المهمة المأهولة للمريخ..فكرة مغلّفة بالتفاؤل

تخطط لها «ناسا» بعد العودة إلى القمر
03:26 صباحا
قراءة 5 دقائق

إعداد: محمد هاني عطوي

على الرغم من صدور تقارير متشائمة حول قدرة ناسا على إرسال البشر إلى المريخ في عام 2033، إلا أن مديرها جيم بريدنشتاين، يبدو أكثر تفاؤلاً. في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الخمسين لأبولو 11، حدد بريدنشتاين ولمرة أخرى هدفاً للعام 2033 يتمثل في إرسال بعثة مأهولة إلى الكوكب الأحمر.
والواقع أن بريدنشتاين استغل هذه الذكرى لتقييم برامج ناسا المأهولة للقمر والمريخ. وعلى الرغم من أن بعض الخبراء يشككون في قدرة «ناسا» على ضمان هبوط رواد فضاء على سطح القمر في غضون 5 سنوات كما يريد الرئيس ترامب، إلا أن مهمة «أرتميس» التي تهدف إلى العودة إلى القمر في عام 2024 تسير على الطريق الصحيح، ويعتبر العام 2033 هدف «ناسا» الأسمى لإرسال بشر إلى المريخ.
الجدير بالذكر أنها ليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها مدير ناسا، عن وجود خطوة أولى فعلية لبلوغ المريخ في هذا التاريخ. ويأتي بعد نشر تقرير لمعهد سياسة العلوم والتكنولوجيا يقول إن وكالة ناسا ليس لديها أي فرصة لإرسال البشر إلى المريخ في هذا الوقت. وفي أحسن الأحوال، يمكنها تنفيذ أول مهمة مأهولة قبل نهاية عام 2030، وربما خلال عام 2037، ولكن بشكل أكثر واقعية يمكن أن يتحقق ذلك في العام 2039. والمخاوف لا تتعلق حقيقة بمسألة الميزانية فقط، بل يؤكد معهد سياسة العلوم والتكنولوجيا على أنه «حتى من دون وجود قيود في الميزانية» فإن المهمة المدارية لكوكب المريخ في العام 2033، لا يمكن برمجتها بشكل واقعي وفق الخطة النظرية الحالية لناسا، التي من الواضح أنها لا تستطيع أن تفعل كل شيء»، ويعتقد كثيرون أنه ما لم يكن هناك جهد بحجم برنامج أبولو، فلن تتمكن ناسا من بلوغ المريخ.
بعيدًا عن تثبيط جيم بريدنشتاين، وعن عدم الموافقة على أي برنامج رسمياً للقيام بذلك، يذكر مدير ناسا بأن الوكالة «تعمل على وضع خطة مفصلة حول كيفية تنفيذ مهمة على كوكب المريخ باستخدام التقنيات التي ستثبت فعاليتها على القمر». وفيما يتعلق بتقرير معهد سياسة العلوم والتكنولوجيا، يرى بريدنشتاين أن هناك افتراضات في هذا التقرير قد لا يتفق معها الجميع، وأن هناك بدائل تسمح بتنفيذ مهمة المريخ في عام 2033.
وإذا كانت نافذة الإطلاق للعام 2033 تلقى اهتمام وكالة ناسا، فإن جميع نوافذ الإطلاق للوصول إلى المريخ ليست متساوية. ويوضح فرانسيس روكار، رئيس برنامج استكشاف النظام الشمسي في «Cnes» أن كل 25 شهراً ونصف الشهر، هناك نوافذ جيدة ونوافذ سيئة. وبشكل واقعي، فإن النوافذ الجيدة تكون كل 15 سنة. وهذه هي الحالة التي كانت سائدة على سبيل المثال، خلال نافذة الإطلاق للعام 2003 أي تلك التي استخدمت ل Mars Express، ونافذة الإطلاق للعام 2018 التي استخدمت لمهمة Insight، ونافذة الإطلاق التي ستستخدم للعام 2033.
ويشير جيم بريدنشتاين إلى أن القمر سيكون حقل التجارب للمهمة المستقبلية إلى المريخ. ولهذا السبب «سنذهب إلى القمر»، على حد قوله.


توقيت الإطلاق


في سياق رحلات الفضاء، تعتبر فترة الإطلاق، مجموع الأيام ونافذة الإطلاق، الفترة الزمنية للمركبة خاصة (صواريخ، مكوك الفضاء، الخ) التي يجب أن تنطلق فيها من أجل الوصول إلى الهدف المنشود. وإذا لم يتم إطلاق الصاروخ في غضون هذه الفترة الزمنية، يتم انتظار نافذة الإطلاق التالية. وتعتمد فترات ونوافذ الإطلاق على قدرة الصاروخ والمدار الذي يسير عليه ونادراً ما تكون نوافذ الإطلاق هي نفس الأوقات كل يوم. ففي حال كان الطقس سيئاً، أو حصل عطل ما خلال فترة نافذة الإطلاق، فيجب تأجيل المهمة حتى نافذة الإطلاق التالية المناسبة للتحليق. ومن أهم أسباب التوقيت الصحيح لإطلاق المركبة الفضائية، هو عدم وجود مسار مستقيم في الطيران الفضائي، فكل الكواكب تتحرك حول الشمس في مسار طويل ومنحنٍ ويأخذ شكل المدار الدائري و«الإهليلجي». والرحلات التي تستند إلى مدارات الأرض إلى حد كبير، لا يلزمها وقت إطلاق معين ولكن إذا كانت المركبة الفضائية على موعد مع مركبة أخرى موجودة بالفعل في المدار، فيجب اختيار توقيت الإطلاق بعناية. وقد تستغرق المهمة 365يوماً، أو بضعة أسابيع كل شهر، أو بضعة أسابيع كل 26 شهراً (مثل فترات إطلاق المريخ)، أو فترة زمنية قصيرة لن تتكرر.
للذهاب إلى كوكب آخر باستخدام مدار نقل هوهمان البسيط ذي الطاقة المنخفضة، فإنه ما لم يكن الاختلاف المركزي في المدارات عاملاً مهماً، فإن فترات الإطلاق تكون دورية وفقاً لفترة اقترانية؛ في حالة المريخ مثلاً، تبلغ هذه الفترة 780 يوماً. وفي حالات أكثر تعقيداً، من ضمنها استخدام مقلاع الجاذبية، تكون نوافذ الإطلاق غير منتظمة. وفي بعض الأحيان تظهر فرص نادرة، كالتي استفادت منها Voyager 2 خلال فترة الاصطفاف الكوكبي الذي حدث لزيارة كوكب المشتري وزحل وأورانوس ونبتون. وعند ضياع مثل هذه الفرصة، يمكن اختيار هدف آخر. فعلى سبيل المثال، كانت مهمة Rosetta التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) مخصصة أصلاً للمذنب رايتنن 46P، لكن مشكلة في المشغل تسببت في تأخيرها وكان لا بد من تحديد هدف جديد، كان المذنب شوريوموف - جيراسيمنكو 67 P. وغالباً ما يتم حساب فترات الإطلاق من خلال مخطط يوضح ملامح الطاقة المميزة المتساوية (C3) إزاء ترتيبات محتملة تجمع بين تاريخ الإطلاق وتاريخ الوصول لرحلة معينة بين الكواكب ولإظهار قيمة التغير في السرعة التي يمكن تحقيقها عن طريق حرق حمولة الوقود الكاملة لهذا الصاروخ وتسمى «دلتا- في» وتعني «مقياس قوة الدفع لكل وحدة من الكتلة اللازمة لأداء مناورة مثل إطلاق أو هبوط على كوكب أو قمر أو مناورة مدارية في الفضاء» اللازمة لتحقيق المهمة المرسومة في وقت الإطلاق.
الجدير بالذكر أنه بالنسبة للرحلات إلى مدارات الأرض العشوائية، لا يلزم وقت إطلاق محدد. ولكن إذا كانت المركبة الفضائية تنوي الالتقاء بجسم موجود بالفعل في المدار، حينها يجب أن يكون توقيت الإطلاق دقيقاً ليحدث ذلك في الأوقات المحددة التي تتقاطع فيها المركبة المدارية المستهدفة مع موقع الإطلاق.
غالباً ما يتم إطلاق «سواتل» رصد الأرض، وفق مدارات متزامنة مع الشمس القريبة من القطب. وبالنسبة لهذه المدارات، تتم نافذة الإطلاق في وقت من اليوم عندما يكون موقع الإطلاق متراصفاً مع مستوى المدار المطلوب.
ويتطلب الإطلاق في وقت آخر إجراء مناورة تغيير مدارية والتي بدورها تتطلب قدراً كبيراً من الوقود الدافع.
أما بالنسبة للإطلاقات فوق المدار الأرضي المنخفض (LEO)، فيمكن أن يكون وقت الإطلاق الفعلي مرنًا إلى حد ما، إذا تم استخدام مدار انتظار، لأن الميل والوقت الذي تقضيه المركبة الفضائية في مدار هذا المدار يمكن أن يتغيرا مثل نافذة الإطلاق التي استخدمها المسبار (Mars Global Surveyor) الذي انطلق إلى كوكب المريخ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"