هل فقدت "أبل" رشدها بعد "ستيف جوبز"؟

02:41 صباحا
قراءة 4 دقائق

إن ما يعانيه تطبيق أبل للخرائط من عدم الدقة والاكتمال، والذي هرعت الشركة إلى طرحه عبر أجهزة الآي فون والآي باد، يطرح تساؤلاً في غاية الأهمية عن فعالية فلسفة الشركة في الاعتماد الكلي على تقنيتها، ويشار أيضاً إلى أن آبل قد فشلت في تطبيق هذه الفلسفة الذي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة .

من الواضح جداً أن أبل كانت على عجلة من أمرها من أجل إنهاء اعتمادها على خرائط غوغل، الموجودة في جميع الهواتف النقالة التي تعمل بنظام أندرويد، العدو اللدود لنظام آي أو إس .

يأتي برنامج خرائط أبل مثبت مسبقاً على هواتف آي فون 5 المزود بنظام تشغيل آي أو إس 6 الحديث، كما أن هذا البرنامج متاح أيضاً على أجهزة الآي باد والآي بود . ومع محاولات أبل أن تنأى بنفسها عن منتجات غوغل، فإن خرائط غوغل غير متاحة كتطبيق على الآي فون، إلا أنه من الممكن الدخول على هذه الخرائط من خلال متصفح فايرفوكس .

وقد اعتمدت أبل في تطبيقها على عدد من المصادر من ضمنها بيانات شركة (Tom Tom) والتي من الواضح أنها تفتقر إلى التفاصيل، كما أنه تم طرح التطبيق في السوق من دون تجربته، حيث إنه مملوء بالأخطاء التي تثير السخرية والضحك كما أنه تطبيق يفتقر إلى الدقة، فعلى سبيل المثال إذا كنت تبحث عن مطار دبلن الدولي، فإن التطبيق سيرسلك إلى مزرعة ! هذا إلى جانب أنه لا يوجد أي ذكر لكلمة كندا في البحث، إضافة إلى وجود أخطاء لا تحصى في مواقع مهمة في خرائط مدن عالمية كبرى مثل لندن وطوكيو مثل ظهور بعض الجسور والشوارع مرسومةً بشكل خاطئ فوق مساحات مائية على شواطئ البحار، وهو على عكس ما سوقت له أبل عندما أعلنت عن خرائطها لأول مرة في شهر يونيو/حزيران الماضي .

يقول سونيل غوبتا الأستاذ الجامعي في كلية هارفارد للأعمال إن مسألة تطوير التطبيق تبعث على الحيرة، مشيراً إلى أنه مندهش من الأخطاء الموجودة في البرنامج من حيث أسماء الأماكن ومواقعها على الرغم من تعاون أبل مع شركة Tom Tom . وأضاف غوبتا: إن اتجاه أبل للاعتماد على خرائطها الخاصة يأتي في الاتجاه الصحيح، لكن الناس سيبدأون بالتساءل عما إذا كانت الشركة لا تزال تقدم منتجات رائعة، وهذا خطأ كبير في مرحلة ما بعد ستيف جوبز، وفي حال تكراره فإن الناس سيشككون بكفاءة الشركة .

تعتبر الخرائط أداة مهمة جداً بالنسبة لمستخدمي الهواتف المحمولة، كما يتطلب رسم خرائط دقيقة لكل شارع ومدينة وبناء وغيرها من المعالم السياحية عملاً طويلاً يستغرق سنوات عديدة وتحديثاً يومياً بكل التغييرات التي تطرأ على معالم المدن، حيث تقوم بعض الشركات الكبرى بالعمل على تطوير تقنيات حديثة لرسم الخرائط .

ويرى آخرون أن قرار أبل في طرح نسخة لتطبيق الخرائط، لا تتناقض مع سياسة الشركة، عند النظر إلى تاريخ آبل في طرح نسخ بيتا لبرامج غير كاملة، وبهذا الصدد يقول تشيتان شارما الباحث والمحلل في مجال التقنيات اللاسلكية في سياتل: لا أعتقد أن هنالك مشكلة في هذا النهج، حيث إنه يسير على ما يرام، وهو يشبه ما حدث مع برنامج سيري قبل أن يختبر بشكل كامل .

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن شارما يقول إن هنالك فارقاً بين برنامج غير مكتمل ونسخة البيتا، ويضيف: إنه لأمر جيد أن تقوم بإطلاق تطبيقات وخدمات منافسة، ولكن ليس على حساب الجودة، حيث لم يتم إنتاج الخرائط بشكل جيد، ولم يتم التأكد من جودتها قبل إطلاقها .

وهذه ليست أول مرة تخطئ فيها أبل، فقبل عامين تقريباً حاولت الشركة إطلاق خدمة تخزين سحابية Cloud تدعى MobileMe والتي أثبت أنها مكلفة ومعقدة، ولم تلق استحساناً من قبل الجمهور، إضافة إلى النكسة التي أصيبت بها الشركة بعد إطلاق خدمة آي كلاود العام الماضي .

وقد يتطلب إعادة إصلاح العناوين والأماكن في الخرائط وقتاً طويلاً من العمل المضني، ويقول ماركو غروتسر الأستاذ في جامعة روتجرز والخبير في تكنولوجيا رسم الخرائط: يمكن إصلاح الأخطاء الفادحة بسرعة كبيرة، لكن القيام بتصحيح جميع التفاصيل الدقيقة والبيانات، سيستغرق وقتاً طويلاً وربما يستمر لعدة أشهر أو عام على الأقل، ويمكننا بعدها رؤية تطبيق أفضل، لكن لا ينسى أحدنا أن هذه العملية لا يجب أن تتوقف حيث إن الشوارع والمباني يطرأ عليها تحديثات مستمرة ويمكن أن تتغير بين فترة وأخرى .

وقبل أن تطلق الشركة نظام تشغيل (iOS6)، وهو نظام تشغيل الآي فون، كان العديد من المبرمجين قد حذروا من انخفاض جودة تطبيق الخرائط، حيث إنه كان يواجه صعوبات في الوصول إلى الشركات المحلية من خلال البحث .

ويبدو أن أبل تدرك مثل هذا الأمر لأنها في حاجة إلى تدعيم خبراتها في مجال الخرائط، حيث لاحظ العديد من مواقع الأخبار التكنولوجية الإلكترونية أن الشركة أعلنت في الأيام الماضية على موقع وظائفها الإلكتروني عن احتياجها إلى خبراء خرائط لتوظيفهم، كما أن تيم كوك الرئيس التنفيذي للشركة استغنى عن خدمات سكوت فورستال رئيس منتجات برمجيات المحمول في عملية تعديل إداري كبيرة شملت أيضا رئيس مبيعات التجزئة الذي عين في الآونة الأخيرة .

وطلب من فروستال الذي عاون ستيف جوبز الراحل، أن يستقيل من منصبه بعد سنوات من الخلافات الحادة مع مديرين كبار في أبل، ورفضه تحمل المسؤولية عن الأخطاء الموجودة في تطبيق الخرائط .

ويبدو أن المشاكل التي تمر فيها أبل تتعدى كونها أخطاء فنية تقنية، لتشمل أيضاً الخلافات الشخصية والإدارية بين المديرين، إذ لا يمكن لأي شركة مهما كانت ضخمة، تحقيق التقدم والنمو في حال كانت تعاني هشاشة في هيكلها التنظيمي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"