هيبة المعلم

04:23 صباحا
قراءة دقيقتين
محمد إبراهيم

المعلم محور ارتكاز عملية بناء الأجيال، فهو همزة الوصل بين الطالب وعلوم المعرفة، شهد له التاريخ بالرفعة والاحترام، فكان ذا هيبة ووقار لا يجارى ولا يبارى في المجتمعات، ولكن دعونا نسأل أنفسنا عن حاله اليوم، ودعونا نجيب بشفافية عن واقع تراجع هيبته؟
في الأمس القريب جسد لنا مقطع فيديو، تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشهداً قاسياً لم نتمنَ أبداً أن نراه في مدارسنا، إذ تضمن مجموعة من الطلبة، وهم يتراقصون ويتغنون بطريقة مبتذلة في وجود معلمهم، الذي وقف مندهشاً لا حول له ولا قوة، وبعد انتظار وجدناه، يلوّح بيديه مشاركاً الطلبة، في محاولة منه لاحتواء الموقف والسيطرة عليه.
وزارة التربية والتعليم بدورها قررت نقل المعلم تأديباً، لعدم قدرته على السيطرة والسماح للطلبة بالرقص والغناء واعتبرت محاولته لاحتواء الموقف مشاركة للطلبة، لكن الأسئلة التي نطرحها هنا تركز على مدى صلاحية المعلم في عقاب هؤلاء الطلبة ومواجهة تلك السلوكيات؟، وهل تُمكنه لائحة السلوك من ردع الفئات الطلابية غير الملتزمة، التي تؤثر سلباً على «المعلم والمتعلم»، وإن كان رادعاً لماذا تتكرر تلك السلوكيات؟
في الواقع وسيلة العقاب وصلاحيات المعلم في التعامل مع حالات عدم الانضباط الطلابي محدودة ومتواضعة، إذ أعلت لائحة السلوك من شأن الطالب، وأهدرت هيبة المعلم، ولخص قرار الوزارة واقع الحال بلا تجميل أو تحريف، عندما نقلت المعلم، وجعلت إدارة المدرسة تستدعي أولياء أمور الطلبة، لتوقيع التعهدات بعدم تكرار تلك المخالفات، لتنتهي الرواية، وعلينا انتظار تفاصيل رواية جديدة!
إن ما نشاهده من سلوكيات بعض الطلبة السلبية، لا تليق بمكانة العلم والمعلم، وتفصح عن اختلال في التربية الأسرية، القائمة على التدليل الزائد، والإهمال المتواصل، والتهاون في تربيتهم على احترام المعلم وتقدير مكانته، فالطالب المشاغب يذهب إلى المدرسة، إرضاء لأسرته، معتقداً أنها مكان للتسلية، ولا يدرك مساوئ سلوكه، ولا مخاطر تصرفاته، التي تقود لانخفاض حاد في تحصيله الدراسي، وانحدار في وضعه السلوكي، إذ تعوق عطاء المعلم العلمي وإبداعاته.
الصورة أمامنا واضحة، فلائحة السلوك أثبتت عدم فعاليتها، ونحتاج مرشدين متخصصين يجولون مدارسنا، لمعالجة ما أفسدته الأسر في تقويم الأبناء، لنربي قبل أن نعلم، ونبني أخلاقيات الأجيال، فينبغي أن يهاب الطالب معلمه أينما رآه، فاحترامه ليس له عصر بعينه، ولا يتنافى مع عصور تكنولوجيا التعليم والفضاء، ونقولها صراحة إن لم نُعد للمعلم سلطانه وهيبته، لن نستطيع تربية وتعليم الأجيال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"