الثقة بالذات مفتاح الصحة النفسية

الإنفلونزا تؤثر أكثر من “إيبولا” في الأعمال
03:34 صباحا
قراءة 4 دقائق
متابعة: لبنى بولحبال
حذر خبراء نفسيون من ضغوط الحياة الاعتيادية وتأثيرها في الصحة النفسية، ودعوا في محاضرة نظمتها مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي بإدارة كليفلاند كلينيك، إلى ضرورة التعامل الإيجابي مع هذه الضغوط عن طريق التخطيط المسبق، والتدبير الجيد للوقت، والمحافظة على الهدوء في التعامل اليومي مع متطلبات الحياة، إضافة إلى الموازنة بين العمل والأسرة والراحة .
أكد المتحدثون خلال المحاضرة التي تناولت "الصحة النفسية ومشكلات الإنسان المعاصر" أن مشاركة الآخرين من ذوي الخبرات المماثلة وجماعات الدعم المختلفة تسهم بشكل كبير في إيجاد الحل والتقليل من الشعور بالوحدة والعزلة .
وتطرقت المحاضرة إلى أمور عدة من بينها نظرة المجتمع للصحة النفسية وثقافة العيب التي تلاحق المصابين بالأمراض النفسية في مجتمعاتنا، وسبل التغلب على القلق والتوتر في حياتنا اليومية في عصرنا الحالي .

مقومات الصحة النفسية

وتحدث الدكتور مفيد رؤوف، اختصاصي الطب النفسي بجناح العلوم السلوكية في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي، رئيس جمعية الإمارات للأمراض النفسية، وزميل الكلية الملكية للأطباء النفسيين، عن تأثير الإيقاع السريع للحياة المعاصرة سلبياً في الصحة النفسية، لاسيما القلق الناجم عن ذلك بشأن أمور حياتنا اليومية، وقال: "حسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن الصحة كل متكامل يشمل الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية، وبتعبير آخر لم يعد خلو جسم الإنسان من المرض مؤشراً كافياً إلى صحته وعافيته، وتؤثر الحياة العصرية في المدن في صحتنا النفسية بسبب التوتر والاضطراب وهموم الأسرة وفقدان ما يعرف بالأمن النفسي ناهيك عن عدم الثقة بالمستقبل" .
وأضاف: "رغم ذلك، يمكن تحقيق الصحة النفسية عبر تعزيز الثقة بالنفس، وترسيخ العلاقة بين كافة أفراد العائلة، وانتهاج أساليب الحياة الصحية، وتصالح الإنسان مع ذاته بما يحقق راحة البال، وبإمكان الإنسان أن ينعم بالصحة النفسية عندما يحقق التوازن الأمثل بين الجوانب الجسدية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والروحانية في حياته اليومية" .
وتحدث الدكتور رؤوف عن ثمانية مقومات تقوم عليها الصحة النفسية هي:
المقوم الأول: ويكون باحترام الذات والقبول من خلال النظرة الإيجابية للذات والخبرات السابقة، ومعرفة الإمكانات والدوافع ومشاعر القوة والضعف، وعدم المبالغة في القدرات، وعدم التقليل من الشأن، والشعور بالقبول من الآخرين .
المقوم الثاني: وهو التطور الشخصي الذي يتم من خلال التعلم الدائم لاكتساب المعرفة والمهارات الجديدة .
المقوم الثالث: وهو أن يكون هناك هدف ومعنى من حياة الفرد، وعلاقات إيجابية مع الآخرين عن طريق عدم فرض متطلبات كثيرة على الآخرين لتلبية الحاجات والعطاء المتبادل .
المقوم الرابع: وهو الموازنة في جميع جوانب الحياة من خلال العمل واللهو والنشاط والراحة والاختلاط والوحدة والعمل والأسرة .
المقوم الخامس: الاستمتاع بالحياة من خلال التعلم من خبرات الماضي والتخطيط للمستقبل من دون انشغال مفرط بما لا يمكن تغييره والتنبؤ به، وعيش اللحظة والحدث، والسيطرة الطوعية على السلوك عن طريق ضبط النزعات العدوانية والجنسية، والثقة في القدرة على ضبط السلوك .
المقوم السادس: الاستقلالية وتكون بتدبير شؤون الحياة المادية والاجتماعية باستقلال وتلقائية، وعدم الاعتماد المفرط على الغير .
المقوم السابع: القدرة على التعافي من خبرات الحياة السلبية، ويتحقق ذلك بالعودة إلى النشاط الاعتيادي، والتكيف الفاعل مع الضغوط .
المقوم الثامن: المرونة في التوقعات على المستوى الفكري والانفعالي، ويكون بتجنب التصلب والتوقعات المتشددة، وخبرة التعامل مع الانفعالات، والتعبير عنها تعبيراً مقبولاً وإيجابياً .
ودعا الدكتور رؤوف إلى الإنتاجية، من خلال تحويل القابليات إلى نشاط منتج، الشعور بالحماسة، عدم الحاجة إلى الحث لتلبية متطلبات الحياة، وتحقيق الذات من خلال إدراك القدرات والطاقات الكامنة والعمل على تحويلها إلى الواقع، إدراك جوانب القوة وتطويرها إلى أقصى مداها .

تحسين الصحة النفسية

من جهتها، قالت رنا أبو نكاد، اختصاصية نفسية بجناح العلوم السلوكية في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي: "حتى نجعل صحتنا النفسية في حال أفضل لا بد من بناء الثقة بالنفس واحترام الذات عن طريق معرفة نقاط القوة ومهارات التفوق والابداع والعمل على تفعيلها واستثمارها، ومعالجة نقاط الضعف وتطويرها بما يضمن استمرار النمو النفسي، إضافة إلى بناء علاقات أسرية إيجابية من خلال تخصيص وقت للأسرة، والتعرف إلى قدرات ومهارات كل فرد في الأسرة والإنصات لكل فرد للتعرف على هواجسهم وتطلعاتهم، تبادل العطاء والدعم" .
وأضافت: إن الاهتمام بالأصدقاء من الطرق التي تحسن نفسية الفرد وذلك من خلال مشاركتهم أحزانهم وأفراحهم، أو بناء صداقات جديدة، كما أن العمل التطوعي والخيري ذو قيمة وأهمية بغض النظر عن حجم المساهمة، حيث إن زيارة الأطفال وكبار السن والمشاركة في الحملات المجتمعية يفيد في تحقيق الشعور بالرضا والإحساس بالهدف، إضافة إلى ضرورة التعامل الإيجابي مع الانفعالات، فجميعنا نحتاج إلى سبل أمينة وبناءة للتعبير عن مشاعر الغضب والحزن والسعادة، سواء بإشراك صديق أو اللجوء إلى من يستمع إلى الشكوى .
ودعت الاختصاصية رنا إلى ضرورة الحرص على تناول الغذاء الصحي المتوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، حيث تفيد في تخفيف الضغوط وتزيد من الاستمتاع بالحياة، محاولة التعايش السلمي مع الذات من خلال معرفتها جيداً والتصالح معها، البحث عن ما يثير اهتمام الفرد ويجلب له السعادة، الموازنة ما بين ما يمكن تغييره في النفس وما لا يمكن تغييره، تخصيص بعض من الوقت للنفس وممارسة تمارين التنفس، الاسترخاء، التأمل، هواية أو رياضة مفضلة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"