كاراكاتوا.. بركان فرض الشتاء خمس سنوات

02:24 صباحا
قراءة دقيقتين

الشارقة: مها عادل

في 26 أغسطس عام 1883، كانت الشمس ترتفع إلى عنان السماء والنهار ينتصف في جزر الهند الهولندية (إندونيسيا الحالية)، عندما دوى صوت انفجار رهيب، وعاش الملايين من البشر واحدة من أقسى الكوارث الطبيعية المسجلة في التاريخ الحديث. وثار بركان كاراكاتوا، وانفجر في موجة هائلة يقال إنها سمعت على بعد خمسة آلاف كيلومتر، حيث قال شهود من سكان أستراليا إنهم سمعوا صوت البركان.

وعلى مدى يومين كاملين استمرت ثورة الغضب الجيولوجي التي دمرت الجزيرة البركانية الواقعة في مضيق سوندا بين جاوة وسومطرة، كما صاحبت الثورة البركانية موجات تسونامي ساحقة عصفت بشواطئ الجزر التي تكون أرخبيل إندونيسيا لتتسبب في خسائر بشرية ومادية هائلة.

أما التأثير الأكبر لهذه الثورة البركانية فكان ما حدث لبيئة الأرض، بسبب الكميات المهولة من الرماد البركاني التي تصاعدت إلى السماء ووصلت إلى ارتفاع 80 كيلومتراً لتحجب جزءاً من أشعة الشمس وحرارتها، وتسبب ما يعرف بالشتاء البركاني الذي دام خمس سنوات وغيّر من معدلات درجات الحرارة وأثر في مواسم المحاصيل ودورات الزراعة في كل قارات العالم.

كان من الصعب حصر عدد ضحايا ثورة البركان حينها، وحاولت السلطات الهولندية التي كانت تحتل الجزر في ذلك الوقت، أن تقوم بخطة طوارئ عاجلة وتنظم حملة لحصر وإنقاذ الضحايا، ولكن حجم المأساة كان أكبر من قدرتها، وبلغت أعداد القتلى ما يقارب 36 ألف شخص، فضلاً عن مئات الآلاف من المصابين والنازحين والمهجرين الذين دمرت منازلهم وقراهم، إما بسبب الحمم المنصهرة أو بسبب موجات التسونامي العاتية، ويقال إن كل من كان موجوداً في محيط 10 كيلومترات من ثورة البركان أصيب بفقد السمع بسبب صوت الانفجار المدوي، الذي تردد صداه عبر المحيط الهندي ليسمع في مناطق بعيدة على شواطئ الهند وأستراليا، بينما حملت الأمواج ركام البيوت والأشجار التي تفجرت لتصل إلى شواطئ مدغشقر.

واستمرت التأثيرات الجيولوجية للبركان أكثر من 5 عقود، حيث تغيرت ملامح الجزر المحيطة بالبركان، وفي عام 1928 ظهر بركان جديد سُمِّي «أناك كاراكاتوا» ارتفع مسافة 1,063 قدماً فوق مستوى سطح البحر، مكوناً جزيرة جديدة.

وعلى الرغم من كل هذا الدمار الذي سببته ثورة كاراكاتوا، فإن الحياة ازدهرت من حوله في الجزر الإندونيسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"