عادي

شلل الأطفال يعود مجدداً

02:55 صباحا
قراءة 4 دقائق

بُذِلتْ في السنوات العشرين الماضية، جهود جبارة لتخليص العالم من شلل الأطفال . وقد عملت البرامج بنجاح كبير بعض الوقت، حيث انخفض هذا المرض في العالم سنة 2001 من 385 ألف إصابة إلى 483 حالة، وانحصر المرض في أربع دول هي افغانستان، الهند، باكستان، ونيجريا . ولكن تقريراً في الشهر الماضي صادراً عن المركز الأمريكي للسيطرة على المرض، يبين أن الأرقام أخذت تزحف صاعدةً في الآونة الأخيرة، لتصل إلى 1606 حالات في 23 دولة، كما ذكرت صحيفة ذي دومينيون النيوزيلاندية، (23/5/2010) .

تركّز نصف الحالات التي ظهرت في السنة الماضية، في نيجريا، وتُبين الخريطة التي نشرها التقرير المذكور، كيف لعبت تلك الدولة دور المركز في نقل العدوى إلى 12 دولة تمتد من السودان إلى السنغال . وكان قد تمّ في سنة ،2002 إعلانُ وسط آسيا منطقةً خالية من شلل الأطفال، ولكنّ فيروس المرض، عاودَ الانتشار في الشهر أو الشهرين الماضييْن، في الهند وباكستان إلى طاجيكستان واوزبكستان، وتسود الآن مخاوفُ من تفشّي شلل الأطفال في أرجاء المنطقة . . .

ويُلقي المعلقون بمسؤولية ذلك، على عاتق القضايا السياسية والعسكرية والدينية . فالمناطق التي تأثرت بالمرض أكثر من غيرها، مثل افغانستان والمناطق النائية من باكستان، والسودان، تمزقها الصراعات والنزاعات، مما يجعل تحصين الأطفال ضدّ المرض عملية صعبة .

وكتبت صحيفة موسكو تايمز (19/5/2010) عن تفشي هذا المرض في طاجيكستان . ونقلت عن منظمة الصحة العالمية، أنه تم التأكد من حدوث 108 إصابات على الأقل، في هذا البلد .

وتذكر الصحيفة نقلاً عن ناطقة باسم منظمة الصحة العالمية، أن الأسبوع الحالي، يشهد حملات تطعيم جماعي في طاجيكستان واوزبكستان المجاورة لها، للحدّ من انتشار الفيروس . . وقالت المسؤولة المذكورة، إنّ 12 طفلاً طاجيكياً قد توفوا بعد الإصابة بالشلل، ولكنه لم يتضح بعد ما اذا كانت الوفيات ناجمة عن شلل الأطفال بالذات .

وفي هذه الأثناء، تم إدخال ثلاثة أطفال ينتمون إلى طاجيكستان، إلى المستشفى في موسكو، للاشتباه بإصابتهم بشلل الأطفال . كما شُخَّصتْ حالة طفلتين أخريين في روسيا، في الأسبوع الماضي بأنها إصابة بشلل الأطفال .

وعن تفشّي المرض في طاجيكستان، وأثر ذلك على العلاقات الروسية الطاجيكية، كتب بول غوبلز، . . (المتخصص في المسائل العرقية والدينية في يوراسيا، وكان حتى عهد قريب، مدير الأبحاث والمنشورات في أكاديمية آذربيجان الدبلوماسية) . . في موقع يوراسيا ريفيو، (17/5/2010) . . أن تفشي شلل الأطفال في طاجيكستان، جعل موسكو تتخذ سلسلة من الإجراءات لمنع انتشار المرض في الاتحاد الروسي، الذي يمكن أن ينجُم عن استيراد المنتجات الغذائية من تلك الجمهورية الوسط آسيوية، أو عن زيارات الطاجيك لأقاربهم، من العمال المهاجرين الذين يعملون في المدن الروسية .

ويقول الكاتب، إن هذه الإجراءات تبدو ناجحة حتى الآن: فبينما سُجّلت في طاجيكستان منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، 278 حالة شلل أطفال، لم يظهر في روسيا سوى حالتين، هما الأوليان منذ سنة ،1998 كما أنهما قد أصابتا الطاجيك لا الروس .

ولكن الكاتب يلتفت إلى جانب في القضية يتجاوز المرض ذاته . فيقول: على الرغم من وقف امتداد المرض إلى روسيا، إلاّ أن تداعيات ما تسمّيه وسائل الإعلام الروسية حرب شلل الأطفال، لم تتوقف .

فمن جهة، تثير الطريقةُ التي يناقش بها المسؤولون الروس، ووسائلُ الإعلام الروسية تفشّيَ المرض، والتركيزُ حصرياً على الطاجيك والعمال الطاجيك ذوي تصاريح العمل المؤقتة، مواقفَ معاديةٍ للأجانب بين جماعات ذوي الرؤوس الحليقة من القوميين الراديكاليين، والمنظمات المناوئة للأجانب مثل الحركة المناوئة للمهاجرين غير الشرعيين، مما يزيد احتمالات وقوع مصادمات جديدة .

ومن جهة أخرى، لا يهدد نهجُ روسيا بناءَ سدّ روغون الهيدرولوجي في طاجيكستان، وحسب، وهو المشروع الذي تعوّل عليه دوشنبه كثيراً، بل يُنذر كذلك، بإعادة إشعال فتيل حرب أهلية كانت قد ألحقت أضراراً مدمرة بطاجيكستان في تسعينات القرن الماضي .

فقد قال الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية، اندريه نيستِرنكو، يوم الخميس، 13/،5 إن ظهور إصابة بشلل الأطفال لدى طفل طاجيكي عمره تسعة أشهر في مدينة إركوتسك الروسية، يمثل بالمقاييس العالمية، حالة خارقة للمألوف، وأن الحكومة الروسية، قد اتخذت إجراءات إضافية للحيولة دون انتشار الفيروس .

ومن بين تلك الإجراءات، كما قال نيستِرنكو، إجراء تلقيحات إضافية، والفحص عند النقاط الحدودية، وفرض قيود مؤقتة على الزيارات إلى روسيا من قبل الأطفال الطاجيك .

ولكنّ الناطق باسم وزارة الخارجية، أكّد في الوقت نفسه، أنه لا توجد عقبات في طريق دخول الأطفال من مواطني الاتحاد الروسي، العائدين من طاجيكستان إلى أرض الوطن، وأنهم سوف يخضعون للفحص الطبي والتطعيم .

ويضيف الكاتب، أن تصريح نيستِرنكو، جاء في أعقاب تصريح لجينادي اونيشينكو، كبير الأطباء العامين في الاتحاد الروسي، يوم الأربعاء، 12/ ،5 قال فيه إن موسكو طلبت من طاجيكستان مساعدة الروس القاطنين في طاجيكستان، وبخاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن السادسة، في مغادرة الجمهورية والعودة إلى الوطن .

وقال: ولكنّ الجانب الطاجيكي، اتخذ قراراً من جانب واحد، بعدم الإفراج عن أطفالنا . وأضاف، إن تقويمنا لهذا القرار، أنه لا علاقة له بعلم الأوبئة وقد التقطت مواقع الانترنت الروسية المغالية في القومية، والمناوئة للأجانب، هذه اللغة وضخّمتها .

وقال اونيشينكو، في 14/،5 إن بلاده، على الرغم من الحالتين اللتين ظهرتا في روسيا، تظل كما هي من قبل، خالية من شلل الأطفال .

ومع ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الروسية، أن شلل الأطفال يهدد 5 .1 مليون روسي، أي أكثر بقليل من واحد بالمئة من سكان البلاد . ولعله بسبب ذلك، حاول اونيشينكو تهدئة الوضع، بالقول إن الأمور في روسيا تحت السيطرة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"