علي الكتبي: ورثت من والدي تربية «البوش»

تعلم الصبر والشجاعة في الصحراء
04:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
حوار: بكر المحاسنة

يعتبر الوالد علي سالم بن رشيد الكتبي من أهالي منطقة بن رشيد بمنطقة البطائح التابعة لإمارة الشارقة، رجلاً يعرفه الجميع بالحكمة والرأي السديد وبالشجاعة والكرم، ما زال متمسكاً بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة ومحافظاً على موروث الآباء والأجداد، عانق الصحراء وصادق رمالها وجمالها، وتعلم الصبر من صبارها، وتميز بالأصالة في تصرفاته وتعاملاته ونمط حياته، ومحافظته على عاداته وتقاليده، التي يعتز ويفتخر بها. حتى لهجته البدوية وطريقة أحاديثه لم يتخلَّ عنها.
يقول الكتبي: ولدت عام 1949 في خيمة شعر أقيمت وسط صحراء منطقة البطائح، ونشأت فيها في كنف والدي، رحمه الله، بعد فقدان والدتي وأنا عمري سنتان، ونشأت في مجتمع بدوي عربي أصيل محافظ ومرابط على العادات والتقاليد العربية الأصيلة، وترعرعت بين أحضان والدي الذي كنت ملازماً له في كل جوانب الحياة حتى تعلمت منه الكثير من الصفات والأخلاق الحميدة، وتعلمت منه الشجاعة وأصول إكرام الضيف واحترام الآخرين، وتعلمت العديد من المهن التي اشتهر بها الأهالي في تلك الفترة، منها الرحلات التجارية إلى المناطق الساحلية مثل دبي والشارقة التي كنت أقوم بها بنفسي بعد أن كنت أرافق والدي فيها، وكنت أقوم بتحميل الجمال بالعديد من المنتجات مثل السمن العربي والقيط والبطائح «الحشائش» والأغنام، وعند الوصول إلى أسواق المناطق الساحلية أبيعها مقابل روبيات قليلة أو مقايضتها ببعض منتجات الأهالي من عيش وقهوة وسكر، كما تعلمت من والدي مهنة تربية البوش «الإبل» ورعايته، وتربية الأغنام والمواشي، وعشت حياة بسيطة، اعتمدت فيها على ممارسة الحرف البدوية ومنها رعي الأغنام وتربية الإبل، إضافة إلى زراعة أشجار النخيل وتجارة محاصيل التمور والحطب والفحم والأغنام، وعشت في خيام الشعر في مواسم الشتاء وبيوت العريش المبنية من جريد وسعف النخيل في مواسم الصيف، وفي موسم القيض«الصيف» كنا نقيض بأماكن وجود «طوى» المياه في المنطقة، وكان يسمى «طوى المرة»، وهناك أيضاً كان طوى يسمى «طوى البحوث»، وكنا نرحل من مكان لآخر في نفس المنطقة بحثاً عن الماء في مواسم الشتاء والربيع. وبقيت هذه نمط حياتي وحياة أهالي المنطقة وهي بسيطة وقاسية يتوافر فيها مصادر رزق محدودة حتى إعلان قيام الاتحاد الذي قام به المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، ومنذ عام 1976 انتقلت من العيش في خيام الشعر وبيوت العريش إلى العيش الكريم في مساكن شعبية، بناها لنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبعدها بفترة قام ببناء الفلل لجميع أهالي منطقة بن رشيد.
يقول الكتبي: في بداية حياتي العملية كنت أقوم بمساعدة والدي ببعض المهن التقليدية القديمة، خاصة مهنة الرحلات التجارية إلى أسواق المناطق الساحلية ومهنة تربية البوش والأغنام، حتى أصبحت اعتمد على نفسي بهذه المهن وأتقنها بشكل كبير، وبقيت أقوم بهذه المهن حتى عام 1967 عندما انضممت للعمل في القوات المسلحة وبقيت فيها حتى عام 2000، وكان انضمامي إلى القوات المسلحة حباً نابعاً من قلبي في خدمة الوطن، والحمد لله خلال عملي قي القوات المسلحة تعلمت الكتابة والقراءة من خلال مدارس الثقافة العسكرية، كما تأثرت كثيراً بالحياة العسكرية وخدمت في كافة مناطق الدولة، وتعلمت منها الجرأة والانضباط والصبر والمسؤولية والاعتماد على النفس والكثير من الأمور العسكرية، والحمد لله ملكت تجربة واستفادة كبيرة من الحياة العسكرية. وفي عام 2004 أصبحت عضو المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، لمدة سنتين، وكانت تجربة فريدة وثرية للغاية، لقد استفدت كثيراً، حيث إن العضوية فتحت أمامي آفاقاً كبيرة وعززت مهاراتي في جوانب متعددة، وكنت حريصاً على أن تكون عضويتي في المجلس تكليفاً لا تشريفاً، وذلك لإعطاء منبر البرلمان الحر حقه في مناقشة هموم المواطن واحتياجاته، وفي عام 2006 أصبحت رئيس المجلس البلدي لمدينة البطائح لمدة 6 سنوات وخلال هذه المدة والحمد لله، خدمت مدينة البطائح وأهالي كافة مناطق البطائح، وكنت أفضل المصلحة العامة على مصلحتي الشخصية، وبذلت أقصى جهدي لخدمة المنطقة، وفي عام 2011 أصبحت عضواً بمجلس أولياء المنطقة الوسطى ، وتعلمت الكثير من كافة الميادين التي عملت فيها وهي أن أقدم مصلحة الوطن على مصلحتي الشخصية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"