صيدا.. تاريخ محفور في «القشلة» و«الشاكرية»

تقرأه في شوارعها القديمة وخاناتها العتيقة
01:07 صباحا
قراءة دقيقتين

بيروت: رنه جوني
تزخر مدينة صيدا بتاريخها العريق، الذي تقرأه في شوارعها القديمة وخاناتها العتيقة، ومن يلج شارع الشاكرية، الذي يفوق عمره الـ 133 عاماً، يتعرف إلى تاريخ المدينة الصناعي والتجاري والحرفي، وإلى ثقافة أهلها، لاسيما مقهى «الشاكرية»، الذي منه استمد الشارع اسمه ، وقد كان محفلاً فكرياً في ثلاثينات القرن الماضي ، وملتقى الأدباء والنهضة الفكرية آنذاك .
يتذكر أبو علي الصيداوي الثمانيني، جيداً تاريخ المقهى، ويقول: إن «صاحبه كان شديد المعرفة والثقافة، وملماً بقضايا عصره كافة ، داخله كان يجلس الجنود الفرنسيون ، والكتاب ويتناقشون في الكثير من الأمور، ومنه انطلقت جلسات الحوار»، وأطلق عليه مقهى الشاكرية الثقافي، فيما يربط البعض قصة الوالي التركي شاكر باشا، باسم الشاكرية، لكنَّ الصيداويين يرجحون التسمية إلى صاحب المقهى، والشاكرية لغة تركية تعني السكين.
يطل مقهى الشاكرية على قسم كبير من إرث صيدا التجاري، الشارع يقع على تخوم صيدا العتيقة ، ويصل إلى «القشلة»، أقدم خان في المدينة، الذي يعود بناؤه إلى عام 1712، ويتألف من ثلاث طبقات، موصدة على تاريخ وحقبة مهمة ، من إرثها كمدينة لا تزال كنوزها القديمة ، تخرج من تحت الأرض، ومن بحرها، الذي يحفظ ثروة بحرية مهمة.
وتعد القشلة من أهم خانات مدينة صيدا، تخبر هندستها قيمتها، ولعبت دوراً محورياً وتجارياً، في القرون الماضية، وبحسب المؤرخ الصيداوي الدكتور صالح لمعي : كان الخان المؤلف من 3 طبقات ، مخزناً للحمص في قسم منه، ومركزاً للشرطة العثمانية والفرنسية فيما بعد ، والثالثة اتخذت كسجن، وبحسب لمعي :«اعتقل داخلها الشهيد معروف سعد، إبان تظاهرات 1936، ضد الانتداب الفرنسي والبريطاني ».
تاريخ القشلة العريق، لم يشفع لها بأن تكون مركزاً سياحياً يليق بها، يربكها العشب الأخضر، والإهمال يهيمن على جدرانها وغرفها الموصدة ، فيما اتخذ بعض التجار مدخلها كمركز تجاري ، وحده الحاج أبو محمد، يحفظ تاريخ هذا الخان ، الذي كان في مرحلة منه استراحة التجار القادمين من فلسطين ، وفي إحدى غرفه المهملة، يقف أبو محمد، يتذكر فترة عمله داخلها: كنت طباخاً بها، وكانت تعج بالحياة، هندستها وموقعها، أعطاها هوية سياحية مهمة، تطل على قلعة صيدا البحرية، وعلى «سوق الكندرجية»، وتحملك إلى شارع الشاكرية، حيث يكتظ بالحرف التجارية والصناعية، لعل أبرزها بحسب «أبو محمد»، عطارة عزام التي يقارب عمرها عمر القشلة تقريباً.
وبحسب «أبو أحمد»، فإن مكانة القشلة اليوم تتجلى في مبناها الأثري الذي إذا رمم ، يشكل حلقة تلاق وتواصل، بين الواجهة البحرية والمدينة القديمة، إذ يقع في منطقة استراتيجية، تصل إلى خان الإفرنج وخان الرز والصابون والأسواق الشعبية داخله.
تغيرت وجهة السياحة التاريخية في مدينة صيدا، إذ تعيش أغلب مراكزها التاريخية حالة إهمال، أو تنتظر الترميم، رغم أنها كانت المدينة الأولى على صعيد التجارة ، بين لبنان وفلسطين ومصر، وكان لكل شارع فيها، أهميته، وتغيرت المعالم اليوم، بلا «شاكرية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"