كتابان عن شَيخينِ فَقيهينِ من شيوخ الأحمدية

04:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
بقلم: عبدالغفار حسين

الإشارة إلى الشيخينِ الفقيهينِ في هذا المقال أعني بها رَجلينِ فاضلينِ من شيوخ العِلم الديني هما: الشيخ أحمد حمد الشيباني والشيخ مطر بن عبيد الماجد، رحمهما الله، اللذين كانا على رأس مدرسي المدرسة الأحمدية المشهورة والمعروفة لدى أهالي دُبي، والإمارات الأخرى من الذين عاشوا جزءاً من فترة النصف الأوَّل من القرن الماضي.

وهي، أي هذه المدرسة، تُعتبر، تاريخياً، أول مدرسة شبه نظامية أُقيمت في منطقة تعرف بمنطقة ساحل عُمان أو الإمارات العربية المتحدة حالياً. وما قيل من قِبَل بعض ذوي الإلمام المحدود بتاريخ التعليم في المنطقة عن وجود مدارس مماثلة للأحمدية (غير الكتاتيب)، فإن ذلك رواية شبيهة بروايات عن وجود صحافة قبل «أخبار دُبي» في الإمارات، هذه الروايات التي يصرّ على تكرارها البعض رغم الحقائق المُغايرة.

كتاب «الشيخ الشيباني.. سيرة وتاريخ» الذي أعده الدكتور حمد الشيباني ابن الشيخ أحمد الشيباني عن أبيه، من الحجم المتوسط الذي لا تزيد صفحاته عن أربعين صفحة، كتابٌ أنيق، لا سيما عندما نرى أن باب المدرسة الأحمدية التاريخي يعلو صورته غلاف الكتاب.

وفي نهاية الكتاب، هناك كلمة للأستاذ بلال البدور، الذي كان تلميذاً في المعهد الديني، الذي رَئسهُ الشيخ أحمد الشيباني بعد أن أُغلقت المدرسة القديمة، وحُولَت إلى متحف في فريج الرّاس بديرة، وهو المكان الذي تقوم فيه المدرسة الأحمدية القديمة.

ويروي الشيخ حمد الابن عن أبيه الشيخ الشيباني، الذي عاش وهو صغير في قرية في ساحل الباطنة بعُمان، وتلقى تعليمه الديني علي يَد شيوخ الدين في الكتاتيب والدروس الخاصة في قرية ودام، القريبة من بلدة مصنعة في الباطنة، وكان مُدرسه عالم دين معروفاً هو الشيخ أحمد بن محمد الكازروني، الفارسي الشافعي، وهو فقيه معروف في الباطنة. وكان من بين تلاميذه رَجُل عِلم معروف أيضاً هو الشيخ عبد المجيد الأنصاري، الفقيه والشاعر والأديب، الذي عرفته وأنا صغير، حيث كنت أذهب مع والدي في سيارة «لوري» يملكها ويأخذ فيها المسافرين بين دُبي والباطنة، وكنا في غالب الأوقات نقترب في أسفارنا من مسقط عاصمة عُمان، التي لا تبعد كثيراً عن بلدة المصنعة.

وفي أواخر الأربعينيات كان الشيخ أحمد الشيباني يتولَّى تدريس الفقه للتلاميذ الشافعية، وكانت الدروس الفقهية تُلقى على التلاميذ حسب انتمائهم إلى مدرسة فقهية معينة. وأذكُر حلقات دروس للمالكية والشافعية والحنبلية، فالمالكية يتولَّى تدريسهم، تحت إشراف الشيخ محمد نور، مدير المدرسة، الشيخ مطر بن عبيد بن ماجد، الذي سيأتي ذِكرهُ فيما بعد، والشافعية الشيخ أحمد حمد الشيباني، والحنبلية الشيخ مبارك بن علي الشامسي. أما الدروس الأخرى كالنّحْو والصرف واللغة والحساب فكانت مختلطة، وكان الطلاب موزعين على مدرسين عدة. ولا أدري لماذا كانت دراسة الفقه موزعة حسب المدرسة التي ينتمي إليها الطالب؟! وكان يُقال يومئذ أن هذه هي الطريقة التي يتلقى فيها الطالب دروس الفقه في الجامع الأزهر. وهنا أُسجل ملاحظة للتاريخ: إن المدرسة الحَنَفِيّة، وهي كُبْرَى المدارس السُنّيّة لم تكن موجودة في الأحمدية، لعدم وجود مدرسين أحناف، وكنا يومئذ صغاراً لا نستوعب الأمور المتعلقة بهذا التصنيف المذهبي أو الفقهي.

«رسالة عن الماضي» كتاب الشيخ مطر بن عبيد الماجد المهيري، هذا الكتاب الذي نشره مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، بإشراف الشاب النَبِيه ناصر بن أحمد السَّركال، ألفه وأعدّه الشيخ مطر بن عبيد، الذي أتينا على ذِكرهِ في بداية هذا المقال.

والشيخ مطر هو الشخصية الثانية الذي كان زميلاً للشيخ أحمد الشيباني، وكلاهما كانا يدرسان في الأحمدية في وجود الشيخ محمد نور وفي غيابه، الذي رَحَلَ فيه إلى مكة في بدايات الخمسينيات من القرن الماضي، كما ذكرنا سابقاً.

وفي هذا الكتاب يتحدث بشكل موجز الشيخ مطر عن مدارس الأحمدية والفلاح، وهي المدرسة الأخرى التي وجدت في دُبي (بَرّ دُبي)، وكان مؤسسها مُحسّناً من أهل الحجاز، هو الشيخ محمد علي زنيل.

وفي هذا الكتاب معلومات تاريخية مفيدة عن الغوص وبعض الحوادث، وفيه صور جميلة أضافها للكتاب من اعتنى بجمعه والإشراف عليه، الأستاذ ناصر بن أحمد بن عيسى السَّركال، الشاب النَّشط الذي تخصص في إحياء التراث المحلى واقتناء الكتب التاريخية وتحقيقها والاعتناء بها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"