زينة وعز والإعلام الأصفر

عين على الفضائيات
04:27 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

تخجل أحياناً من الصورة التي يقدمها بعض العاملين في الإعلام عموماً، والمرئي خصوصاً، عن المهنة، وأهلها. فجأة تشعر باشمئزاز من المشهد الذي يصغّرون فيه حجم الصحافة لتصير على مقاسات فضولهم، ونميمتهم الفارغة. يهبطون بك إلى حيث تخلع المهنة مبادئها، وقيمها، لتصير ابنة أزقة كل همّها البحث عن الفضائح، والاتجار بخصوصيات المشاهير علّها تحقق مكاسب مادية خيالية.

في الماضي، كانت «الصحافة الصفراء» هي الاستثناء، والأقل عدداً وحضوراً في الوسط الإعلامي، تختبئ خلف صفوف الصحف الراقية الملتزمة بمبادئ المهنة، وأخلاقياتها. تنشر أخباراً خاصة عن النجوم، والشخصيات العامة، ولا تخجل من تلفيق أكاذيب، وترويج شائعات، أو الوصول بفضولها إلى اختراق بيوت هؤلاء المشاهير بحثاً عن أسرار شديدة الخصوصية.

اليوم صارت تلك «الصفراء» في المقدمة، تعتلي منصات القنوات الفضائية، ولأجلها تُفرد مساحات من البث في برامج تتكئ عليها تلك المحطات، من أجل أن تكسب أعداداً كبيرة من المشاهدين، وبحثاً عن «سكوب» يصير حديث البلد، وكل الناس.

زواج، طلاق، خلافات على ميراث، أو أموال، مواد دسمة تفرش على موائد الشاشات لينشغل بها الناس. قضية زينة وأحمد عز، طوتها الأيام لتستر تفاصيل لا تخص سوى زينة وأحمد، ولا يجوز التطرق إليها لا باسم الأخلاق، ولا باسم الإنسانية، وحقوق طفليهما في العيش بسلام بعيداً عن الفضائح، والمنازعات، والكلام الذي سيبقى عالقاً في أرشيف الذكريات، والصحافة، كأنها شاهدة على عذابهما في طفولتهما، وستلاحقهما بقصة نكران والدهما لوجودهما الشرعي، مدى الحياة. وكأن ما حصل منذ ثمانية أعوام، أي منذ ولادة التوأم، والصراع بين النجمين الذي وصل إلى المحاكم، من أجل إثبات النسب، والاعتراف بالزواج، وحق الطفلين في النفقة، وغيرها من التفاصيل، لا يكفي.

لماذا يعيد المذيع فتح الملفات، والغوص أكثر فأكثر في ثنايا القضية الشخصية، والإمعان في السؤال عن أدق التفاصيل، وكيف حصلت؟ وأين؟ من المستفيد؟ المؤكد أن التوأم هما الأكثر تضرراً، وأن زينة ردّدت كثيراً في لقائها التلفزيوني الأخير أنها لا تريد الخوض في أمورها الخاصة، وأن أحمد عز «إنسان جيد»، فلمَ إصرار المذيع على ممارسة كل الضغوط عليها حتى تذرف الدموع، فيحصل على «ضربة إعلامية»، ولا يغلق أبواب الحلقة قبل تحقيق نسب مشاهدة عالية جداً؟ بدموع نانسي عجرم، و«بيكيني» منة عرفة، وطلاق أصالة، صار الخبر الفني مصنوعاً بنكهات الفضائح، والتشهير، والنميمة، بلا أي حرفية، ولا حس صحفي، أو إنساني، والكل مادة مؤهلة لتحقيق مكاسب مادية لبعض المذيعين، وبرامجهم، وقنواتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"