د. فتحية العوضي: «كورونا» منحني قدرات جديدة

شكراً خط دفاعنا الأول
03:43 صباحا
قراءة 5 دقائق
حوار: محمد الوسيلة

لبت د. فتحية عبدالله العوضي، استشاري طب الأسرة في الخدمات العلاجية الخارجية بشركة صحة والطبيبة في مركز الهيلي الصحي بالعين ومديرة مركز المسح الوطني بالفجيرة حالياً، نداء الوطن والواجب، وبرت بقسمها الطبي، فخاضت تجربتها في الصفوف الأمامية بكل تحدياتها متسلحة بمعارفها الطبية وخبراتها العملية، لتحتل مكانها في جحافل الجيش الأبيض لمنافحة فيروس «كورنا» منذ بدايات تمدده في الدولة.

شكلت العوضي حبة فريدة في عقد كوادر خط الدفاع الأول النفيس في حربنا الضروس مع الجائحة، وتؤكد أن التحدي كان وما زال كبيراً واستوجب حشد الجهود من أجل تحقيق الانتصار الذي تراه قريباً. وأشارت إلى أن الجميع في خندق واحد، الطواقم الطبية بجهودها المتميزة والمواطنون والمقيمون بالانضباط والالتزام بالموجهات التي حددتها السلطات الصحية طبقاً لتوجيهات القيادة الرشيدة، مشيرة إلى أن التجربة تحدٍّ أكسبها مهارات نوعية جديدة، ونقلتها من نطاق العمل الطبي المحض إلى آفاق العمل الإداري ومكنها من التعامل بمرونة مع فرق مشتركة من البلدية والشرطة والدفاع المدني وغيرها.

عن بدايات تعاملها مع جائحة «كورونا»، قالت: أعمل بمركز الهيلي الصحي بمدينة العين، استشاري طب أسرة، كنت أول طبيب يستقبل الحالات المشتبه فيها بالإصابة بفيروس كورونا كمحطة أولى، حيث نقوم بفلترة الأعراض المصاحبة للمريض من حمى وسعال وارتفاع في درجات الحرارة، يتم ذلك بعد أن تكون جميع الطواقم الطبية اتخذت كافة الإجراءات والتدابير الاحترازية، بارتداء الزي الطبي الواقي، ويتم تقييم حالة المريض بناء على الأعراض، ومن ثم أخذ عينة للمختبر، ونطلب من المريض عزل نفسه، واتخاذ كافة الإجراءات طبقاً للبروتكول المعمول به لحين ظهور النتيجة.

وفي طب الأسرة دائماً نسبة كبيرة من المرضى الذين يراجعون المركز الصحي باستمرار هم من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، باعتبارهم يعانون أمراضاً مزمنة.

وتابعت: دورنا كبير وحاسم باعتبارنا حائط الصد لحماية هذه الفئات، لذلك كثفنا جهودنا عبر خطة عمل لمتابعة حالات المركز عبر تفعيل الاستشارة عن طريق الهاتف للحالات المستقرة، فيما يتم إدخال الحالات غير المستقرة إلى الحجر بعناية محددة حتى لا نطيل وجودهم بالعيادة، بعد أن حددنا غرف عزل للحالات المشتبه فيها بعيداً عن الغرف التي نتابع بها المرضى العاديين في المركز، كما قمنا بتوصيل الأدوية للمرضى غير المشتبهين في منازلهم حتى نضمن عدم حضورهم للمركز. وظل تعقيم المركز بشكل يومي واجباً أساسياً ومهماً منذ بداية ظهور المرض بالدولة والمهم جداً كان الإجراءات الاستباقية للطواقم الطبيبة من خلال الالتزام التام بسبل الوقاية التي تم توضيحها للطواقم عبر ورش عمل.

تأجيل مشاعر الأمومة

عن المخاطر المحتملة لنقل العدوى لأسرتها تقول: أنا من إمارة الفجيرة، وأقيم بحكم العمل في العين ومتزوجة وأم لأربعة أبناء، وزوجي يعمل في الشرطة ضمن خطوط الدفاع الأولى، إذ يعمل حالياً في متابعة حالات العزل والحجر، لذلك كانت الإجرءات الاحترازية في البيت عالية جداً، بدأت بتعريف أبنائي بشكل مبسط بكورونا، وكيفية الوقاية منه، وتعريفهم بكيفية التعقيم المستمر، وغسل اليدين والتباعد الجسدي، إلى جانب تأجيل مشاعر الأمومة بالمعانقة والتقبيل إلى وقت لاحق بعد أن أقوم بتغير ملابسي بالكامل، ووضعها في كيس حتى لا تختلط بملابس أفراد الأسرة، وأقوم بعد ذلك بعملية تعقيم كامل لنفسي وأمارس حياتي العادية في البيت، بلا شك أمر شاق، لكنه ضروري ومهم لحماية أبنائي وزوجي من أي مخاطر.

وعن تجربتها بعد اختيارها مديرة لمركز المسح الوطني بالفجيرة، تقول: تم ترشيحي من قبل شركة صحة لإدارة مركز الفجيرة، قبلت التحدي دون تردد، وتحمست لخوضه من أجل شعب الإمارات وأهلي وعشيرتي بإمارة الفجيرة مسقط الرأس، وخاصة أن تجربة مكافحة الفيروس حرجة والاعتماد بشكل أساسي فيها على جهود الأطباء والطواقم الطبية، فضلاً عن كونها فرصة لرد جزء من جميل الوطن علينا، واعتراف بفضل قيادتنا الرشيدة في تعليمنا ورعايتنا وتوفير كافة سبل العيش الكريم. وحال صدور القرار توجهت على الفور إلى الفجيرة بعد زيارة ميدانية إلى مركز المسح بمدينة زايد الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تعرفنا عن كثب إلى آليات عمل المركز ونظم إدارته، وأصبحت أمام التحدي، حيث كان من المقرر افتتاح المراكز في غضون 10 أيام، وبدعم القيادة الرشيدة وثقة شركة صحة في كوادرها الطبية، والتي ذللت كثيراً من الصعاب وبتعاون الحكومة المحلية نجحنا في تأسيس مركز الفجيرة، وتشرفنا بتدشينه من قبل سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة.

وتضيف: جميع الكوادر الطبية بالمركز من أبوظبي، ولأول مرة نعمل سوياً، نجحنا بعد أن أصبحنا أسرة واحدة في العمل بمنهجية واضحة وحماس كبير، وكل فرد يؤدي مهام عمله بكفاءة عالية، وتمكنا من إجراء عدد كبير من الفحوص للمراجعين الذين أبدوا حماسة وإقبالا منقطع النظير، والدليل أن الأغلبية آثرت دفع المبلغ المقرر للتأكد من سلامتها، وهذا في حد ذاته وعي كبير، ونشيد بحرص جميع المراجعين على الحضور بعد تعقيم مركباتهم وارتداء القفازات والكمامات، وخاصة أن الفحص في السيارة آمن مقارنة بالعيادات حيث الاختلاط.

من جانبي، كإدارية نفذت تعليمات «صحة» الواضحة بأهمية الالتزام الصارم بإجراءات الوقاية من تعقيم وغسل لليدين وتحقيق التباعد الجسدي بين الطواقم العاملة بالمركز، إلى جانب توفير أقصى سبل الراحة لهم، حيث تم تسكينهم في أفخم فنادق الفجيرة، وحل مشكلة غسل ملابسهم الطبية، ويعملون بهمة عالية وحماس كبير، يفتقدون فقط وجود أسرهم، لذلك نسمح لهم بزيارة أسبوعية بعد إجراء الفحص الدوري لهم، وينطبق واقع الطواقم الطبية على العاملين أيضا من رجال أمن وعمال، حيث تم توفير سكن خاص وجيد لهم، وعزلهم عن المجتمع لضمان عدم اختلاطهم بالآخرين.

من جانبي أخضع أيضاً للفحص الأسبوعي لحماية أسرتي الكبيرة والدي ووالدتي، خاصة أنهما من أصحاب الأمراض المزمنة وأطفالي، وحرصي عليهم تضخم بداخلي، وباتت كل أسرة تشكل صحتها وحمايتها من الفيروس هماً دائماً لي، لذلك بدأت بتسجيل فيديوهات وتسجيلات صوتية توعوية وبثها عبر جروبات أسرتي وأسرة زوجي.

مصاعب

عن المصاعب التي تواجهها خلال إدارتها للمركز تقول العوضي: على المستوى العام العمل بالمركز يسير كل شيء بسلاسة متناهية وسرعة ملحوظة في إجراء الفحوص، وكان ذلك محل إشادة المراجعين على الرغم من الإقبال الكبير، وخاصة أن المركز يغطي مساحة جغرافية كبيرة، على المستوى الخاص «التعليم عن بُعد»، شكل التحدي باعتبار حاجته إلى تواجد أحد الأبوين، وخاصة أن زوجي أيضا ضمن خط الدفاع الأول، وبعزيمتنا نجحنا في التغلب على ذلك، بتوزيع المهام وإدارة الوقت والتوفيق بين متطلبات العمل والأسرة بشكل متميز، وخاصة أن زوجي داعم وملهم لتجربتي. وتضيف: لا أنسى دعم الوالد والوالدة بالمنزل ورعايتهما لأبنائي أثناء عملي، وأحرص على تحقيق التباعد الجسدي معهما، إلى جانب دعم إدارة الخدمات العلاجية الخارجية في صحة من خلال الاجتماعات الدورية المرئية مع مديري المراكز وزياراتها الميدانية للمراكز.

كما أشيد بتعاون بعض الجهات، وتثمينها لدور المركز من خلال كم الهدايا الذي قدموه للمركز مثل المياه والشوكولاته والخضراوات والفواكه والشواحن المحمولة، وغيرها من هدايا محل تقديرنا واحترامنا، وأيضاً نثمن غالياً دور المتطوعين، وخاصة في الجوانب الإدارية، وأشيد في هذا المقام بدور اللاعب علي خصيف حارس مرمى المنتحب الإماراتي ونادي الجزيرة، بعد أن تطوع بالمركز، وظل ينجز مهام عمله بالكفاءة المطلوبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"