من يضع القائمة؟

03:20 صباحا
قراءة دقيقتين
محمدو لحبيب

حين تسمع عن قائمة لأعظم مائة رواية عبر التاريخ، فلا شك ستستدعي فوراً سؤالاً عن المعايير التي تم تصنيف تلك القوائم على أساسها.
وفي الواقع هو سؤال قديم ولا يزال يطرح باستمرار، مشيراً إلى تفاوت قد يكون مخلاً أحياناً بالمعايير التي تعتمد من أجل إطلاق تلك القوائم، ومبررات إصدار تعريفات قيمية عليها من قبيل الأفضل والأكثر انتشاراً ومبيعاً.
في سنة 1998 وضعتْ دار «مودرن لايبراري» الأمريكية قائمة بما أسمته أفضل مائة رواية في القرن العشرين، وعلى قدر ما كان في العنوان من تعميم مخل، على قدر ما كان فيه من تغييب كامل لكل أنواع الروايات التي لم تكتب باللغة الإنجليزية، والتي تعد من الروائع العالمية التي يقرأها ملايين الناس في كل أنحاء العالم وحتى اليوم، كذلك شهدت القائمة بحسب الانتقادات التي وجهها لها البعض، عدداً قليلاً من كتابات النساء مقارنة بعدد ما كتبن من روايات في القرن العشرين، إضافة إلى كل ذلك اعتبر البعض أن القائمة لم تكن سوى وسيلة من الدار لترويج منشوراتها، حيث إن أغلب الكتب التي وردتْ في القائمة كانت مما تبيعه الدار نفسها.
نفس الاتهامات تقريباً وجهت إلى القائمة التي أصدرتها الغارديان والأبزورفر بشكل مشترك في نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة الحالية، ووضعتا فيها ما تريانه أعظم مائة رواية عبر العصور.
لقد اتهمت تلك القائمة أيضاً بأنها غيبت معظم تنويعات الرواية الأخرى التي تصدر في دول عديدة عبر العالم، وتحظى بقراء كثر، وتركزت على الترويج لروايات بعينها، ربما يراها العقل الغربي والأوروبي تحديداً مرادفة بشكل طبيعي لمفاهيم الإبداع.
لكن من ينتصرون لتلك القوائم يرون أنها ليست على إطلاقها عنصرية، وتجزيئية وناظرة في اتجاه تحبذه المركزية الغربية، بل يصرون على أن الحكم على عموم تلك القوائم ووصمها بتلك التهمة فيه نوع من الشطط والبعد عن الحقيقة، ويستشهد بعضهم بقائمة أخرى لا تقل شأناً عن قائمة الغارديان الآنفة الذكر، وهي قائمة «ميوز ليست» والصادرة في نفس العام 2013 مع قائمة الغارديان والأوبزرفر، وقد ضمت فعلاً روايات ليست غربية، وتحديداً ضمت أربع روايات عربية هي ثلاثية نجيب محفوظ «بين القصرين، قصر الشوق، السكرية»، و «باب الشمس» لإلياس خوري، و «لا أحد ينام في الإسكندرية» لإبراهيم عبد المجيد، و«مديح الكراهية» لخالد خليفة.
وبغض النظر عن الاتهامات التي تطال تلك القوائم، والتزكيات التي تحظى بها في المقابل، إلا أن السؤال الذي سيستمر طرحه في أفق تلك القوائم، وكلما صدرت واحدة منها هو: ماهي فعلاً مقومات أعظم رواية؟ ومن يمتلك الأهلية والثقة الكاملة لتحديد ذلك؟ أم أن الأمر نسبي وبالتالي فالقوائم تقييم نسبي بدورها؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"