تحقيقات ... "مخيم الأمل" مدرسة للعطاء والتطوع

أسبوع في كل عام يحفل بدروس للشباب لا تنسى
01:30 صباحا
قراءة 8 دقائق
العمل التطوعي في مختلف المجالات تعبير عن شفافية يتسم بها المتطوع الذي يتنازل عن المتع الأخرى ويعطي من وقته وجهده وفكره لخدمة مجتمعه، وهو الروح التي نتحدى فيها أنانيتنا، ونشارك فيها المجتمع ونعيش الحياة الحقيقة. والتطوع تختلف مجالاته وأهدافه ورسالاته ولكنها تجتمع على ركيزة أساسية واحدة، العمل دون مقابل، والبحث عن ذواتنا، والاستعداد لأن نكون جزءا من هذا المجتمع. وفي هذا التحقيق نسلط الضوء على تظاهرة مخيم الأمل للمعاقين والتي انطلقت منذ 1986 من مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية هذه التظاهرة التي تقوم على المتطوعين والتطوع والذي ينعقد حالياً.كلثم عبيد (موظفة) ترى أن مخيم الأمل مساحة واسعة للعطاء وتنظيم الجهود، تجتمع فيها السواعد لتتكاتف في المقام الأول لتقديم الخبرة للطفل المعاق ولخلق أسبوع يتحقق فيه معنى الإنسان الاجتماعي أيا كان وضعه معاقاً أو غير معاق، كما أنها مناسبة نعرض فيها مدى العمل الإنساني والتطوعي في الإمارات، وفي الشارقة بوجه خاص، وتؤكد أن المخيم يعد فرصة لذوي الاحتياجات الخاصة لمعايشة إخوانهم من الفئة ذاتها بدول الخليج ومن الدول الضيفة بحيث يعد تبادل الخبرات في ساحة المخيم بمثابة كلمة شكر من المعاقين المشاركين لمؤسساتهم التي احتوتهم في أوطانهم وهاهي الآن تزهو بهم على ارض الإمارات مع أشقائهم كما أنها فرصة لقيام المؤسسات بمسؤولياتها المجتمعية من خلال رعاية ودعم المخيم والأنشطة المشابهة.وحول أسباب تطوعها بالمشاركة في المخيم تقول: مخيم الأمل جزء من عملي الإنساني والتطوعي خصوصا أنني معاقة حركيا واعتبر ذلك جزءاً من التوعية وطريقة لتغيير الأفكار السلبية تجاه المعاقين وإبدالها بأفكار ايجابية تترجم من خلال العمل في أنشطة خاصة بالمعاقين لذا أشارك بالمخيم منذ عام ،1994 حيث أدركت طيلة تلك السنوات ومن خلال احتكاكي بالوفود واللجان أهمية العمل كفريق يسعى لتحقيق السعادة للطفل المعاق ويؤكد للمتطوع أن جهوده تثمر ابتسامة، كما أضاف لي التطوع الذي انطلقت من مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية شخصية معطاءة في القنوات الخيرة والتي تهدف إلى تحقيق عالم يتشارك فيه المعاقون مع غيرهم لتحقيق الحياة الطيبة في ظل الأسرة والمجتمع، والتطوع كان له اثر في تميزي المهني ومنه تأهلت إلى إدارة مهام في مؤسسات المعاقين مثل عضوية مجلس الإدارة في جمعية أولياء أمور المعاقين وعضوية مجلس إدارة نادي الثقة للمعاقين.أما غادة عبدالله الخميس (موظفة) فيعد المخيم بالنسبة لها ذلك البيت الدافئ الذي يحمل بين جدرانه الحب والحنان والألفة وروح التعاون الحقيقية التي لا تعرف سوى نشر الخير ومساعدة الناس ورسم الابتسامة الجميلة على وجوه الجميع وسبب تواجدها المستمر بالمخيم هو حبها للعمل التطوعي والجماعي وإحساسها خلاله بتعاون الجميع كأسرة واحدة. معبرة عن ذلك بمقولة الناس للناس، كما أنها ترى المخيم موسوعة كبيرة في المعلومات والخبرات والثقافات باستطاعة الجميع الاستفادة وكسب الخبرات منها وتطوير الذات.وتضيف أنها في طفولتها شاركت بالأعمال التطوعية كباب للتسلية ولكن نما ذلك الشعور مع السنوات لتدرك أن العمل التطوعي رسالة إنسانية هدفها نشر الخير وخدمة المجتمع، كما أضفى التطوع على حياتها النور، على حد تعبيرها، الذي قام بتصفية الروح لتبقى نافذة مفتوحة دائما تشع بداخلها الأمل والحب والخير، وبرغم اختلاف الوفود إلى أنها التمست عطاءها وتعاونها في القنوات الخيرة والتي تهدف إلى تحقيق عالم تتشارك فيه الأجناس والأعمار ومستويات التفكير، والاهم من ذلك شعور الاحترام المتبادل والمساواة بين الجميع، إضافة إلى تبادل الخبرات الثقافية العلمية والعملية، وبذلك فإن العمل التطوعي لعب دوراً أساسياً في غرس آفاق جديدة في حياة المتطوعين وزيادة الثقة بالنفس وتطوير الخبرات، وتوضح أن تطوعها في المخيم يعد جزءاً من دراستها ومسيرة العلم التي تنتهجها في حياتها، كما مكنها من تخطي حواجز الخوف والخجل مما ساعدها في حياتها المهنية على تطوير كافة مجالات العمل والبحث عما هو جديد ومميز للرقي نحو الأفضل.خلية نحلبالنسبة لعبدالرحمن حسن الحمادي طالب في كلية الهندسة ميكانيكا، فإنه ارتسمت لوحة المخيم بداخله كخلية النحل، التي لا ترى التعب أو الملل، مختصراً مخيم الأمل بأنه مثال العمل التطوعي، ويرى أن المخيم تجربة جديدة بالنسبة لأعماله التطوعية، خصوصا أنها مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يتعلم الفرد أشياء جديدة في كل دقيقة من وقته في المخيم. وعن مدى استفادته من المشاركة بالمخيم يقول: مخيم الأمل غيّر من تفكيري وأثر في تطور جوانب كثيرة بحياتي نحو الأفضل، وأضاف لي كيفية التعامل مع فئة المعاقين، ومع المتطوعين، لأنه بنظري هو مجتمع مصغر، يحتوي على جميع الجنسيات والآراء، والجميل أنك تستطيع أن تحصل على قدر كبير من الفائدة خاصة من الوفود.يقول راشد محمد علي ابراهيم الكوس (موظف): مخيم الأمل كان له دور بارز في دعم التجمعات التي تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة والمرافقين وتوفر لهم أجواء تشعرهم بأنهم جزء فعال في المجتمع. ويؤكد أن مشاركته في المخيم منذ 1992 جاءت نتاج حبه لخدمة المجتمع الذي يعد نفسه جزءاً منه وبغية الأجر والثواب من الله عز وجل برسم الابتسامة على وجوه الأطفال من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويضيف العمل التطوعي في المخيم أضاف لي حب التعاون المستمر مع الجميع دون التمييز أو ارتقاب مردود مادي لعطائي، وهذا بحد ذاته جعلني أشعر بأن الحياة لا يمكن أن تستمر دون التكاتف والتعاون بين أفراد المجموعة.وتقول مريم صالح عبد الله الأشقر، موجهة تربية اجتماعية لمدارس التعليم العام ومدارس التربية الخاصة بدولة قطر: من خلال مسمى المخيم أرى فيه الأمل المتجدد بإشعاعه المتدفق بعطائه وبشكل سنوي من مدينة العطاء والحب لهذه الفئة من مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وأرى فيه الطموح المتزايد سنوياً بتقديم برامج وأنشطة وفعاليات ترويحية متجددة لخدمة فئة غالية علينا جميعاً هم إخوتنا وأخواتنا من ذوي الإعاقة. وعن مشاركاتها تقول: أشارك بالمخيم لحبي العمل التطوعي مع فئة ذوي الإعاقة والتي دخلت حياتي منذ 16و بدأت بالمشاركة في التطوع في مخيم الأمل الثاني عشر ( نحن معكم يا أطفال الحجارة ) في ،2001 ومشاركاتي أضافت لي الكثير من الخبرة التطوعية مع هذه الفئة، وتبادل الخبرات مع المهتمين والمتخصصين بمجال الإعاقة، كما أنني من خلال احتكاكي بمتطوعي اللجان بالمخيم اكتسبت خبرة بمجال تخصصهم وأفدتهم بخبرتي التطوعية خاصة أنني طيلة فترة تطوعي كنت أعمل ضمن اللجنة الثقافية الإعلامية بالمخيم. والجيد أن المخيم عودنا على النظام والانضباط والالتزام بالمواعيد والمحافظة على الوقت واستثماره. وترى أن متطوعي مخيم الأمل من الإمارات لديهم حب العمل التطوعي لهذه الفئة، ولديهم الروح الحماسية والعمل بروح الفريق الواحد هدفهم خدمة وراحة ضيوف المخيم من الأطفال ومرافقيهم، وبلا شك يقع عليهم العبء الأكبر في التحضير والإعداد للمخيم قبل موعده.سباق العطاءعبدالله محمد الخميس قائد أمن المخيم، يعتبر الأمل الذي ينتظره كل طفل في دول مجلس التعاون لكي يضع فيه بصمة يخلدها التاريخ بمشاركته وجائزة يطمع كل متطوع للفوز بها، ويقول: يبدأ سباق العطاء قبل المخيم وأثناءه وبعده لكي يضع كل فرد اسمه على قائمة المتطوعين في كل عام. ويشير إلى أن مشاركته في المخيم أصبحت جزءاً لا يتجزأ من خطته العملية في الحياة قائلاً: في كل عام التقي بأبنائي وبناتي الصغار وإخواني المتطوعين وأخواتي المتطوعات في لجان العمل لكي نتبادل خبرات العمل فيما بيننا ونتعلم من تجاربنا ولكي نرسم بسمة على شفاه أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرغم أني لم تتح لي الفرصة للمشاركة منذ بداية انطلاق مخيم الأمل احمد الله بأنني بدأت فيه من الثاني أي منذ 1987.وعن حصيلة مشاركته يقول: المشارك في مخيم الأمل يخرج بحصيلة جيدة فهو مدرسة لتعليم أصول العمل التطوعي.وأعرب محمد هديان الحارثي مشرف تربوي بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكة المكرمة تعليم جدة في السعودية، عن إعجابه بمخيم الأمل كونه تظاهرة خليجية عربية تدعو للسلام والمحبة وتزرع الأمل في النفوس ويقول: المخيم نافذة إنسانية ومحطة إبداعية، وأنا احد المحظوظين بالمشاركة في هذا المخيم فكل منا لديه تطلعات وقدرات ومهارات وربما تكون حبيسة ولكن متى ما وجدت المكان المناسب مثل مخيم الأمل تظهر ومشاركتي بالمخيم بدأت عام 2000 ولم تنقطع وأضافت إلي ما أفخر به من قيم إنسانية وأخلاقية وخبرة إضافة إلى المهارات بأشكالها المختلفة وفنون التعامل على كل المستويات، ومن خلال احتكاكي بالوفود والعاملين والمتطوعين تأكدت أنهم مجموعة مدارس في مدرسة إنسانية تعمل وفق اطر تربوية تهدف إلى تحقيق الرؤية والأهداف التي وضعت من إدارة المخيم، من خلال هذا وجدت نفسي كمسؤول اعمل مع ذوي الإعاقة في بلدي بأن استفيد من برامج تلك اللجان وخصوصاً أنها برامج تخصصية. وعن الفائدة المرجوة خلال فترة المخيم والتي يكتسبها المتطوعون يقول الحارثي: قد تكون المدة قصيرة ولكن إذا نظرنا لبرنامج نجده مكثفاً ولم يبن على أسس إعلامية أو ترفيهية وإنما اعتمد بناء خطط وبرامج المخيم على تحقيق مجموعة أهداف جميلة القاسمي: التطوع ركيزة أساسية للتجربةالشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، لها باع طويل في العمل التطوعي ودعم الشباب من خلال عدة مشاريع مجتمعية رائدة، ولها وجهة نظر حول أداء المتطوعين في مخيم الأمل عبرت عنها قائلة: يعد العمل التطوعي الركيزة الأساسية لمخيم الأمل،فما نسبته 80 % من المساهمين بهذا المشروع متطوعون من الخارج أو من العاملين بالمدينة، والمخيم استطاع خلال دوراته الماضية وبمشاركة حوالي 300 متطوع تقديم أفضل أداء لعمل مجتمعي متكامل يتسم بالنجاح والتميز كما ساهم بتعزيز دور العمل التطوعي وتنمية مهارات المتطوعين.وأوضحت أن فئات المتطوعين في مخيم الأمل اختلفت فئاتهم من حيث أهدافهم ليتم تصنيفهم لعدة فئات، فالبعض ينضم للمخيم حباً في العمل التطوعي والبعض الآخر يبحث عن المتعة وقضاء وقت مع الأصدقاء، وكثيرون ابدوا تحمسهم للمشاركة التماساً للمشاعر الطيبة مع إخوانهم من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة،لما في ذلك من أثر إيجابي على الإحساس بقيمة الذات وعلى التقدير الذي لا شك في أن المتطوع يجده في عمله في مخيم الأمل بالشارقة مما يحفزه على العطاء والاستمرار في هذا العمل، خاصة ان الأداء التطوعي يتطلب الالتزام والكثير من الضوابط التي لا يقدر عليها إلا من يحمل في قلبه الإيمان العميق بالعمل الذي يقوم به.وأشادت الشيخة جميلة بمن اثبتوا تميزهم في المخيم قائلة: للحق أقول إن هناك نماذج مشرفة من المتطوعين الجادين بإبداعهم والتزامهم، يضيفون في كل عام الجديد للمخيم، كما أن مشاركتهم تسنح لهم فرصة اكتساب الخبرات من خلال الاحتكاك مع ذوي الخبرات بتخصصات مختلفة إضافة إلى مقدرتهم على تطوير جانب التواصل وفن مهارات التعامل مع الآخرين والارتقاء بقيمهم الإنسانية، وإبراز الرسالة السامية للمخيم التي من شأنها أن تؤكد تعزيز مجتمع يتسم بالمساواة، لذا أرى بان المخيم يقوم في أغلبه على العمل التطوعي بهذا تكون هناك أهمية كبيرة لوجود المتطوعين، لا بل لن يكون للمخيم وجود من دونهم.وعبرت عن مدى فعالية أبناء الدولة في العمل التطوعي بقولها: لي تجربتي الخاصة مع المتطوعين من خلال عملي بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية والتي على الأغلب اختلف بها مع من يقلل من إقبال الشباب للعمل التطوعي، وأتصور بان أصحاب تلك الآراء عبروا عنها إما لافتقارهم لماهية العمل التطوعي أو لتعبيرهم عن تجاربهم الخاصة، فأنا شخصيا فخورة بأبناء الإمارات وبما أرى من أعمال تطوعية يقدمها المقيمون والمواطنون على حد سواء، وجاء مخيم الأمل متماشياً مع رؤيتي لأهمية المشاركة المجتمعية والعمل التطوعي ولرغبتي في تنمية جانب التطوع لدى شباب هذا الوطن بهدف تعزيز كل الصفات الحميدة التي ذكرت سلفاً، وكون مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية تحتاج للمتطوعين في أغلب أنشطتها التي هي من المجتمع وله، فإني أشيد بكل من ساهم معنوياً بكل إمارات الدولة لإنجاز أي عمل تطوعي نبيل، وبشهادة حق فإن الشارقة ممثلة بحاكمها ومواطنيها والمقيمين على أرضها تعد سباقة ومدرسة أولى للعمل التطوعي والاجتماعي، ليفخر كل من تمنح له فرصة الالتحاق بهذه المدرسة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"