مصارعة الثيران.. تقاليد المتعة والتشويق

تقام أسبوعياً في الفجيرة
03:14 صباحا
قراءة 4 دقائق
الفجيرة: «الخليج»

تعد مصارعة الثيران تقليداً تراثياً شعبياً ورياضة تراثية قديمة لدى أهل الفجيرة خاصة والمناطق المجاورة عامة؛ حيث ما فتئ المواطنون يقبلون على ممارستها منذ قرون بعيدة، ويعلمونها لأولادهم جيلاً بعد جيل، وأصبح يشارك فيها كبار السن وأبناء الجيل الجديد من مربّي الثيران. وذلك للمحافظة على هذه الرياضة التراثية القديمة التي تتميز بالمتعة والمغامرة والإثارة والتسلية.
وتحظى هذه الرياضة بشعبية جارفة ويحرص الأبناء على السير على خُطى الآباء والأجداد فيما يتعلق بتربية الثيران القوية واقتنائها لكي تكون جاهزة للمنافسة في حلبة المصارعة، لإحياء هذا الموروث الشعبي. بمشاركة الثيران القوية التي تربّى لهذا الغرض في هذا النوع من النزال.
يقول عبد الله علي الكندي مسؤول الحلبة: تعتبر مصارعة الثيران التي تقام كل يوم الجمعة بعد صلاة العصر على كورنيش الفجيرة من أبرز وأكثر الألعاب التي يمارسها الناس في الفجيرة والمناطق المجاورة منذ مئات السنين وتوارثتها الأجيال المتتالية لتصبح تقليداً أسبوعياً يتنافس عليه أصحاب الثيران لتتويج الثور الأقوى.
ويضيف الكندي: تعتبر مصارعة الثيران لعبة شعبية تحظى بمتابعة الكثير من المواطنين والمقيمين والسياح العرب والأجانب، ولا يختصر المشاركة فيها من أصحاب الثيران بالفجيرة، بل من كافة المناطق المجاورة للفجيرة، ومن سلطنة عمان، كما أن جميع الثيران المشاركة تخضع خلال المصارعة للعديد من القوانين المنظمة، حيث إن المصارعة لها لجنة خاصة يرأسها شخص يسمى العقيد وتضم الحاجزين اللذين يشكلهما ثمانية أو تسعة أشخاص داخل الحلبة، مهمتهم الفصل بين الثيران عند انتهاء الوقت المحدد للمصارعة، وإعلان الفائز الذي يقرره العقيد. وتكون مهمته أيضاً دعوة مالكي الثيران للمشاركة وتصنيفها واختيار الصالح منها للمصارعة اعتماداً على أسس وقواعد أهمها الحجم والوزن والفصيلة. وعلى العقيد مراقبة المصارعة وإنهاؤها عندما يتضح أن أحد الثورين فاز أو تعادلا في المصارعة، وتتراوح مدة المصارعة بين خمس وعشر دقائق ويشارك فيها أكثر من 20 إلى 40 ثوراً حسب استعداد أصحاب الثيران وقد تتجاوز بعض المشاركات إلى 50 ثوراً.
ويشير الكندي إلى أن المصارعة تبدأ بمبادرة من أحد الثورين إلى مهاجمة الخصم بنطحة، ويجب على الآخر أن يكون مستعداً لها ويستمر اللقاء مع صياح الجمهور وقوة المباراة بين الثورين حتى هروب أو سقوط أحدهما أو أن يجبر أحدهما الآخر على التراجع، وخلال فترة المباراة يحرص التجار على انتقاء وشراء الثيران الفائزة وذات السلالة الجيدة والمشهورة، خاصة الثيران الإماراتية المعروفة باسم الفجيروية.

التدريب في البحر

يقول حمد ناصر حمد أحد مربّي الثيران: أمتلك العديد من الثيران التي ورثتها عن والدي والتي لها مسيرة طويلة في المشاركة في المصارعة حيث أحرص على المشاركة لأنها تمثل تراث وتاريخ الأجداد والآباء ولابد من المحافظة عليها كما أنها لعبة تراثية قديمة متوارثة وغير دموية.
ويضيف حمد: هناك أنواع كثيرة من الثيران التي تشارك في المصارعة منها ثيران من سلالات هولندية وهي تكون من دون سنام وذات اللون الأبيض والأسود، وتعيش ما بين 12 إلى 15 سنة تقريباً، ويمتاز الثور الهولندي بأنه شجاع وجريء ومقاتل، وهناك أيضاً الثور المهجن ما بين الهولندي والباكستاني، وأي نوع من الثيران لا يمكن دخوله إلى ساحة المصارعة من دون تدريبه بشكل جيد.
يلتقط طرف الحديث جاسم محمد فيقول: يبدأ تدريب الثيران على المصارعة مبكراً، حيث لا يتعدى عمر الواحد منها ستة أشهر، ثم تدخل الثيران حلبة المصارعة بمعدل أعمار يتراوح بين عامين وخمسة أعوام أو أكثر حسب نوعية الثور وقوة جسمه، وفي العادة يتمّ لشحذ طاقتها وقدرتها على التحمل حتّى لا تكلّ سريعاً، كما أنّ التدريب في الماء يقوّي عضلات الصدر والرقبة بشكل كبير، ويجعلها أكثر قدرة على التحمل والدفع.

عصر الجمعة

ويقول عبيد علي سعيد: هناك الكثير من الشباب من أبناء الجيل الجديد يحرصون على المشاركة في هذه اللعبة الشعبية، لأنها جزء من الموروث الشعبي للإمارات عامة وإمارة الفجيرة خاصة، حيث ظهرت هذه الرياضة قديماً وانتشرت كنوع من الترفيه عن النفس نظراً للحالة الصعبة التي كان الناس يعيشونها قبل الطفرة الحضارية التي شهدتها الدولة وقيام الاتحاد، ورغم التطور والتحضر وظهور العديد من الألعاب والرياضات إلاّ أن اللعبة تحظى بحضور كبير وقوي بعد صلاة عصر الجمعة من كل أسبوع، مؤكداً أن علينا نحن الشباب المحافظة على هذه الهواية والحرص عليها من الاندثار لأنها تعتبر تاريخاً وتراثاً عريقاً ورثه الأجيال عن الأجداد، ولأنها لعبة تراثية نادرة وفريدة في الخليج العربي والوطن العربي تتميز بالإثارة والتشويق والمتعة وتجعل المشاهد لها يعيش أوقاتاً جميلة مملوءة بالإثارة والتسلية والحماسة.
أما المشارك عبد الله راشد محمد فيقول: ما زالت هذه المصارعة تحظى باهتمام كبار السن وخصوصاً المعمَّرين إلى جانب أبناء الجيل الجديد، لأن هذه اللعبة نشأت منذ أن استأنس الآباء والأجداد الثيران وسخروها لحراثة حقولهم وريّ مزروعاتهم.
علي بن سالم أحد المشاركين يقول: أحرص بشكل أسبوعي على المشاركة لأنها رياضة قديمة يعتبرها الأجداد والآباء من ضمن عاداتهم وتقاليدهم، والتي لابد من المحافظة عليها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"