر وبحسب وزير الصحة صلاح مواجدة ستكون نتائجه مخيفة بتضاعف مطرد في عدد السكان في العقدين الماضيين مشددا ضمن ورشة نظمها مشروع صحة المرأة والأسرة مؤخراً على ضرورة خفض معدلات الخصوبة وتجنب جميع ما يسهم في مضار تمس سوية انجاب المواليد تنقصهم الرعاية من بينها الزواج المبكر.

وحدد القاضي سليم العلي مفتش المحاكم الشرعية المقصود بالزواج المبكر أنه دون بلوغ سن الرشد القانونية والشرعية التي أوضحتها المادة الخامسة في الاحوال الشخصية في بيان ان يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين واتما ثماني عشرة سنة شمسية وعقب العلي: التعديل الجديد المضاف اجاز للقاضي حال تقديره توافر مصلحة الطرفين تزويجهما أذا اتما الخامسة عشر في استثناء حمل رقم (82) لعام 2001 جار العمل به من حينها.

وحسب القاضي الشرعي في اربد عواد جرادات فانه لا يستطيع رفض اتمام زواج القاصرين في ظل رغبتهما وموافقة ذويهما والتأكد من مقدرة الشاب على النفقة ودفع المهر مؤكداً أن العادات والتقاليد لاتزال عائقاً أمام الحد من زيادة الحالات.

ورأى القاضي خالد ربايعة صاحب الدراسة الراصدة 14% نسبة الزواج المبكر من اجمالي عقود القران في الاردن أن معدل الاخير ضمن اطاره الطبيعي ولا يمثل ظاهرة مقلقة في مقابل صعوبات تواجه قدرة نسبة كبيرة من الشباب على الزواج وتأجيل هذا المشروع من أولوياتهم.

آراء متخصصة

يختلف الدكتور موسى شتيوي استاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية مع المقللين من حجم الزواج المبكر محليا واعتبره ظاهرة مؤرقة للغاية يجب التصدي لها وقال: أستغرب اعتبار النسبة المعلنة رسميا بأنها ضمن المعدل الطبيعي فهي مرتفعة وتقود الى أسر أفرادها لايتمتعون بصحة سليمة ولا استقرار نفسي آمن.

وانتقد شتيوي التعديل القانوني الذي منح صلاحية الموافقة على تزويج دون الثامنة عشرة واصفا الاستثناء المجيز بأنه يتسع ليرسخ عادة سائدة بما ينفي النص الأصلي في رأيه، وأضاف: المشكلة تتفاقم وآثارها تنسحب على الزوجة الصغيرة بالذات بحرمانها من حق التعليم وولادتها أطفالا تجهل أصول تربيتهم ما ينعكس عليهم ويجعلهم مضطربين سلوكيا واجتماعيا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"