مهن المستقبل.. مشورة الأهل وقرار الأبناء

الشغف والهواية في مواجهة التطلعات المادية
03:18 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة: زكية كردي

كان للأهل دور كبير في اختيار التخصص الجامعي الذي سوف يدرسه الأبناء، وتوجيههم من منطلق الخبرة السابقة، وانحصرت التخصصات المغرية في خيارات محدودة يتصدّرها الطب، والصيدلة، والهندسة، وارتبطت الخيارات بالمستوى الدراسي للطالب، أما اليوم، فيختار الشباب تحقيق أحلامهم المهنية بأنفسهم، لتحقيق التوافق ما بين التخصص الدراسي والمهارات الخاصة من جانب، وفرص العمل المناسبة والدخل المادي المتوقع من جانب آخر.
تفرز وسائل الإعلام والتواصل فرص عمل كثيرة، ودخلاً مرتفعاً لمن يمتلك الموهبة في هذا المجال، كما يرى ورد هلال، ويقول: اخترت الإعلام الإلكتروني بكلية الاتصال، خاصة أنني أعشق صناعة الأفلام منذ الصغر، وطموحي أن أكون مخرجاً تلفزيونياً، وسينمائياً، ولطالما تمنيت أن أتعلم كيفية صناعتها، وساهمت عوامل عدة في اختيار الجامعة التي أدرس فيها، منها آراء خريجيها، والأهم أن والدي أستاذ في الجامعة نفسها.
اختارت رفل ليث عبد الله، تخصص طب الأسنان في جامعة عجمان، بعد دراسة جميع الفرص والخيارات المناسبة، وتقول: كانت عمتي أول شخص يدرس هذا التخصص في العائلة، واستطاعت أن تطلعني على كل التفاصيل التي أود التعرف إليها، وهذا ما شجعني على اختيار هذا التخصص، خاصة أنه يجمع ما بين ميولي للمواد العلمية، وموهبتي في الرسم التي أعتقد أنها تصنع فرقاً في هذه المهنة في ما يتعلق بالأمور التي تخص جمال الأسنان، ولا شك في أن رأي الأهل وتشجيعهم كان له دور كبير في إقبالي على هذا الخيار. وأوضحت أنها اختارت جامعة عجمان لما لاقته من آراء إيجابية عنها، إضافة إلى قيمة شهادتها عالمياً، وسمعتها في السعي لتأمين فرص عمل للخريجين.

الدخل الجيد

توضح آية شمسي: حرتُ ما بين الطب والصيدلية، والحمد لله تم قبولي في قسم الطب البشري في جامعة الشارقة، وأنوي أن أتخصص في الجراحة مستقبلاً، وأعتقد أنني أستطيع أن أساعد الناس في هذا المجال لأني أمتلك القدرة على التركيز في مثل هذه المواقف، وأشعر بشغف لهذه المهنة، أما عن الدخل المادي الجيد الذي يتعلق بهذا التخصص ودوره في خيارها، فتؤكد أن الجميع يسعى لأن يعيش حياة ذات جودة عالية، وهذا حق طبيعي لمن يخطط لمستقبله، ويجتهد للحصول عليها.
ولا يمكن أن تبتعد خططنا للحياة عن الميول التي نمتلكها والقدرات التي توجه خيارتنا، حسب سارة عاطف، وتقول: أميل لكتب علم النفس، وأقرأها بشغف كبير، وأنا أدرك أن الدراسة والتخصص يختلفان عن الكتب العامة الموجودة في المكتبات من حيث العمق، وأعتقد أنني قادرة على العطاء في هذا التخصص، خاصة أنني أستمتع بالمعرفة، ولا يجذبني الطب أو الهندسة، بل النفس البشرية، وأسرارها، وأتمنى التخصص مستقبلاً بالتحليل النفسي.
يوافقها الرأي محمد اللحام، طالب في كلية الاتصال، قسم الإعلام الإلكتروني، والذي أوصله حبه للتصوير وشغفه به منذ الصغر إلى دراسة هذا التخصص، ويقول: منذ صغري وأنا أحمل الكاميرا، وأصور أهلي، وبيتي، وأصدقائي، لهذا لم يكن المستقبل ضبابياً بالنسبة إلي، كنت أعرف دوماً ماذا أريد، ووجدت أن أقرب تخصص إلى مجال التصوير وصناعة الأفلام هو الإعلام الإلكتروني، وعن ربطه ما بين دراسة التخصص الذي يحب، والدخل المادي، وفرص العمل التي سوف يوفرها هذا الخيار، يوضح أنه كان متبوعاً بشغفه فقط، لهذا لم يكن يفكر في الدخل المادي، إلا أنه يعرف أن خياره هذا لا حدود فيه للإبداع والابتكار، ما يعني أنه لا حدود للفرص أيضاً.

دور الأهل

رغم أن كل قرار، أو خيار يتعلق بمستقبل وحياة الأبناء يكون الأهل شركاء أساسيين فيه عادة، إلا أن أبناء اليوم على ما يبدو لم يعودوا بحاجة إلى المشورة، والنصح، كما كان الوضع في الماضي، فهم يعرفون طريقهم جيداً منذ الصغر، ولا يساومون على أحلامهم، فلا سلطة تستطيع قهر حجتهم القوية، ومنطقهم العلمي، حسب منال سالم، مصممة جرافيك، وتوضح: لم يبلغ ابني الأكبر الخامسة عشرة بعد، ومع هذا يدرس خياراته بدقة، ويعرف جيداً ماذا يريد، من دون أن يغفل شرط الدخل المادي الجيد في عمله المستقبلي، فخياراته للدراسة مبنية على المواهب التي يتمتع بها، وتميزه، وأيضاً على التخصصات التي يستطيع أن يستفيد فيها من هذه المواهب بأفضل طريقة ممكنة.
يتفق معها عمار عيسى، مدير مدرسة، ويصف أبناء هذا الجيل بأنهم أكثر تطوراً ومعرفة لكونهم منفتحين على عالم غير محدود من المعلومات، ويقول: يتقن أبناء هذا الجيل لعبة الحياة جيداً، ويعرفون أفضل الطرق التي تمكنهم من الوصول إلى ما يريدونه، هذا ما يتحدثون، عنه ويدركونه، وهم متفوقون حقاً من الجانب النظري، مع تأثرهم بالفكر المادي لهذا العصر، وابتعادهم عن الرومانسية التي كبلت الأجيال الماضية بالعادات، لكن هذا لا يمنع أن هذا الجيل لا يزال بحاجة إلى أسس ومبادئ وقيم الجيل السابق، خاصة في ما يخص العمل، وزيادة جرعات الإحساس بالمسؤولية، والصبر، والحكمة، وهذا ما يعيق تحقيق أحلام الشباب، فهم على عجلة من أمرهم، لأن العالم اعتاد أن يخبرهم أنهم مميزون، ورائعون، ووعدهم بالتفوق، بينما يصدمهم سوق العمل بالروتين، والضغوط، والمساواة، وهذا ما عليهم أن يدركوه، ليكونوا بالفعل النسخة الأفضل من آبائهم، ومن أنفسهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"