العمالقة يعودون

03:59 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

الفنان لا يموت، أيّاً كان ما قدمه للجمهور، فبعد رحيله تبقى أعماله مسجلة في دفاتر الفن، مع تصنيف «راق» أو «هابط»، مبتكر أو مبتذل. يراه الجمهور في إعادة أفلام أو مسلسلات شارك فيها، أو يعيد سماع أغنياته، ومقاطع الفيديو المصوَرة؛ هذا هو المعتاد ومنذ الأزل، أما اليوم، فأصبح الفن أكثر خلوداً، وأكثر معايشة للأجيال من أي وقت مضى.
من كان يتخيل أن أم كلثوم ستقف مجدداً على المسرح لتغني لشباب اليوم؟ من كان يحلم بأن يرى «كوكب الشرق» في حفل حي، وبحضور أوركسترا كاملة، وقائدها، بوقفتها وشموخها أمام الجمهور؟
التقنيات الحديثة أعادت إحياء أم كلثوم بالجسد والصوت. صورة كاملة تتحرك على مسرح دبي أوبرا، محاطة بفرقة موسيقية، تغني «بلاي باك»، مع موسيقى حية، ومؤثرات تبهر الجمهور، الذي عاد ليصرخ في قرارة نفسه «الله يا ست».
«الهولوجرام» أعاد إلينا ليالي الطرب الأصيل، فتجسدت أم كلثوم أمام جمهورها بفضل هذه التقنية، لتغني في مصر، ودبي، والسعودية، وتبهر الجمهور الحاضر والغائب، الذي تابع «الخبر» باعتباره حدثاً فنياً وتقنياً يبشر بمرحلة جديدة، تلفت الفنانين إلى أهمية التراجع عن الاستسهال في تقديم فن هابط، وسطحي خالٍ من أي ابتكار وإبداع.
التحديات الحقيقية ربما تكون اليوم محصورة في تحديات القدرة على الإنتاج، وجذب الجمهور في ظل تراجع إقباله على شراء «الألبوم» وال«سي دي»، وانتشار الأغنية الفردية «السينجل»، واعتماد كل مغنٍ على نشر أعماله بنفسه على ال«يوتيوب»، لكن مع وجود تقنية «الهولوجرام»، لا بد من توسيع دائرة التحديات، ليتحدى الفنان ذاته وتطور الزمن والتكنولوجيا، ويفكر جدياً في مواكبة العصر والجيل الجديد، بتطوير أدواته، وتقديم فن مختلف يجمع بين الحديث و«الأصيل». الحديث تقنياً، والأصيل فنياً.
وإذا كان الغناء المباشر على المسارح وفي المهرجانات في أغلبيته «غير مباشر»، وكثير من المغنين يعتمدون على «البلاي باك» رغم وجود فرقة موسيقية (مصغرة) بجانبهم، فالتصوير المجسم (الهولوجرام) بالأبعاد الثلاثية، والذي يعيد إحياء الفنانين الراحلين، يضيف إلى «البلاي باك» روح الماضي، وحضور عمالقة الفن بهيبتهم فوق الخشبة، وربما يعتبر تحدياً للمغنين الحاليين، كي يدركوا أن العمالقة الذين لم يغيبوا بفنهم عن أي ساحة فنية، عائدون بالصورة، والصوت، والحضور فوق المسرح، والتقنيات ستعيد الذي كان، ويعود الفن إلى أصالته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"