ثورة البيانات

03:50 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

لا شك في أن تزايد حجم البيانات باستمرار، وبشكل متسارع، جعلنا نعيش الآن ثورة جديدة، تسمى «ثورة البيانات»، لاسيما مع بروز الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، إذ تم إنتاج ما يقرب من 90% من البيانات في العالم خلال عامين فقط، ويتوقع الخبراء أن تزيد بمقدار 40% سنوياً.
وتشكل «عوادم البيانات»، التي تفرزها التعاملات اليومية للأفراد في المجتمعات، مع الخدمات الرقمية، والهواتف وبطاقات الائتمان ومواقع التواصل الاجتماعي، الجزء الأكبر في التدفق، لتشكل تلك الوقائع مناجم للمعلومات، تفرض علينا ضرورة جمعها وتحليلها، وتوظيفها بما يخدم المجتمع.
الإمارات أدركت أهمية تلك الثورة، في صياغة القرارات وبناء الخطط والاستراتيجيات التي تخدم مختلف المجالات، واعتبرتها ركيزة أساسية في إدارة المستقبل ودقة الإحصاءات، فكان لها رؤى طموحة، تبلور توجيهاتها نحو آفاق أوسع خلال المرحلة المقبلة، إذ تشكل البيانات حجر الزاوية لجميع التحولات والتطويرات.
ولعل البرنامج الأكاديمي لعلم «البيانات الضخمة»، الذي أعلنته جامعة روشستر دبي الحكومية مؤخراً لطلبة الماجستير، واشتمل على 11 مادة علمية تضم «التحليل، وبناء الاستراتيجيات وخطط التطبيق، وإدارة البيانات، وأمنها والمحافظة عليها»، يعد خطوة جادة تترجم رؤى القيادة الرشيدة للدولة في هذا المسار، في وقت باتت مبادرة «بيانات دبي» الأكثر شمولاً وطموحاً على مستوى العالم، ولم تقتصر على إتاحة وفتح البيانات فحسب، بل تركز على جمع الأطراف المعنية بقطاع البيانات وآليات تطبيقها.
أعتقد أن تخزين ومعالجة وتحليل البيانات الضخمة يشكل تحدياً حقيقياً، نظراً لزيادة نموها وتنوعها وتضخمها بشكل معقد وبسرعة كبيرة، لذلك فإن التعامل مع البيانات الضخمة، يتطلب برامج أكاديمية ومناهج علمية تسهم في إعداد جيل من المؤهلين القادرين على إدراك وفهم ماهية تلك الثورة.
ومع ظهور التغييرات في المجتمعات بفعل تلك الثورة، فنحن في حاجة إلى إعداد أبنائنا في المدارس والجامعات على التعامل مع علم البيانات، ليفهموا ماهيته وأهميته، ويستطيعوا تحليل تلك المناجم وتوظيفها ومعالجتها وتحويلها إلى معلومات، يستخرج منها معارف ذات عوائد اقتصادية واجتماعية وتعليمية وتربوية وصحية وأمنية.
والسؤال الذي يفرض نفسه أمام تلك المعطيات، «لماذا لا يركز القائمون على الشأن التعليمي على إعداد مناهج متخصصة، لطلبة المدارس في مختلف مراحل التعليم؟ ولماذا لم يكن لدينا المزيد من البرامج الأكاديمية التي تحاكي هذا المسار؟» لاسيما أن إدارة المعلومات وتحليل البيانات قادرة على تحقيق قفزة نوعية في المعيشة اليومية وإيجاد مصادر أخرى للدخل، وجعل عملية اتخاذ القرارات أكثر كفاءة ومرونة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"