سعيد الكندي: الاتحاد حوّل «الفرفار» إلى منطقة متطورة

عاش حياة الماضي وظروفها القاسية
02:41 صباحا
قراءة 4 دقائق
حوار:بكر المحاسنة
في عام 1959 كانت «الفرفار» القديمة تعيش الحب والإقبال على الحياة، على الرغم من صعوبة التضاريس وظروف الحياة، حينها وُلد سعيد محمد بن سيف الكندي، ليكون قرة عين والده ومرافقه في كل المواقف. داخل بيوت من الطين والحجارة، وعلى ذُرى الجبال الشاهقة.
ويعتبر الكندي من الرجال الذين عاشوا ملاح حياة الماضي وظروفها القاسية، وترعرع على حب الوطن.

عن ذكريات الزمن الجميل، وأيام الأفلاج والأودية التي تتجمع فيها المياه على مدار أيام السنة، ومواسم الرزق والتعليم النظامي، وتفاصيل أشياء أخرى، كان معه اللقاء التالي.
يتذكر سعيد الكندي الحياة في منطقة الفرفار قديماً، ويقول: «كانت بسيطة وصعبة نظراً للطبيعة الجبلية القاسية، ولعدم وجود مصادر رزق متعددة. وتعتبر الزراعة بأنواعها وخاصة زراعة النخيل ونبات الغليون، إضافة إلى تربية الماشية، وجمع الحطب، والعسل البري، الوسائل الوحيدة لرزق الأهالي في ذلك الزمن».
ويتابع: «عشت في منازل بدائية تقليدية صغيرة مبنية من المواد المحلية؛ الطين والحجارة وسعف وجريدة النخيل، دون أي خدمات. وكانت البيوت متقاربة من بعضها بعضاً، وبعد قيام الاتحاد تغيرت الأحوال في الفرفار من كافة الجوانب، حيث قام الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، ببناء المساكن الشعبية الحديثة، وعُبّدت الطرق ووصلت كافة الخدمات إلى المنطقة»، مضيفاً أن الفرفار تحظى باهتمام خاص من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الفجيرة، وولي عهده سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، وبتوجيهاتهما وزياراتهما المستمرة، تحولت المنطقة من نائية إلى متحضرة ومتطورة، وبدعمهما السخي انتشرت الفلل الحديثة، ووصلت خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات والإنترنت إلى كافة منازل الأهالي، وتم بناء المدارس لكافة الفئات العمرية، وأصبحت الحياة أكثر راحة وسعادة.
مراحل مختلفة
أما عن رحلته في التعليم فيعلق قائلاً: «انحصر فقط في المطوع الذي يعلم الناس، ويصلي بهم في مسجد القرية القديم، حيث كان يتجمع أبناء المنطقة تحت شجرة كبيرة ويعلمهم القرآن والسنة النبوية والقراءة والكتابة، إضافة إلى الحساب، ويعلمهم كذلك كيفية أداء الصلاة والضوء، مقابل منحه بعض التمور أو شيئاً بسيطاً من المحاصيل الزراعية، أو منتجات الحيوانات، وكان يحظى باحترام الكبير والصغير. وفي عام 1973 أصبحت الفرفار مرتبطة بمدينة الفجيرة، وانتقل أبناؤها إلى التعليم في المدارس».

ويواصل: «درست في مدرسة سيف الدولة بالفجيرة من المرحلة الأساسية حتى الثانوية العامة، وبعدها التحقت بدبلوم تأهيل المعلمين الذي كان تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، ثم عملت عام 1987 بمهنة «معلم فصل» لمدة أربع سنوات بمدرسة البثنة، وصدر بعدها عام 1991 قرار بأن أتولى مهام مساعد مدير المدرسة، وأثناء عملي انتسبت لجامعة الإمارات وحصلت على بكالوريوس لغة عربية. وفي عام 1997 تمت ترقيتي إلى رئيس قسم التعليم الخاص والنوعي بإدارة منطقة الفجيرة التعليمية حتى عام 2004، وانتقلت بعدها إلى مركز إعداد وتأهيل العاملين حتى فترة التقاعد عام 2006».
ويؤكد الكندي أن التعليم النظامي في الماضي كان بسيطاً جداً، ومع قيام الاتحاد بدأت الانطلاقة الكبرى لدولة الإمارات، وتأسست الوزارات الاتحادية، ومنها وزارة التربية والتعليم والشباب، التي تولت مسؤولية الإشراف على التعليم في مراحله المختلفة، وانتشرت خلال تلك الفترة المدارس الحكومية المجهزة بأحدث الأجهزة والوسائل، وذات الطراز المعماري الراقي، واستقدمت البعثات من مختلف البلدان العربية لتساهم في تطوره الحديث، ما سهام بشكل كبير في زيادة نسبة المتعلمين من أبناء هذا البلد الطيب، وأصبح العديد منهم حاصلين على درجات تعليمية عالية ومن جامعات محلية وعالمية.
هوية الأرض
حول العادات والتقاليد التي عاشها الكندي في منطقة الفرفار. يقول: «كان الأهالي يمارسون خلال الأعياد إقامة العزائم والتجمعات على مدى ثلاثة أيام متتالية، وأول أيام العيد يجتمع الناس بعد الصلاة لتناول الإفطار الجماعي في منزل المغفور له والدي أمير منطقة الفرفار، محمد سيف الكندي رحمه الله، والذهاب للسلام على الحاكم، ومن ثم الغداء بعد صلاة الظهر، واليوم الثاني والثالث يكون التجمع في بيت أحد الأهالي. كما كان العيد يتميز في الماضي بتبادل أطباق من المأكولات الشعبية، منها الثريد والهريس والبلاليط واللقيمات».
ويضيف: «تعلمت كثيراً من والدي خلال مرافقتي له في المناسبات، عن كيفية استقبال الضيف وإكرامه، والسعي وراء العمل وجني الرزق الحلال، وورثت منه حب الوطن والقيادة الحكيمة، وأن أكون دائماً الإنسان المخلص مهما تعرضت له من أزمات». ويشير الكندي إلى أنه كان وما زال من المحافظين على هوية الأرض، ومتمسك بها، على الرغم من مظاهر حياة الرفاهية، و ما زال يُحيي العديد من عادات وتقاليد القدامى من الآباء والأجداد، النابعة من العادات والتقاليد العربية الأصيلة، ويقوم بنفسه بزراعة عدد من المحاصيل وأشجار النخيل والفواكه، وعدد من الخضروات، ويعمل على تربية الماشية بأنواعها.
ويوصى سعيد الكندي شباب الوطن من أبناء الجيل الجديد، بالتمسك بعادات وتقاليد وتراث الآباء والأجداد، مع الحرص على التعليم والتمسك بالدين الإسلامي الحنيف، وبالوفاء والإخلاص للدولة وقائدها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"