عادي

بين توسع المدن وتفشي الأوبئة

02:29 صباحا
قراءة 3 دقائق

بينما يتصارع العالم مع وباء «كورونا»، أظهرت دراسة علمية جديدة، أن توسع المدن والمناطق الحضرية يمكن أن يسهم في انتشار أمراض معدية.
أجرى فريق باحثين متعددي التخصصات من جامعة لينكولن البريطانية وجامعة يورك الكندية، دراسة حول توسع المدن عبر العالم، واستنتجوا أن هذا التوسع أسهم في تزايد حالات تفشي الأوبئة منذ الثمانينات.
وتظهر هذه الدراسة، التي نشرتها مجلة «الدراسات الحضرية» الأكاديمية البريطانية، أن التوسع الحضري في محيط المدن- وهو ما يسمى أيضاً «التمدن الممتد»- أخذ يغير بصورة جوهرية العلاقات المكانية التي تحدد كيف يعيش ملايين الناس ويتواصلون مع بعضهم البعض ومع الطبيعة. وهم بذلك يستحدثون «بؤراً بيئية جديدة» ملائمة لانتشار أمراض معدية.
والتمدن الممتد السريع، خصوصاً في البلدان النامية في آسيا وإفريقيا، أخذ يوجد بيئات مماثلة في المناطق المدينية والريفية على السواء؛ حيث يعيش سكان بكثافة في ضواحي حضرية جديدة عند أطراف المدن. وهذه الضواحي يمكن أن تتخذ شكل مناطق ضواحي، أو مستوطنات عشوائية غير مرخص لها، أو مخيمات لاجئين ونازحين، أو أحياء عمال يعيشون على مقربة من مصانع أو مناجم.
ووجدت الدراسة أن مناطق الضواحي هذه والمناطق شبه الحضرية هي أكثر عرضة من المدن ذاتها لأن تصبح مصدراً لأمراض معدية جديدة، أو مصدراً لأمراض معروفة أصلاً.
وهذه المناطق تكون عادة مكشوفة أمام أمراض حيوانية المصدر، لأنها تضع تجمعات بشرية ومواشي على تماس- وهو ما لا يحدث في المدن ذاتها. وهذه المناطق تكون في معظم الحالات ذات كثافة سكانية عالية، وسيئة التخطيط، كما تفتقر لمنشآت صحية ملائمة وكافية، إضافة إلى أنها تبقى خارج أنظار السلطات الحكومية.
وهناك أيضاً مسألة مهمة بالنسبة لسياسات الصحة العامة، هي أن هذه المناطق تشكل حلقة وصل بين المدن والأرياف، ما يجعلها أكثر عرضة لانتشار أمراض وأوبئة. ويشكل تفشي وباء «سارس» (الالتهاب التنفسي الحاد) خلال أعوام 2002- 2004، ووباء «إيبولا» خلال أعوام 2014 - 2016، مثالين بارزين على أوبئة ظهرت في مناطق ضواحي ومناطق شبه حضرية قبل أن تنتشر عبر مدن أكبر.
وتقول دراسة مجلة «الدراسات الحضرية» إن كثيرين من الباحثين الذين أجروا دراسات سابقة حول مصادر الأوبئة لم يركزوا على المناطق الحضرية باعتبارها مصادر أوبئة؛ بل ركزوا بدلاً من ذلك على التباينات الصحية المرتبطة بالفقر والغنى، مثل الأمراض الناجمة عن السمنة. وقد حدد الباحثون الذين أجروا الدراسة ثلاثة أبعاد للصلة بين المناطق الحضرية وخطر تفشي أمراض معدية، هي: التغيرات السكانية، والبنية التحتية، والحوكمة. وهم يقولون إنه يجب إجراء أبحاث متعددة التخصصات لدراسة هذه الأبعاد. وهذا هو في الواقع ما أظهره وباء «كوفيد- 19» (كورونا).
وقال الباحثون إنه من دون التعمق في دراسة هذه الأبعاد الثلاثة والصلات بينها، سيكون من الصعب على صانعي سياسات الصحة العامة تحديد، ومعالجة، أسباب خطر انتشار أمراض معدية في المناطق الحضرية.
كما أشار الباحثون إلى أن تطور وسائل النقل قلص أوقات التنقل بين الأرياف والضواحي والمدن إلى مجرد ساعات، لكن البنى التحتية الحيوية من أجل رعاية الصحة العامة، مثل العيادات الصحية وشبكات المياه النظيفة، لم تتطور بالمثل. واستخلص الباحثون أن تطوير هذه البنى التحتية الحيوية هو أمر أساسي من أجل الحد من انتشار أي وباء قد يظهر في المستقبل.

* تقرير توثيقي لموقع «أوراسيا ريفيو»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"