عبد المنعم عواد يوسف: نعيش حالياً حالة من التخبط

يرى أن المد القومي أفاد الإبداع
13:36 مساء
قراءة 5 دقائق

الشاعر المصري عبد المنعم عواد يوسف، واحد من الأدباء الذين جمعوا بين نظم الشعر، والكتابة النقدية، فضلا عن إبداعاته للأطفال، بالإضافة إلى قصائده المعروفة باسم قصائد ومضة.

نشرت له العديد من الدراسات النقدية، بالإضافة إلى عشرات الدراسات النقدية، التي كتبت حول شعره، ومن أهم كتاباته النقدية القصيدة الحديثة وتجلياتها عبر الأجيال، بينما يعد ديوانهلكم نيلكم ولي نيل، من أهم الدواوين التي يعتز بها.إلا أن من أبرز القصائد، التي يعتز بها كثيرا، قصيدة كتبها منذ 50 عاما، بعنوان وكما يموت الناس مات، لكونها فتحت له باب الشهرة منذ هذا العهد البعيد، وهو ما دفع الناقد حسن فتح

الباب، إلى إعداد دراسة عنها بعنوان الاتجاه الواقعي في شعر عبد المنعم عواد يوسف.

في حديثه ل الخليج، يتناول عبد المنعم عواد يوسف، سمات قصيدة ومضة، التي يؤكد فيها أنها أشبه بما يعرف في الآداب الغربية الإبيجراما، أو ما يسمى في الأدب الياباني شعر الهايكو.

يتناول عواد يوسف، قضايا ثقافية، تثير اشتباكا داخل الأوساط الثقافية، منها علاقة المبدع بالسياسة، وتأثير الجوائز الرسمية والخاصة عليه، إلى غيرها من الجوانب، التي جاءت في الحوار التالي:

في ظل الاشتباك الدائر بين ارتباط الأديب بالسياسة، وتأثر إبداعه بها، كيف تفهم هذه العلاقة؟

أنا ضد ارتباط الأديب بأي اتجاه سياسي معين، ولا يعني هذا إعفاء المبدع من هموم أمته الثقافية والسياسية، فهذا شيء والانتماء شيء آخر، لأن ارتباط الأديب بحزب ما أو نظام سياسي معين، من شأنه أن يهيمن على إبداعاته، وربما يدفع إلى الانحياز لتبرير سلبيات معينة، أو لتوجهات بعينها، قد تكون غير سوية، أو غير ذلك من الأمور، ومع إيماني الكامل والعميق، بأن الأديب أو المثقف من حقه أن يكون صاحب مواقف سياسية مع القوى الفعالة في المجتمع، إلا أن انخراطه في العمل الحزبي، قد يكون له انعكاساته على إبداعاته.

ولكن البعض يرى أن ذلك يدفع الأديب إلى الانعزالية عن مجتمعه، ويجعله يتقوقع في إطار ضيق، فما تعليقك؟

أنا ضد انعزال الأديب عن المجتمع، فالمبدع بشكل عام ابن مجتمعه، ولابد أن يكون الأديب والمثقف ترجمانا صادقا لمجتمعه، أما أن يعيش في برج عاجي، ويقول إن الأدب شيء، والأمور السياسية شيء آخر، فهذا لا ينبغي أن يكون، فالأديب لابد أن يكون له موقف سياسي، وأن يعبر عنه في إبداعاته، وليس بالضرورة أن يكون منتميا إلى تيار سياسي بعينه، حتى لا تكون إبداعاته شعارات جوفاء، وخطبًا منبرية لا معنى لها، ومن الضروري أن يتلازم الأديب مع قضايا أمته ووطنه، كما لابد أن تكون هناك معايير فنية وأدبية في إبداعاته، وإلا كان بوقا سياسيا، أو داعما لاتجاهات فكرية بعينها، دون قيمة فنية حقيقية لأدبه.

وهل تعتقد أن الأدباء، قاموا بواجبهم تجاه التعاطي مع قضايا واقعهم بالشكل المطلوب؟

حسب رأيي الخاص، فإن حالة التردي التي تحياها الأمة حاليا، في جميع مناحي الحياة، وعدم وضوح الرؤية في كثير من الأمور، كل ذلك أدى ببعض الأدباء إلى اللجوء إلى الألغاز والتعتيم والغموض، وما يشابه ذلك، بدعوى أنه مادامت الأمور بشكل عام غير مفهومة، فإن عليهم الانزواء، وهذا خطر كبير، يقع فيه المبدعون، وأنا مع وضوح الرؤية والعمل على ضرورة مشاركة المبدعين في واقع أمتهم، وإضاءة جوانبه، وخروج المبدعين من المتاهات التي يعيشون فيها.

في هذا السياق، ما قراءتك للواقع الثقافي العربي حالياً، وأبرز ما يواجهه من تحديات إبداعية؟

بشكل عام، أرى أن الأدب في الماضي كان أكثر ازدهارا من وضعه الحالي، وخاصة في فترة المد القومي، التي كانت الأمور فيها في منتهى الوضوح والشفافية.

وأفرزت هذه الحالة اتجاهات أدبية حقيقية، وأخرى نقدية متعددة، لا نجدها الآن، لذلك لا نستطيع بحال من الأحوال أن نقارن ازدهار الأدب في فترة الستينات بما نراه الآن من تدهور أدبي واضح، نتيجة حالة التردي، التي سبق وأشرت إليها.

ولكن ما مسؤولية المبدعين أنفسهم، في ظل تردي الحالة التي انعكست على إبداعاتهم؟

نحن كنا في فترة كمبدعين، نلتزم بمعايير واضحة في إبداعاتنا، فكنا نفرق، مثلا، بين الإرهاب والمقاومة والجهاد ضد المحتل، أما اليوم، فإن الحالة اختلفت للغاية، حيث حدث اضطراب فكري وثقافي في الإبداع ذاته، ما أوقع الأدباء في مرحلة لا مثيل لها من التخبط، على الرغم من أن الأديب ابن مجتمعه.

لكننا نتحدث عن مسؤولية الأدباء أنفسهم، تجاه حالة التردي التي وصلت إليها المجتمعات العربية؟

مادام الأمر وصل إلى الحالة الراهنة من التردي، فلابد من الخلاص، ولن يتم ذلك، إلا من خلال النخبة، سواء كانوا أدباء أو مفكرين، لينهضوا بدورهم الحقيقي في المجتمع، والتوصل إلى صيغة حقيقية، لما يجب أن يكون عليه الحال في شتى شؤون حياتنا الثقافية.

ولكن أن ينعزل المثقفون، ويركنوا إلى واقعهم بدعوى أنه لا أمل في الإصلاح، وعدم التعبير عن ذلك بإبداعاتهم، فهذه مأساة يجب أن يتحاشاها المثقفون الحقيقيون، فمهما بلغ الحال من سوء، فهناك أمل، ولن يكون ذلك، إلا بتكاتف حقيقي من أجل الوصول إلى الأمل المنشود، الذي يشرق فيه وجه الحياة العربية بشكل عام.

وفي المقابل أين يكمن دور المؤسسات الثقافية العربية الرسمية.. أو الخاصة منها في تنشيط الحركة الإبداعية بالعالم العربي؟

هناك نوع من الموالاة الثقافية من جانب المؤسسات الثقافية الرسمية، سواء كانت العامة أو الخاصة، فهي لا تقوم بدورها الحقيقي تجاه المجتمع، أو في دعم الأدباء والمبدعين، والمشكلة أن هذه المؤسسات تنحاز بشكل كبير إلى الحكومات، الأمر الذي يجعلها في فصام بينها وبين المثقفين، وهو ما يولد حالة من انعدام الثقة بين الطرفين، وهذا يدفعنا بلا شك للحديث عن ضرورة استقلالية الأديب عن هذه المؤسسات، ليكون أديبا مستقلا في إبداعه، لا تؤثر عليه مؤسسة، أو يتأثر هو بها.

وهل تعتقد أن الحال ينطبق على الجوائز الرسمية، التي يتم منحها للمبدعين من جانب الحكومات؟

جوائز الدولة عموما في العالم العربي، تثير إشكالية كبيرة، فهناك من يرفضها، وحقيقة أنا ضد هذا الرأي، لأن الواقع، يؤكد أن كثيرا من الجوائز الرسمية، ذهبت إلى مبدعين ليسوا على علاقة جيدة بالحكومات، وفي المقابل، إذا كان بعض المبدعين يشككون في الجوائز الخاصة، لكونهم يرون من يقف وراءها من أصحاب اتجاهات معينة، فإنني أرى أن ذلك غير حقيقي أيضا، لأنها كثيرا ما ذهبت لأشخاص ومبدعين جادين، وقمم شامخة، ولذلك أعتقد أن تبرع رجال أعمال مثلا بجوائز لدعم المبدعين، هو رعاية لهم، ويساعد في الوقت نفسه على ازدهار الثقافة والأدب بشكل عام، وذلك لأن الحافز المادي مهم للمبدع المطحون، وهو لا يقل أهمية بالطبع عن الحافز المعنوي، الذي هو مطلوب أيضا للمبدع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"