مراد غالب مهندس العلاقات المصرية - السوفييتية

قدّم استقالته احتجاجًا على زيارة القدس
14:15 مساء
قراءة 10 دقائق

د. مراد غالب دبلوماسي مصري ارتبط اسمه بالمواقف الجريئة التي اتخذها وعلى رأسها استقالته احتجاجاً على زيارة السادات للقدس وافساده على إسرائيل المشاركة في احتفالات استقلال الصومال وقد توفي بشكل مفاجئ في ديسمبر/كانون الأول الماضي وكان عمره آنذاك يناهز

الخامسة والثمانين، وكان لا يزال قادراً على مواصلة العمل، بعد أن استقال من آخر مناصبه سفيراً لمصر في يوغسلافيا، ليتفرغ بعد سنوات للعمل على رأس منظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية.

وقد لا ينسى الكثيرون أنه قبل يومين من وفاته كان غالب يشكو من وهن أصابه، ومع ذلك أصر على ترأس ندوة نظمتها المنظمة حول العلاقات العربية الإيرانية وتطورات الملف النووي الإيراني، كان ذلك جزءا من نشاط لم ينقطع بمغادرة غالب أجواء المؤسسات الرسمية، بعد أن وضع بصماته كمهندس للعلاقات المصرية السوفييتية، حيث أشرف على تسليح القوات المسلحة المصرية ثلاث مرات، وبناء السد العالي، وإقامة المصانع الثقيلة، حتى أنه أدار المباحثات حول أول اتفاقية للطاقة النووية في مركز أنشاص بمصر.

القاهرة الخليج:

كان د. مراد غالب شاهداً على التاريخ طوال حياته، التي عايش خلالها أحداثاً مهمة مرت بها مصر، بل كان مشاركاً أساسياً في صنع هذه الأحداث، منذ أن انخرط في العمل الوطني السري قبل العام ،1952 حتى قيام الثورة، وممارسته عبر أكثر من 50 عاما، إذ كان العضو المدني الوحيد في مجموعة مكونة من أربعة أفراد، تزاول العمل السري، وضمت المجموعة كمال رفعت وحسن التهامي وصلاح دسوقي، وكانت تتبع عزيز المصري، وإلى جانب ذلك كان واحداً من المدنيين القليلين، الذين جمعتهم علاقة بتنظيم الضباط الأحرار.

وبعد قيام ثورة 23 يوليو/تموز ،1952 توثقت علاقة مراد غالب بجمال عبد الناصر وقادة الثورة، وذلك عند انتدابه من جامعة الإسكندرية، التي عُيّن بها مدرساً بكلية الطب، إلى وزارة الخارجية في القاهرة، إلى أن عمل مع عزيز المصري الذي اختارته الثورة سفيراً لمصر في موسكو، وفي تلك الرحلة كان مراد غالب في قلب الأحداث، شاهداً على قيام الثورة، وما تعرضت له في سنواتها الأولى من مواجهات.

وبعد عودته من موسكو في العام ،1957 عمل مستشاراً سياسياً للرئيس عبد الناصر، فعاصر أحداثاً اهتز لها العالم العربي، منها الوحدة مع سوريا، وثورة العراق (1958)، واشتعال الصراع بين القوميين والشيوعيين، ثم انتقل إلى مركز صراعات أخرى حادة، حين اختاره ناصر سفيراً في الكونغو عام 1960.

وبعد اغتيال لومومبا يعود مراد غالب لينتقل إلى موسكو، للعمل بها سفيراً، وعلى مدى عشر سنوات من الإقامة بالقرب من الكرملين، عاصر مستويات العلاقات المصرية السوفييتية، وتوثقت علاقاته العائلية بأسرة خروشوف، وهيأت له تلك الإقامة الطويلة في موسكو علاقة عائلية أخرى مع سيفتلانا ابنة ستالين، التي هربت فجأة من بلادها، طالبة اللجوء السياسي إلى أمريكا. وبرحيل ناصر يعود غالب إلى مصر في العام ،1970 بقرار من الرئيس أنور السادات، الذي عينه وزير دولة للشؤون الخارجية، وتعددت فيما بعد مواقعه كوزير للخارجية، ووزير للإعلام، ووزير للوحدة مع ليبيا، ثم كمبعوث للرئيس السادات للتوسط في الخلاف بين العراق (أيام الرئيس البكر) والكويت.

وكان من الممكن أن تمر هذه المسيرة الطويلة الحافلة بالأسرار، مرور الكرام، لولا أن الكاتب عاطف الغمري سعى للاتصال بالراحل الكبير، وفوجئ بأنه عازف عن كتابتها، لأسباب منها أنه لا يريد خدش علاقات إنسانية، تجمعه بأبناء وأحفاد من سيتعرض لهم في هذه المذكرات، وفيها ما يتصل بإعراضه عن الجري في سباق ينسب فيه من يكتبون مذكراتهم، أدواراً بطولية لأنفسهم، لكن الغمري قطع المشوار من أوله مع غالب، عبر عدة جلسات للنقاش والحديث المتصل، على مدى أكثر من شهرين. وكانت البداية بأن حكى مراد غالب عن نشأته في حي مصر الجديدة، وصداقته في المدرسة الابتدائية لحسن التهامي وصلاح دسوقي، وهي الصلة التي توطدت عند الالتحاق بمدرسة القبة الثانوية، حيث لا ينسى مشهد ناظر مدرسة مصر الجديدة الابتدائية، وهو يمر على الفصول ليتحدث مع الطلبة عن الوطنية وحب مصر والتضحية من أجلها، وإعجابه بالألمان، وتقديسهم لوطنهم، هذه الصورة زرعت في قلب غالب حب الوطن، فكان ميالا للوفد بعد سماعه عن ثورة 1919 (ولد في 1922)، وقيادة سعد زغلول لها، وحين ظهر أحمد حسين وألف حزب مصر الفتاة ورفع شعار مصر فوق الجميع انضم إليه، دون أن يدرك طبيعة الصراع بين النازية والفاشية والدول الغربية، وقوله عن تلك الفترة: كانت أفكارنا سطحية، تغلب عليها عواطف الشباب وحماسهم والكراهية التي نحملها للاستعمار البريطاني، ولم نكن ننظر أبعد من هذا، كما لم نسع إلى تحليل الفاشستية والنازية، وأخطارهما المدمرة على الإنسان والإنسانية.

وفيما بعد عرف غالب بوجود حزب شيوعي، بل دُعي للانضمام إليه، لكنه لم يتحمس لذلك، لأن طبيعته لا تتفق مع التنظيم الحزبي المنضبط، والانصياع لقرارات تفرض عليه، كما أنه لم يتصور إمكان قيام ديكتاتورية البرولتياريا أو الطبقة العامة، بل كان يرى أن الحكم يجب أن يكون في أيدي الصفوة من المثقفين، ولكن كان للماركسية فضل عليه في الاهتمام بالعدالة الاجتماعية وأهمية تكافؤ الفرص، والتركيز على العلم في فهم طبيعة الأشياء، وهي فوق ذلك أسلوب نقدي وتحليلي لظواهر تطور المجتمعات، وعندما كان سفيرا في موسكو، اعتبره السوفييت ليبراليا غير معادٍ للشيوعية.

وجاءت زيارة عبد الناصر للاتحاد السوفييتي في أواخر عام 1958 بعد الوحدة بين مصر وسوريا، وكان غالب وقتها مديراً لمكتب الرئيس للشؤون السياسية، ولم يكن حضر الجلسة الأولى لمباحثات ناصر مع خروشوف، ورآه يخرج منها مستاءً، وهو يردد: لابد أن أغادر الاتحاد السوفييتي فورا، أنا لا أقبل ما قيل في هذه الجلسة، حيث تكلم خروشوف وقال: إن سياسة ركوب الحصان الأمريكي مرة، والحصان السوفييتي مرة أخرى ليست في مصلحة الشعب المصري، ولا في مصلحتك، بل هذه ليست سياسة.

وانتظر غالب حتى انتهى الزعيم من كلامه، وتكلم معه على انفراد، قائلاً: إن الطريقة المثلى أن نبادر نحن بالهجوم في الجلسة التالية، وقال ناصر في هذه الجلسة: إن الذين يتصورون أن سياستنا هي مجرد اللعب على الحبلين لا يدركون حقيقة سياستنا، فنحن لنا سياسة مبدئية، لا نحيد عنها، وهي التمسك باستقلالنا التام، ثم قام ناصر بزيارة أماكن عديدة في الاتحاد السوفييتي، وأخذ يردد في كل مناسبة أن سياسة مصر هي عدم الانحياز، مما جعل بعض المعلقين يستنتجون أن هذا الكلام موجه إلى خروشوف، ومؤكداً لشخصية جمال عبد الناصر، وشدة حساسيته في المحافظة على مكانته واستقلاليته. وفي أول يوليو/تموز 1960 جاءت مناسبة استقلال الصومال، وكانت إيطاليا بادرت بدعوة إسرائيل إلى احتفالات الاستقلال، فاستدعى غالب السفير الإيطالي بالقاهرة وأبلغه بأن هذا التصرف غير معقول، وإذا تمسكوا بذلك فلن تحضر مصر الاحتفال، وأرسل إلى الحكومات العربية يقترح عليها استدعاء السفير الإيطالي بكل دولة وإبلاغه بأن العرب جميعاً لن يحضروا، ثم سأل محمد فائق، وكان مسؤولا عن العلاقات مع إفريقيا: هل يستطيع عمل مظاهرة قوية في الصومال ضد مشاركة إسرائيل؟ فقال: أستطيع، وفعلا قامت مظاهرة صاخبة في الصومال ضد إسرائيل، وبعد أسبوع قابل السفير الإيطالي غالب وقال له: لقد عدلنا عن دعوة إسرائيل.

مع لومومبا

وفي العام 1960 اشتعلت أزمة الكونجو، التي بدأت بمحاولة حصار زعيم حركة الاستقلال الكونجولية باتريس لومومبا، والسعي لتصفيته، وتورطت أطراف دولية عديدة، ولم تكن مصر بعيدة عن هذه الأزمة، إذ ساندت حركات التحرر الإفريقية ومنها الكونجو، وطلب من غالب ترشيح سفير لمصر في الكونجو، فقام بترشيح اثنين، وقيل لناصر إن أجهزة الرئاسة طلبت من غالب تشريح أسماء للسفراء، لكنه لم يرد، فقال ناصر: مادام الأمر كذلك فليذهب مراد غالب بنفسه إلى الكونجو.

وذهب غالب إلى هناك، ووصلته برقية من ناصر يقول فيها: نحن مجتمعون الآن في نيويورك، ويريد رؤساء الدول الإفريقية أن تتصل ب لومومبا، وتسأله عن حجم المساعدة المادية التي يحتاجها حتى تتمكن الدول الإفريقية من تدبيرها لدعمه، ومما يرويه غالب أن موبوتو قام آنذاك بتشكيل حكومة جديدة من الطلبة، حيث لم يكن في الكونجو شخص واحد قد تخرج في الجامعة، وذهب غالب ومجموعة من السفراء الأفارقة لمقابلة موبوتو، وسؤاله عن مصير لومومبا، فمنعه من دخول مكتبه، فقال له هل يصح أن تمنع سفراء إفريقيا من دخول مكتبك؟ وأزاحه بيده، ودخل المكتب ليجد الطلبة مجتمعين، فأبلغهم بأنه يشكل منهم حكومته.

وكان لومومبا قد هرب من الحصار، واختبأ في منزل وسط العاصمة، ووصل غالب إلى مخبئه، بعد أن أرسل إليه رسالة يخبره عن مكانه، وطلب منه أن يوافق عبد الناصر على خروج زوجته وأبنائه إلى مصر، لأنه يخاف على حياتهم، ولو أصبحوا في أمان فسيكون أكثر حرية في الحركة، وجاء الرد من القاهرة بالموافقة، وتم وضع الخطة، على أن تنفذ أثناء سيطرة الكتيبة السودانية (ضمن قوات الأمم المتحدة) على المطار، وركبت أسرة لومومبا الطائرة ووصلت إلى القاهرة، لتجد في استقبالها احتفالاً كبيراً، قابله غضب عارم في الكونجو من المخابرات البلجيكية والغربية. وبلغت التحرشات بالسفارة المصرية حد ضربها بالمدفعية، إلى أن وصل جنود في عربات جيب، لاقتحام السفارة، وتوجيه البنادق إلى جسد غالب، وتغير الموقف حين وصل إلى السفارة أفراد من الصاعقة المصرية، العاملين بمحطة الاتصال، فتراجع الجنود وقالوا: نريد تفتيش السفارة لأنكم تخبئون وزير خارجية لومومبا. وتواصلت التحرشات إلى أن تعرض منزل السفير غالب لهجوم بإطلاق الرشاشات عليه. وفي صباح أحد الأيام فوجئ غالب بصدور إحدى الصحف وعنوانها الرئيسي يقول: ملف الدكتور غالب، وقرأ فيها نصوص رسائل مرسلة من محطة الاتصال المصرية اللاسلكية، وأخطرها رسالة منه إلى ناصر يبلغه بالحال في الكونجو، ويطالبه بتدخل السوفييت، وفي الحال قامت السلطات الكونجولية بطرد البعثة الدبلوماسية السوفييتية، وتداعت الأحداث إلى أن أعلن نبأ هروب لومومبا، ووقوعه في منطقة يسيطر عليها الجيش الغاني، فعذبوه وقتلوه.

مع ابنة ستالين

وفي أوائل عام 1961 تقرر تعيين غالب سفيراً لمصر في موسكو في فترة تشهد خلافات حادة مع الاتحاد السوفييتي بسبب الانتقادات السوفييتية الشديدة للوحدة مع سوريا، والخلافات حول ثورة العراق وعبد الكريم قاسم وسيطرة الشيوعيين، ووصلت الحملات المتبادلة إلى حد الانتقادات الشخصية لكل من ناصر وخروشوف، ورأى ناصر أن يبقى غالب في القاهرة، ولا يذهب إلى موسكو، احتجاجا على هذه الحملة، وبقي في مصر إلى أن تقرر سفره في أول يوليو/تموز 1961.

وكوّن غالب مع خروشوف علاقة حميمة حتى إنه كان السفير الوحيد الذي ذكره في مذكراته عبر فقرة يؤكد فيها تقديره وإعجابه به، وأنه كان يترجم أحاديث شخصية بينه وبين ناصر وختمها بقوله: لقد كنا نحترمه، وقريباً من هذه العلاقة توثقت صلة غالب بابنة ستالين، التي ربطتها علاقة حب وكراهية في الوقت ذاته بأبيها، الذي كانت تصفه بالقسوة في معاملته لها، وأنه كان يفرض عليها حياة متقشفة، وإذا شم رائحة بارفان يتساءل في الحال من أين جاءت به، كانت تهاجمه هجوما شديدا وفي الوقت نفسه تحكي عنه قصصا عظيمة.

جمعتها بغالب علاقة أسرية، وكانت متزوجة من رجل هندي يكبرها بسنوات، وعندما مات أحرقوا جثته، وكان عليها أن تنثر رماد جثمانه في أحد أنهار الهند الكبرى، واستعدت للسفر إلى الهند، وذهبت إلى منزل غالب وهي في طريقها للمطار، وودعها قائلا: نريد أن نراك دائما فلا تتركينا، فردت: لا تخف إني عائدة، لكنها لم تعد ولجأت إلى الهند ثم أمريكا، وكان جورج كينان والمخابرات الأمريكية الموجهين لها في كتاباتها بعد ذلك. وانتهت مهمة غالب في موسكو بوفاة عبد الناصر بعد أكثر من عشر سنوات، إلى أن نقل فجأة من منصبه سفيراً هناك، إلى منصب وزير دولة للشؤون الخارجية في القاهرة، وكان إبعاده عن موسكو مقصوداً، لأن ذلك يمثل بداية سياسية جديدة مع الاتحاد السوفييتي، حيث كان يعرف أنور السادات معرفة وثيقة منذ قيام الثورة، ثم توطدت علاقته به عندما أصبح في عهد عبد الناصر مسؤولاً عن علاقات مصر مع الاتحاد السوفييتي. وفي عام ،1972 عُين غالب وزيراً للخارجية في حكومة عزيز صدقي، ومنذ سبتمبر/أيلول 1972 إلى ابريل/نيسان 1973 بقي في بيته بدون عمل إلى أن فوجئ باستدعاء السادات له، للتوسط في الخلاف بين العراق والكويت، وذلك عندما كان أحمد حسن البكر رئيساً وصدام حسين نائباً له، وبعد جولات مكوكية بين بغداد والكويت، توصل إلى اتفاق بين الجانبين على أن حل الخلافات لابد أن يكون بالطرق السلمية وليس بالقوة العسكرية.

وأثناء وجود غالب في بغداد سمع خبر تعيينه وزيراً للإعلام، وكان يريد الاعتذار، لأنه لم يكن مستريحا للوضع، وحين طلبت منه لجنة الإعلام بمجلس الشعب حضور جلسة للمناقشة أحالهم إلى الدكتور عبد القادر حاتم، لأنه كان وزير الإعلام الفعلي، على حد قوله، إلى أن اقترح السادات أن يكون غالب وزيرا للوحدة مع ليبيا، وقبل المنصب، ولكن سرعان ما توترت العلاقة بين السادات والقذافي وترتب على ذلك سحبه من ليبيا، وعاد إلى القاهرة دون أن يكون له اختصاص معين، ثم قرر السادات تعيينه سفيرا في يوغسلافيا عام 1974.

وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 1977 صرح السادات بأنه على استعداد للذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي نفسه لمناقشة قضية السلام، وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني وصلت طائرته إلى مطار بن جوريون، فجهز مراد غالب استقالته، وعندما دعا السادات لمؤتمر في مينا هاوس بمصر، أرسل استقالته يشرح فيها كيف أنه لم يعد يستطيع أن يمثل السادات سفيراً، وكان هناك من يظن أن غالب سيلجأ إلى ليبيا أو أية دولة أخرى، لكنه قال إنه سيعود إلى القاهرة، فأمر السادات بالقبض عليه فور نزوله من الطائرة، لكن ممدوح سالم أقنعه بأن ذلك سيجعل منه بطلاً، وأن الأفضل أن يدعه يأتي إلى مصر ويسدل الستار على من يسمى مراد غالب.

عزيز المصري الأب الروحي للثورة

يحتل عزيز المصري مكانة خاصة لدى مراد غالب فهو يصفه في مذكراته ب الأسطورة، وكان رجلاً قوياً، لديه ثقافة واسعة وتصميم على تغيير الأوضاع السائدة في العالم العربي، وانضم غالب إلى إحدى الخلايا التابعة لعزيز المصري، الذي استفاد منه كثيراً في التعرف على حقيقة الأوضاع السياسية في مصر، وتأثر بأفكاره، وكانت لديه مكتبة كبيرة، استعار منها غالب وغيره كتباً كثيرة.

كان عزيز المصري بمثابة الأب الروحي للثورة، وبسبب هذا الوضع كما يقول غالب كان أصدقاؤه يتقدمون إليه بطلبات، معظمها يخص بعض أفراد العائلة المالكة والطبقة التي كانت الثورة تقوم بتصفيتها، لينقل هذه الطلبات إلى قيادة الثورة، حيث كانت علاقاته وثيقة بالعائلة المالكة، وكان مجلس قيادة الثورة يخجل من أن يرفض له طلباً، لا يتماشى مع مبادئ الثورة.

يقول غالب: فكر المجلس في طريقة تبعده عن الذين راحوا يلتفون حوله لأغراض شخصية، وفي الوقت نفسه تكريمه بعد حياته الوطنية الحافلة، فتقرر تعيينه سفيراً في بون في ألمانيا الغربية، وعند إبلاغه بهذا القرار قال: إنني لا أستطيع السفر للخارج إلا إذا كان معي هؤلاء الأربعة صلاح دسوقي، وكمال رفعت، وحسن التهامي، ومراد غالب، وكان الرد عليه: إننا لا نستطيع أن نستغني عن العسكريين، ولا مانع من أن يسافر معك المدني الوحيد فيهم وهو مراد غالب. وقبل موعد السفر في عام ،1953 قطعت مصر علاقاتها الدبلوماسية بألمانيا، ردا على تقديمها تعويضات لإسرائيل، شملت معدات عسكرية كبيرة، فتغير القرار من تعيين عزيز المصري سفيرا في بون إلى موسكو، وعمل معه مراد غالب كسكرتير ثانٍ في السفارة، كان عمره 31 عاما آنذاك، وقادماً إلى الخارجية من الجامعة كمدرس في كلية الطب، وبدأت مهمته في موسكو على أساس توصيات عبدالناصر ورعاية الفريق عزيز المصري.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"