عادي

هل يوجد أكثر من كون؟

19:50 مساء
قراءة 3 دقائق
الواقع الخفي.. الأكوان الموازية وقوانين الكون العميقة

القاهرة: «الخليج»

حين يتعلق الأمر بكشف الطبيعة الحقيقية للواقع، فالخبرات المشتركة خداعة، فمع بداية القرن الحادي والعشرين صارت هذه النتيجة حقيقة بديهية، وبالتفكير في الأمر نجد أن هذا ليس مفاجئاً بالمرة، فبينما كان أسلافنا يتجمعون في الغابات ويصطادون بين حشائش السافانا، لم يكن للقدرة على حساب السلوك الكمي للإلكترونات أو تحديد التبعات الكونية للثقوب السوداء أن تفيد كثيراً في البقاء على قيد الحياة.

لكن من المؤكد أن امتلاك أدمغة أكبر شكل مزية كبيرة وبينما أخذت قدراتنا العقلية تنمو، فقد نمت معها كذلك قدرتنا على استكشاف البيئة المحيطة بنا على نحو أعمق، وقد بنى الإنسان معدات بغية بسط نطاق حواسنا، فيما أتقن آخرون طرقاً منهجية لرصد الأنماط والتعبير عنها، والمقصود بذلك الرياضيات، وبفضل هذه الأدوات أمكن النظر فيما وراء المظاهر اليومية المعتادة.

يقول براين جرين، صاحب أكثر الكتب مبيعاً ومؤلف كتابي «الكون الأنيق» و«نسيج الكون» في كتابه «الواقع الخفي.. الأكوان الموازية وقوانين الكون العميقة» (ترجمه إلى العربية محمد فتحي خضر): «استلزم الأمر قيامنا بتغييرات جذرية في الصورة التي رسمناها عن الكون، فبفضل الرؤى الفيزيائية والصرامة الرياضية، والتي وجهتها وأكدتها التجارب والمشاهدات، تحققنا من أن سلوك المكان والزمن والمادة، والطاقة، يختلف تماماً عن أي شيء سبق لأي منا رؤيته مباشرة، والآن تقودنا التحليلات الثاقبة لهذه الاكتشافات والاكتشافات الأخرى ذات الصلة، إلى ما يمكن أن يكون الثورة التالية في فهمنا: احتمالية ألا يكون كوننا هو الكون الوحيد الموجود، وهي الاحتمالية التي يستكشفها هذا الكتاب».

يوضح المؤلف: «خلال تأليف هذا الكتاب افترضت أن القارئ لا يتمتع بخبرة سابقة في مجالي الفيزياء والرياضيات، وعوضاً عن ذلك استخدمت تشبيهات واستعارات وحكايات تاريخية بين الحين والآخر، كي أقدم سرداً يسير الاستيعاب لبعض من أغرب الرؤى وأكثرها كشفاً لطبيعة الفيزياء الحديثة، لو ثبتت صحتها، فإن العديد من المفاهيم المقدمة هنا يتطلب من القارئ التخلي عن أنماط التفكير المريحة وأن يعتنق جوانب غير متوقعة للواقع».

* سياق

يشير المؤلف إلى أنه في وقت من الأوقات كانت كلمة «الكون» تعني «الوجود كله» أي كل شيء، وفكرة وجود أكثر من كون واحد، أكثر من وجود شامل، يمكن أن توحي بتناقض في المصطلحات، ومع هذا فقد أدى طيف من التطورات النظرية تدريجياً إلى الحد من معنى كلمة «الكون» وصار معنى الكلمة يعتمد على السياق، في بعض الأحيان.

لا تزال كلمة الكون تشير ضمنا إلى الوجود كله، على نحو مطلق، لكنها في أحيان أخرى تشير فقط إلى تلك الأجزاء من الوجود التي بمقدور أي شخص الولوج إليها، وفي بعض الأحيان تنطبق الكلمة على عوالم منفصلة، عوالم يتعذر علينا جزئياً أو كلياً، وعلى نحو دائم، أو مؤقت، الولوج إليها، وفي هذه الحالة تشير الكلمة إلى أن كوننا مجرد عضو في مجموعة كبيرة قد تكون لا نهائية من الأكوان.

في ضوء تقلص سطوة كلمة الكون هناك مصطلحات أخرى تجسد النسيج الأوسع الذي من المحتمل أن يكون واقعنا كله جزءاً منه، فمصطلحات مثل «العوالم الموازية» أو «الأكوان الموازية» أو «الأكوان المتعددة» كلها مترادفة، وكلها تستخدم لا كي تشير إلى كوننا فحسب، بل إلى طيف من الأكوان الأخرى التي قد يكون لها وجود.

* ظواهر

ظهرت بعض أولى محاولات خوض موضوع العوالم الموازية في خمسينيات القرن العشرين، على يد باحثين متحيرين بشأن بعض جوانب ميكانيكا الكم، وهي النظرية التي طورت بغية تفسير الظواهر التي تقع داخل العالم فائق الصغر للذرات والجسيمات دون الذرية، لقد كسرت ميكانيكا الكمّ القالب الذي أرساه الإطار المفاهيمي السابق، للميكانيكا الكلاسيكية، وذلك عن طريق إثبات أن تنبؤات العلم تتصف بالاحتمالية بالضرورة.

يوضح المؤلف أن نهج العوالم المتعددة في ميكانيكا الكمّ جذب اهتماماً كبيراً في العقود الأخيرة، غير أن عمليات الاستقصاء بينت أنه في إطار مفاهيمي معقد وشائك، ومن ثم حتى يومنا هذا بعد أكثر من قرن من التمحيص يظل هذا المقترح مثيراً للجدل، حيث يرى بعض ممارسي ميكانيكا الكمّ أنه قد ثبتت صحته بالفعل، بينما يزعم آخرون بالقدر عينه من الثقة أن الأسس الرياضية التي يقوم عليها ليست متسقة معاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4bsx6jda

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"