حمزة برقاوي: ثقافة المقاومة سمة الكاتب الملتزم

أمضى سنوات عمره بصحبة القلم
13:18 مساء
قراءة 4 دقائق

حمزة برقاوي كاتب وناشر أمضى سنوات كثيرة من حياته في الكتابة وهمومها، وفيما بعد أرفقها بالاهتمام بالنشر، ويعتبر الكلمة سلاحا ويرى أنه من الضروري معرفة آليات توجيهها بشكل صحيح إلى المتلقي.

الخليج التقته وكان معه الحوار التالي:

باعتبارك كاتباً وناشراً في الوقت ذاته، هل من منطقة مشتركة تجمع الطرفين غير الكتاب؟

- الكتاب المنطقة المشتركة الوحيدة بين الاثنين، فالكتاب كائن يتغذى على الكتابة، علاقة من يكتب ومن يصنع الكتاب، وبالتالي علاقة أقنومية روحها القارئ. حين تتحد هذه الأقانيم الثلاثة في شخص واحد تصبح المساحة المشتركة واحدة ولا يمكن الفصل بين أجزائها. لكن الطبيعي أن تبدأ مع الخلق، مع الإبداع، أي مع الكتابة فلها كفة الرجحان فالأولوية للكاتب، الكاتب الناشر قادر على إلغاء بعض الحلقات الوسيطة، الأمر الذي يعود بالنفع على القارئ الذي يمكن أن يحصل على الكتاب بتكلفة أقل. لا يعني هذا إلغاء حلقة التوزيع. هذه الحلقة ضرورية في عصر التخصص والمؤسسات.

ما الصعوبات التي تواجه الكاتب والصحافي في بلادنا؟

- الصعوبات كثيرة وهناك ما هو مشترك بين معاناة الكاتب والصحافي وهو الحرية، حرية التعبير التي تضيق، كما أن الكاتب يحتاج إلى أدوات كما يحتاج إلى رعاية. أين الجهات الملتزمة بنشر الإبداع والنتاجات الفكرية للكتاب والأدباء؟ فلا مراكز أبحاث ولا مكتبات. لن نخوض في الإحصائيات التي تشير إلى أن الأقطار العربية تأتي في مرتبة متأخرة من حيث مراكز البحث والإنفاق عليها، ومن حيث عدد الكتب والنسخ التي تطبع منها. الشيء نفسه ينطبق على تطور وسائل الإعلام التي استمرت في أكثر بلداننا أسيرة لأنماط تجاوزها الزمن، وهذا الأمر سهل الطريق أمام التدخل الخارجي، وخاصة التدخل الذي تقوم به المؤسسات الغربية، والأوروبية تحديداً.

هناك من يقول إن هذا ليس تدخلاً ضاراً، بل هو شكل من أشكال تنمية مهنية وديمقراطية في بلادنا العربية؟

- هم يتعاملون معنا إعلامياً على الصعيد المحلي، يتحدثون كثيراً عن حقوق الإنسان وانتهاكات حقوق الإنسان، ويشيدون بالديمقراطية والحرية والسلام، ويبتعدون عن القضايا الجوهرية مثل إزالة الاحتلال والمستوطنات، وإقرار حقوق شعوبنا، ومنها حق عودة اللاجئين إلى فلسطين، وفي أحسن الأحوال هم يطالبون بقضايا جزئية لا تغير واقع الحال مثل: المطالبة بوقف بناء المستوطنات، أو إدانة الاحتلال في سلوك ما مما يوحي بأن الاحتلال أمر واقع وكذلك المستوطنات، وللأسف يتعاظم دور المؤسسات الأوروبية هذه في الوقت الذي تتراخى فيه الجهات المسؤولة في بلداننا عن أداء دورها في تطوير إعلامنا وتنمية وتأهيل قدرات الإعلاميين العرب، نعم يتنامى تدخل المجموعة الأوروبية لتدس السم في الدسم، وتعرض المعونات، كما حصل في أكثر من بلد، وهنا أذكر ما قامت به من تقديم معونة بقيمة مليون دولار من الاتحاد الأوروبي لأجهزة السلطة الفلسطينية الإعلامية بحجة تطوير الإعلام الفلسطيني.

لكن أليس في هذه المعونة فائدة؟

- أي فائدة وأي تطور؟ عندما نسأل عن نواحي التطوير هذه، نجد العبارات ذاتها تتكرر - حقوق الإنسان والديمقراطية وقضايا المرأة والطفل - الواقع مختلف عن الكلام حيث تكون النتيجة مزيداً من انتهاك حقوق الإنسان ومزيداً من معاناة المرأة وقتل الأطفال بدم بارد.. حينما يجد الجد نجد هؤلاء الممولين يشاركون في الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، ويدينون أعمال المقاومة، ولا يتورعون عن وصفنا بالإرهابيين.

في ظل هذه الأحوال التي نعيشها كعرب، هل ترى أن الكلمة ما تزال مؤثرة، وقادرة على الوصول إلى المتلقي؟

- الكلمة كانت سلاحاً ولا تزال وستبقى، تأثيرها كبير سواء في البيت أو المدرسة أو الجامعة، في الندوة أو الملتقى.... المهم أن نعرف كيف نوصلها إلى المتلقي. الكلمة ثقافة. الكلمة إدراك أوسع... الكلمة معرفة. العيش ومجابهة متطلبات الحياة التي تزداد تنوعاً وتعقيداً يكون أفضل وأكثر سهولة حينما يكون الإدراك أشمل وأوسع.

قرأ الناس فوصلوا إلى ما ابتغوه، وعلى جميع الأصعدة، السياسي قارئ والمحامي قارئ والطبيب قارئ ورجل الدين قارئ، كيف يمكن أن نتصور هؤلاء وغيرهم ممن يبنون المجتمع دون كلمة.. دون كتاب؟

ألا يؤثر طغيان الصورة التلفزيونية سلباً على الكلمة، وتحديداً على تطور الصحافة المكتوبة؟

- يجب ألا ننطلق من أرضية العداء، لكل دوره المكتوب أو المتلفز، الصحافي بإمكانه أن يستفيد من الوسائل الإعلامية الأخرى ومنها الفضائيات، والمتلقي بإمكانه أن يربح من هذا التنوع الذي يهدف إلى إيصال المعرفة له، فالأساس هي المعرفة، وليس شكل وصولها أو إيصالها.

ما رسالة الكاتب في سياق الدفاع عن القضايا العربية؟

- الجهد المنظم والمؤطر أجدى من أي جهد فردي، فقيام المؤسسات والاتحادات التي تعنى بالكاتب والكتاب أمر طبيعي بل خطوة نحو الأمام، رغم أن العمل النقابي والإداري يستلب الكاتب كثيراً من وقته، ومن فرصه في الإبداع إلا أن الكاتب قادر على صياغة الكثير مما يتعلق بمستقبله، ومستقبل شعبه وأمته، ومن هنا على المثقف بشكل عام أن يتمسك بالثوابت، وأن يكون ضميراً لشعبه وقضيته، وأن تكون مواقفه مبدئية ثابتة لا تشوه التاريخ ولا الذاكرة، وألا يجعلها مترددة أو خاضعة لأهواء السياسات اليومية. الثقافة المقاومة سمة الكاتب الملتزم الذي يتصدى، ويقف سداً منيعاً أمام التطبيع والغزو الثقافي الخارجي بأشكاله المختلفة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"