شلل الأطفال.. في ذمة الماضي

00:36 صباحا
قراءة 3 دقائق

إعداد: خنساء الزبير

كُللت جهود استمرت على مدى عشرات الأعوام في مجال محاربة شلل الأطفال بنجاح كبير في القضاء على النوع الثالث منه، الخبر السعيد الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية؛ حيث بدأت المحاولات الرسمية لاستئصال المرض منذ عام 1988، والآن يتم القضاء على النوع الـ3 بعد القضاء على النوع الـ2، ليبقى فقط النوع الـ1؛ ويعلق على ذلك مدير «برنامج استئصال شلل الأطفال» لدى منظمة الصحة العالمية، قائلاً: «من المهم أن يكون لدينا بعض الأخبار السارة حتى نثبت للعالم أننا نحرز تقدماً بالرغم من الأوضاع الصعبة والعقبات الهائلة».
يعد شلل الأطفال من الأمراض السارية، والذي تتسبب فيه عدوى فيروسية من النوع المعوي البشري من عائلة الفيروسات «البيكورناوية»؛ وينتقل من شخص لآخر عن طريق سوائل فم المصاب أو عن طريق التماس مع الفضلات المحتوية عليه.
يتكاثر الفيروس داخل جسم الإنسان من دون ظهور أعراض في معظم الحالات؛ حيث يكون منحصراً داخل القناة الهضمية، وبعد انقضاء مدة الحضانة (4-35 يوماً) تظهر لدى 24% من المصابين بالعدوى أعراض مرضية؛ منها: الحمى، والصداع، وتقرح الحنجرة؛ وهي أعراض تُعزى في العادة للأمراض البسيطة.


التريث قبل الإعلان


لا يعني إعلان ذلك الأمر الآن أن الفيروس المسبب للمرض اختفى قبل عام أو عامين فقط، فقد رُصد آخر وجود لفيروس شلل الأطفال النوع الـ3 قبل 7 أعوام بدولة نيجيريا؛ لكن الطريقة المتبعة هي عدم التعجل في إعلان الخبر، وهو ما حدث أيضاً عندما أُعلن عن استئصال النوع الـ2 في عام 2015 بالرغم من أن آخر حالة مكتشفة كانت في عام 1999، أي بعد مرور أكثر من 15 عاماً.
يقول المتخصصون: إن إذاعة النبأ قبل وقت مبكر من الآن كان يمكن أن تتسبب في مسالب؛ منها: إصدار قرار بسحب عنصر الفيروس المسبب لذلك النوع من اللقاح الفموي، وهو ما قد يكون غير مناسب في ذلك الوقت.


اللقاح يحقق الهدف


يعد لقاح شلل الأطفال من أكبر الإنجازات الطبية في القرن العشرين، فقد كانت له اليد العليا في الحد من انتشار حالات الشلل الناجمة عن العدوى. تعطي الإصابة بأحد أنواع فيروسات شلل الأطفال مناعة ضد ذلك النوع فقط؛ لكنها لا توفر مناعة ضد النوعين الآخرين؛ لكن يتوفر اللقاح ضد المرض بنوعين: أحدهما يحتوي على فيروس معطل (فيروسات شلل الأطفال ميتة)، والنوع الآخر مضّعف (فيروس حي ولكنه واهن) يؤخذ عن طريق الفم.
أسهمت الحملات إلى جانب العاملين بها في إيصال اللقاح إلى أعداد هائلة من الأطفال، والذين يتواجد بعضهم بمناطق يصعب الوصول إليها، وساعدت تلك الجهود في نشر التحصين ضد المرض، ومحاصرته حتى تم استئصال نوعين منه، وربما شارف النوع الثالث على اللحاق بهما ليصبح شلل الأطفال مرضاً من الماضي، وربما صار ذكرى بتاريخ البشرية كغيره من الأمراض المنقرضة.


مواصلة العمل


ما يُصدق اعتقاد ذهاب الفيروس هو العملية المنهجية التي أُجري من خلالها جمع ودراسة بيانات من مختلف أنحاء العالم تحت إشراف «اللجنة العالمية لشهادة استئصال شلل الأطفال»؛ لذا فإن مستوى اليقين بذلك يجب أن يكون عالياً، وبالرغم من ذلك فإن العمل لن يتوقف.
يرى المتخصصون أن خبر القضاء على فيروس شلل الأطفال ليس مجرد نبأ احتفالي؛ بل يتطلب القيام بمزيد من المهام على رأسها العمل على التأكد من أن أي فيروس شلل الأطفال من النوع 3 الموجود في أي مكان في العالم - في مرافق تصنيع اللقاحات أو مختبرات الأبحاث - تتم فهرسته واحتواؤه على النحو المناسب. تدخل الاستدامة في جميع مناحي الحياة وتشكل هنا ركيزة أساسية في مجال محاصرة المرض وعدم عودته مرة أخرى من خلال الاستمرار في مكافحة أي وجود للفيروس.


جهود مجتمعية


تضافرت جهود رسمية ومجتمعية بجميع أنحاء العالم؛ للتصدي لذلك الفيروس الذي أقعد الكثير من الأشخاص بمختلف الدول عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي؛ بسبب إصابتهم بشلل الأطفال. تمثل مساهمة أحد نجوم كرة السلة بإحدى دول القرن الإفريقي لفتة بارعة للترويج لأهمية أخذ اللقاح، فقد قام ذلك اللاعب بدور الشخص الذي يعطي اللقاح بإحدى مناطق دولته على مدى أعوام طويلة والتي كانت مهددة بدرجة كبيرة بانتشار المرض.
جاءت فكرة مبادرة اللاعب من أن استئصال ذلك المرض لا يكون فقط بإيصال اللقاح لأكبر نطاق؛ بل أيضاً بنشر أهمية استخدامه ومساعدة أفراد المجتمع على إدراك ذلك بإيصال المعلومة بالطريقة المناسبة؛ لذلك انطلق من مبدأ «كلٌ في مجاله» فاستخدم كرة السلة كوسيلة لإرسال رسالة أهمية التحصين بالإعلان عن الحملات المخصصة له أثناء المباريات ونحو ذلك، والتي لاقت رواجاً وتفاعلاً واسعاً من المجتمع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"